قال ابن تيمية رحمه الله: " وهو ضعيف. أما أولا: فإن قوله: " اشترطي لهم " صريح في معناه واللام للاختصاص وأما قوله: (ولهم اللعنة فمثل قوله: (لهم العذاب و (لهم خزي وهو معنى صحيح؛ ليس المراد أنهم يملكون اللعنة؛ بل هنا إذا قيل: (لهم اللعنة والمراد أنهم يجزون بها وإذا قيل: عليهم فالمراد الدعاء عليهم باللعنة فالمعنيان مفترقان. وقد يراد بقوله: " عليهم " الخبر: أي وقعت عليهم فحرف الاستعلاء غير ما أفاده حرف الاختصاص وإن كانا يشتركان في أن أولئك ملعونون. وقوله: " اشترطي لهم " مباين لمعنى اشترطي عليهم فكيف يفسر معنى اللفظ بمعنى ضده وأيضا فعائشة قد كانت اشترطت ذلك عليهم وقالت: " إن شاءوا عددتها لهم عدة واحدة ويكون ولاؤك لي فامتنعوا ". وأيضا فإن ثبوت الولاء للمعتق لا يحتاج إلى اشتراطه؛ بل هو إذا أعتق كان الولاء له سواء شرط ذلك على البائع أو لم يشرط ".
قال ابن القيم بعد سياقه هذا القول والآية {وإن أسأتم فلها} " وردت طائفة هذا الاعتذار بخلافه لسياق القصة ولموضوع الحرف وليس نظير الآية فإنها قد فرقت بين ما للنفس وبين ما عليها بخلاف قوله اشترطي لهم ".
قال ابن حجر في الفتح: " ثم حكى الطحاوي أيضا تأويل الرواية التي بلفظ " اشترطي " وأن اللام في قوله: " اشترطي لهم " بمعنى " علي " كقوله تعالى: (وإن أسأتم فلها) وهذا هو المشهور عن المزني وجزم به عنه الخطابي، وهو صحيح عن الشافعي أسنده البيهقي في " المعرفة " من طريق أبي حاتم الرازي عن حرملة عنه، وحكى الخطابي عن ابن خزيمة أن قول يحيى بن أكثم غلط، والتأويل المنقول عن المزني لا يصح. وقال النووي: تأويل اللام بمعنى على هنا ضعيف، لأنه عليه الصلاة والسلام أنكر الاشتراط، ولو كانت بمعنى على لم ينكره. فإن قيل ما أنكر إلا إرادة الاشتراط في أول الأمر، فالجواب أن سياق الحديث يأبى ذلك. وضعفه أيضا ابن دقيق العيد وقال: اللام لا تدل بوضعها على الاختصاص النافع، بل على مطلق الاختصاص، فلا بد في حملها على ذلك من قرينة ".
قال الباجي في شرح المنتقى عن هذا القول:
" وهذا غير صحيح فإن في رواية ابن عمر في هذا الحديث أنهم أبوا إلا أن يكون لهم الولاء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمنعك ذلك فإن الولاء لمن أعتق، ثم بين ذلك بقوله ما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله عز وجل من اشترط شرطا ليس في كتاب الله عز وجل فهو باطل، وذلك يقتضي أنهم وإن اشترطوا الولاء لأنفسهم في البيع فإن اشتراط ذلك لا ينفع ولو اشترطوه مائة مرة فإن شرط الله يعني ما أمر به وشرعه أحق وأوثق وإنما الولاء لمن اشترط الولاء بالعتق لا بالشرط ".
وقال ناقلا عن سحنون: " وأنكر قول من قال اشترطي لهم بمعنى عليهم وقال ما علمت من قاله".
قال ابن عثيمين في سلسلة لقاءات الباب المفتوح " بعضهم قال: إن (اللام) هنا بمعنى (على) أي: اشترطي عليهم، كما في قوله تعالى: أولئك لهم اللعنة [الرعد:25] أي: عليهم اللعنة، لكن هذا التفسير باطل؛ لأنها قد اشترطت عليهم الولاء ولم يقبلوا ".
القول الثالث: أنه بمعنى ترك المخالفة لما شرطه البائعون، وعدم إظهاره النزاع فيما دعوا إليه:
قال ابن دقيق العيد:
وثانيهما ما فهمته من كلام بعض المتأخرين، وتلخيصه: أن يكون هذا الاشتراط بمعنى ترك المخالفة لما شرطه البائعون، وعدم إظهاره النزاع فيما دعوا إليه، وقد يعبر عن التخلية والترك بصيغة تدل على الفعل.
ألا ترى أنه قد أطلق لفظ الإذن من الله تعالى على التمكين من الفعل والتخلية بين العبد وبينه، وإن كان ظاهر اللفظ يقتضي الإباحة والتجويز؟ وهذا موجود في كتاب الله تعالى على ما يذكره المفسرون، كما في قوله تعالى: {وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله}.
وليس المراد بالإذن ههنا: إباحة الله تعالى للإضرار بالسحر.
ولكنه لما خلى بينهم وبين ذلك الإضرار: أطلق عليه لفظة " الإذن " مجازا، وهذا - وإن كان محتملا إلا أنه خارج عن الحقيقة من غير دلالة ظاهرة على المجاز من حيث اللفظ ".
¥