· وقد ورد في فضل الأذان أحاديث عدة منها: حديث أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لَاستَهَمُوا)، وحديث معاوية 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أن رسول الله r قال: (المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة) مسلم. وطول العنق صفة جمال وتميز.
وجاء أنه يُغفَر للمؤذن مد صوته، ولا يسمع صوتَه شيءٌ إلا شهد له يوم القيامة.
مسألة: قال: (وهما مشروعان للصلوات الخمس دون غيرها).
الأصل في مشروعيتهما: الكتاب، السنة، والإجماع.
- من الكتاب:} وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاة ِ {،} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ {.
- من السنة: حديث عبد الله بن زيد بن عبد ربه 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ورؤياه في كيفية الأذان.
- وأجمع المسلمون على مشروعيتهما.
ولو قال رحمه الله تعالى: [للصلوات الخمس والجمعة] لكان ذلك أولى؛ فلا يشرعان لعيدٍ ولا كسوفٍ ولا استسقاءٍ ولا غير ذلك من الصلوات، ولعله اكتفى بالخمس دون الجمعة لأنها بدل عن الظهر.
قوله: (للرجال دون النساء) لحديث أسماء رضي الله عنها مرفوعاً: (ليس على النساء أذان ولا إقامة) البيهقي بسند ضعيف، وجاء عن أنس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - موقوفاً عليه أنه سئل: هل على النساء أذان وإقامة؟ قال: لا. ابن أبي شيبة بسند صحيح. ولأن المرأة ليست أهلاً لرفع الصوت. لكن نص الإمام أحمد أنه لا بأس أن تؤذن، وقالوا: هذا إذا لم ترفع صوتها.
*مسألة: حكم الأذان والإقامة؟
المعتمد في المذهب: أنهما فرضا كفاية، بدليل حديث مالك بن الحويرث t أنه r قال: (فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم) متفق عليه. قالوا: ولأن الأذان من شعائر الإسلام أشبه الجهاد. وأما الإقامة فهي كالأذان معنى، فلزم أن تكون مثله حُكماً.
· تنبيه:-
الصلاة بلا أذان ولا إقامة صحيحة مع الكراهة، وإذا اتفق أهل بلد على تركهما قاتلهم الإمام؛ لفعل النبي r .
مسألة: عدد جمل الأذان: خمس عشرة جملة.
التكبير أوله (أربع)، والشهادتان (أربع)، والحيعلتان (أربع)، والتكبير آخره (مرتان)، وكلمة الإخلاص (مرة).
هذا هو أذان بلال t ، وهو المختار عند الإمام أحمد، ويثوّب في أذان الفجر خاصة فيقول بعد الحيعلة: الصلاة خير من النوم (مرتين)، وذلك في الأذان الثاني عند الجمهور.
قوله: (لا ترجيع فيه)
الترجيع: أن ينطق بالشهادتين مرتين سراً قبل أن يجهر بهما.
وهذه – أي الأذان بالترجيع – صفة أخرى للأذان ثابتة، وهو المعروف بأذان أبي محذورة t .
مسألة: عدد جمل الإقامة: إحدى عشرة جملة.
التكبير أولها (مرتان)، والشهادتان (مرتان)، والحيعلتان (مرتان)، وقوله (قد قامت الصلاة)
(مرتان)،والتكبير آخرها (مرتان)، وكلمة الإخلاص (مرة). وهذه إقامة بلال t .
صفات المؤذن:
1 - أن يكون أميناً.
لأمرين: لأنه مؤتمن على أوقات صلواتهم وإفطارهم وصيامهم، ولأنه مؤتمن على عوراتهم إذا كان يؤذن على موضع عالٍ تُرى منه بيوتهم.
2 - أن يكون صيتاً – رفيع الصوت.
لكي يسمعهم النداء ويتحقق به مقصود الأذان.
3 - أن يكون عالماً بالأوقات.
ليؤذن لهم أوائل الأوقات، فإن لم يكن عالماً بها فربما أخطأ في ذلك.
قوله: (ويستحب أن يؤذن قائماً متطهراً على موضع عالٍ مستقبل القبلة) فإن أذن قاعداً لغير عذر كره، وقيل: يعيد الأذان، وإن أذن على غير طهارة أجزأ، والأذان مسنون إلى جهة القبلة بالإجماع.
وقوله: (فإذا بلغ الحيعلة التفت يميناً وشمالاً ولا يزيل قدميه) فيلتفت عند قوله: (حي على الصلاة) يميناً، وعند قوله: (حي على الفلاح) شمالاً.
وقوله: (ويجعل أصبعيه في أذنيه) لأنه أرفع للصوت، والمقصود بالإصبعين السبابتين، أي: المسبحتين.
- من السنة التَّرسُّل في الأذان (أي: التمهل والتأني)، والحدْر في الإقامة (أي: الإسراع فيها).
قوله: (ولا يؤذن قبل الأوقات إلا لها) أي: إلا لصلاة الصبح، فإن لها أذانين: أحدهما قبل طلوع الفجر لقوله r : ( لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره فإنه يؤذن، أو قال ينادي، بليل ليُرْجِع قائمكم ويوقظ نائمكم).
ويستحب أن يكون هذا الأذان قريب طلوع الفجر ليحصل المقصود منه كما صح أنه لم يكن بين الأذانين: أذان بلال وابن أم مكتوم y إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا.
مسألة: يستحب لمن سمع المؤذن أن يقول كما يقول إلا في الحيعلتين: فيقول: (لا حول ولا قوة إلا بالله)، فإذا فرغ صلى على النبي r وقال: (اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آتِ محمد الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته).
ومن فَضْلِ ذلك أن تحل له شفاعة رسول الله r .
* مسألة: هل يتابع المؤذن نفسه؟ (قولان للعلماء). والأقرب أنه لا يتابع.
*مسألة: هل يتابع حال الإقامة فيقول السامع كما يقول المقيم؟
قيل: الإقامة إذان، كما جاء في الحديث: (بين كل أذانين صلاة) فسماه أذاناً.
وقيل: بل إذا عُرِّف الأذان في النصوص أريد به الأذان الأول المعروف، فعلى هذا لا يتابع. والله أعلم.
· تنبيه:
الزيادة في الأذان من البدع، ومن ذلك الزيادة التي أحدثها الزيدية الشيعة: (حي على خير العمل) وغيرها، فهي بدعة ينبغي إنكارها.
· تنبيه:
لا يصح الأذان إلا مرتباً متوالياً من شخص واحد، فإن فرق بين كلماته بذكر أو كلام يسير مباح كُرِه لغير حاجة. وبالله التوفيق.
¥