[محاضرات في مصطلح الحديث]
ـ[ناجي الدوسري]ــــــــ[21 - 07 - 04, 01:47 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
هذه محاضرات ألقاها فضيلة الشيخ الدكتور ماهر ياسين الفحل حفظه الله ونفعنا بعلمه في جامع الدولة بمدينة الرمادي كل يوم أحد بعد صلاة العصر، والمحاضرات في علم مصطلح الحديث.وكان الحضور متميزاً من الدعاة والخطباء وطلبة العلم من أنحاء الأنبار.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يفتح على الشيخ ويبارك فيه، وأن يعلمنا بما ينفعنا وينفعنا بما علمنا أنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
وكتبه
ناجي إبراهيم فهد الدوسري
الثلاثاء، 19 جمادى الاولى، 1425
الحديث الصحيح
الحديث الصحيح: هو ما اتصل إسناده برواية عدلٍ تمَّ ضبطه عن مثله إلى منتهاه، ولم يكن شاذاً ولا معلاً. فيظهر من هذا التعريف أن شروط صحة الحديث خمسة:
الأول: الاتصال، وهو سماع الحديث لكل راوٍ من الراوي الذي يليه.
ويعرف الاتصال بأحد أمرين:
الأول: أن يصرح الراوي بإحدى صيغ السماع كأن يقول الراوي: حدثنا، أو حدثني، أو أخبرنا، أو أخبرني، أو أنبأنا، أو أنبأني، أو سمعت، أو قال لي، أو قال لنا، أو نحوها من صيغ السماع.
الثاني: أن يأتي الراوي بصيغة تحتمل السماع وغير السماع، كأن يقول الراوي: عن، أو أن، أو قال، أو حدث، أو روى، أو ذكر، وغيرها من الصيغ التي تحتمل السماع وعدم السماع.
فهنا تشترط ثلاثة أمور:
الأول: عدم التدليس.
الثاني: المعاصرة.
الثالث: ثبوت السماع.
وقد اكتفى مسلم بالشرطين الأوليين، أما الشرط الثالث فقد اشترطه البخاري، وشيخه علي بن المديني، واشتراطه قول جمهور أهل العلم.
وباشتراط الاتصال يخرج المنقطع، والمعضل، والمعلق، والمدلس، والمرسل.
أما الشرط الثاني: فهو العدالة: وهي هيئة راسخة في النفس تمنح صاحبها عدم فعل الكبائر، وعدم
الإصرار على الصغائر، وعدم فعل ما يخرم المروءة.
أما الشرط الثالث: فهو الضبط: وهو تيقظ الراوي حين تحمله وفهمه لما سمعه، وضبطه لذلك من وقت التحمل إلى وقت الأداء.
والضبط ضبطان: ضبط صدر، وضبط كتاب، ويلخص مما ذكر في الضبط بقولنا: أن يكون الراوي حافظاً عالماً بما يرويه، إن حدث من حفظه، فاهماً إن حدث على المعنى، وحافظاً لكتابه من دخول التحريف أو التبديل، أو النقص عليه إن حدث من كتابه.
وفي اشتراط الضبط احتراز عن حديث المغفل، وكثير الخطأ، وسيئ الحفظ، والذي يقبل التلقين. وهذه الشروط (الاتصال، العدالة، الضبط) الثلاثة تتعلق بالإسناد.
أما الشرط الرابع: فهو عدم الشذوذ، والحديث الشاذ هو الذي خالف فيه راويه من هو أوثق منه عدداً أو حفظاً.
مثاله: ما رواه عبد الواحد بن زياد قال: حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع على يمينه)) فقد أخطأ عبد الواحد بن زياد وشذّحينما جعل الحديث من قول النبي صلى الله عليه وسلم، والصواب أنه من فعله هكذا رواه سهيل بن أبي صالح، عن أبيه عند ابن ماجه (1199)، والنسائي في الكبرى (1456)، وكذا رواه محمد بن إبراهيم، عن أبي صالح عند البيهقي 3/ 45.
وقد صرح جمع من الأئمة بشذوذ رواية عبد الواحد بن زياد منهم البيهقي في السنن الكبرى 3/ 45، فقال عن رواية الفعل: (وهذا أولى أن يكون محفوظاً لموافقته سائر الروايات عن عائشة وابن عباس)، وكذا نقل الحكم بالشذوذ ابن القيم عن شيخه ابن تيمية في زاد المعاد 1/ 308 فقال: (هذا باطل وليس بصحيح، وإنما الصحيح عنه الفعل لا الأمر بها، والأمر تفرد به عبد الواحد
بن زياد وغلط فيه). وبنحو هذا قال الذهبي في الميزان 2/ 672. وهذا الشذوذ في جميع المتن، وهناك شذوذ ببعض المتن كزيادة التسمية في حديث أنس في الوضوء.
أما الشرط الخامس: فهو عدم العلة، هو أن لا يكون الحديث معلاً، والحديث المعل هو ما اطلع فيه على علة خفية تقدح في صحته، مع أن الظاهر سلامة الحديث من العلة.
¥