وقد نقله الحافظ في (اللسان) بحروفه معقبًا على الذهبي، فقال: ((وقال مسلمة بن قاسم: أول ما ذكره كان فقيها جليلاً .. كثير التصنيف .. وكان يحتج في كتبه بالضعيف على الصحيح .. وبالمرسل على المسند .. ونسب في كتبه إلى مالك والشافعي وأبي حنيفة (رحمهم الله تعالى) أشياء لم توجد في كتبهم .. وألف كتاب (تشريف الغني على الفقير) فرد عليه أبو سعيد بن الأعرابي في ذلك ردًا وسمَّاه (تشريف الفقير على الغني).
وكنت كتبت عنه فلمَّا ضعَّفه العقيلي .. ضربتُ على حديثه ولم أحدث عنه بشيء)).
وهنا إلماحة هامة: من ترك مثل ابن المنذر .. في جلالته وقدره .. لكلام العقيلي فيه .. دل على أنه يحتاط في الرواية .. ولا يأخذ عن كل من فيه شبهة .. ويُعذر في تركه مثل المنذري .. لأنه سمع فيه كلام شيخه العقيلي وهو أقعد بعلم الرجال وأعرف.
فهل يصح بعد هذا أن يتهم هو في نقله؟!.
ولكن للأنصاف لا نقبل .. قول مسلمة .. لأنه تبع شيخه .. بدون شك .. ومتأثر به.
وفي ترجمة: إسماعيل بن عبدالكريم نقل نصًا عنه بواسطة ابن القطان.
ونقل في (التذكرة) و (السير) ثناءه على العقيلي وامتحانه له.
كما أنه ثبت لي كذلك أن الذهبي لم يطلع عليه .. ولذا لا يقبل إدخال الذهبي له في الضعفاء .. فهو لم يعرفه حق المعرفة .. وقوله غير مسلم .. طالما أن الأمر على ما ذكرنا.
وأنا في الواقع .. لم يكن خاف علي .. أن الذهبي ترجمه في (السير) .. وغيرها من كتبه .. (فهذا ظاهر لا ينكر) .. حتى تجعل ذلك دليلاً على معرفته له.
لكن لا يعني هذا أنه على معرفة به .. إنما وقف على (تا ريخ) ابن الفرضي فحسب فنقل منه .. وزدتك على مصادرك (تا ريخ الإسلام).
وأكبر الأدلة على ذلك أنه لم يستفد من أقواله في جميع كتبه .. ولا يستغني عنه أحد .. كتب في الجرح والتعديل .. فما بالك بالذهبي .. الذي لم يدع أحدًا إلا ونقل عنه .. بغض النظر عما قيل فيه ..
وكان يلزمه على حسب منهجه في (الميزان) أن يذكر عشرات الرواة الذين تكلم عليهم مسلمة في (الذيل).
فما باله لم يذكر أحدًا منهم؟!: هلا أجبت؟!!
لقد انبرى لذلك الحافظ ابن حجر فزان كتابه (اللسان) برواة مسلمة.
ومن الأمور الظاهرة على عدم معرفته أنه لم يذكره البتة في كتاب ((ذكر من يُعتمد قوله في الجرح والتعديل)) وذكر من هو أقل شأنًا منه .. وقد تقول: لعله لم يذكره من أجل أنه عنده غير مرضي ..
فأقول: ما باله ذكر ابن خراش .. والأزدي .. وغيرهما ممن طُعن فيهم.
فهل .. ثم هل استبان الصبح لذي عينين؟!!.
أما ما ذكرت في ردك من أن الذهبي أعرف من ابن حجر وأقعد بعلم الرجال .. (فهذا لك).
تنبيه: لقد ثبت لي بعد الاستقراء أن المزي لم يطلع على كتاب (الصلة) .. فلا يحتج بأنه لم يرضه!
وكتب محبكم / يحيى (العدل) في 9/ 4/1423هـ.
وإلى لقاء قريب في (الحلقة السادسة)
ـ[عبدالله العتيبي]ــــــــ[20 - 06 - 02, 05:50 م]ـ
نفع الله بك يا شيخ يحي على هذا الطرح المفيد
ـ[عبدالله العتيبي]ــــــــ[26 - 06 - 02, 03:02 ص]ـ
للفائدة
ـ[يحيى العدل]ــــــــ[29 - 06 - 02, 01:05 م]ـ
(الحلقة السادسة)
وممن اعتمد أقوله وأفاد منها الحافظ الأمير علاء الدين مغلطاي .. والحافظ ابن حجر .. والعلامة ابن قطلوبغا .. وهم من أئمة المتاخرين في الجرح والتعديل.
فقد اطلعوا على (الصلة) وأفادوا منه فوائد جمة
فلو قلت: إن جملة كبيرة من زوائد مغلطاي .. وابن حجر .. على المزي في كثير من الرواة من قبله .. لم أبعد.
فقد ارتضياه .. وحكماه .. في كثير مما زادا على المزي .. ولا أعلم أحدًا يُدانيهما (بعد الذهبي) في كمال المعرفة والفهم .. والعلم بأحوال الرجال.
كما أنَّ (الصلة) مع كتاب ابن حبان (الثقات) .. و (الجرح) لابن أبي حاتم، و (التاريخ) للخطيب. عماد كتاب (ثقات) ابن قطلوبغا.
وقد اضطررت أن أتتبع كتب هؤلاء الثلاثة:
1 ـ (إكمال تهذيب الكمال) لمغلطاي ..
2 ـ وكتابي (تهذيب التهذيب) و (التقريب) .. و (اللسان) لا بن حجر ..
3 ـ وكتاب (الثقات) لابن قطلوبغا ..
وذلك لمعرفة موقفهم منه ومن أقواله: وكانت النتيجة أن الرجل حجة عند الجميع .. بل عمدة في كثير من الرواة .. لا يعرفون إلا من قبله.
وخلال تجوالي في هذه المصنفات لعدة أيام خلت قضيتها في جمع أقواله والتمعن فيها ظهر لي التالي:
1 ـ أنه ذو اطلاع واسع على الرجال .. ولا يذيل على البخاري .. إلا من كان له من المعرفة وسعة الاطلاع .. ما للأئمة الكبار كابن أبي حاتم ومن على شاكلته.
2 ـ أنه جمع هذه المادة الغزيرة .. بالسؤال لشيوخه .. وبالتتبع والاستقراء.
3 ـ أنه صاحب فهم وبصر بالرجال .. والعلل والاختلاف .. ونحو ذلك مما له أثر على الرواة .. وهذا ساعده على إصدار أحكامه .. التي لم يُنتقد عليه منها إلا ما لا يكاد يذكر.
4 ـ أنه تكلم في بعض الرجال وهو على دراية بحاله إما بلقيه له .. وإما بسؤال الرواة عنه .. وإما بسبره لحديثه.
5 ـ ربما تعقبوه في النارد .. وهذا ما لا يخلوا منه أحد.
وهذا حصل لي من نظري لبضع عشرات من الرواة .. فقط والأمر يحتاج لمزيد تتبع ..
وبعد: فلا ينكر قدر هذا الرجل إلا من ليس الحديث بضاعته .. ولذا عرف له الحفاظ الذين أفادوا من كتبه مكانته وتقدمه .. فاحتجوا بأقاويله جرحًا وتعديلاً .. سواءً شاركه غيره أم انفرد ..
فهو عمدة عندهم في ضروب شتى من أحوال الرواة وتاريخهم:
1 ـ من ذلك أقواله في الجرح والتعديل.
2 ـ وأقواله في أنساب الرواة.
3 ـ وأقواله في وفياتهم.
4 ـ وجمعه لشيوخ الرواة وتلاميذهم .. خاصة الأندلسيين.
فلا يقال والحالة هذه أن أقواله فيها نظر .. (لأجل ما قيل فيه) .. فمن صاحب النظر؟ .. يا تُرى بعد هؤلاء الأئمة!! ..
وكتب محبكم يحيى العدل في 18/ 4/1423هـ.
وإلى لقاء قريب في الحلقة السابعة.
¥