تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[11 - 08 - 07, 01:19 ص]ـ

قول المصنف: (فإذا فرغ منهما) أي: الركعتين (جلس للتشهد مفترشاً) وهذا إذا كان في التشهد الأول من ذات التشهدين، وفي تشهد الثنائية أيضاً على المذهب، وقد سبق بيان صفة الافتراش في الجلسة بين السجدتين.

قال المصنف: (ويضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، ويده اليمنى على فخذه اليمنى يقبض منها الخنصر والبنصر ويحلق الإبهام مع الوسطى ويشير بالسبابة في تشهده مراراً).

الخِنصر (بكسر الصاد وفتحها): الإصبع الصغرى، والبنصر: التي بينها وبين الوسطى، والإبهام: أكبر الأصابع، والسبابة: التي تليها.

أما وضع اليدين حال الجلوس فكما سبق بيانه في الجلسة بين السجدتين ..

وأما هيئة الأصابع، فقد وردت على ثلاث صفات كذلك:

الأولى: أن يقبض أصابعه كلها ويشير بالسبابة.

الثانية: أن يقبض الخنصر والبنصر والوسطى، ويجعل رأس الإبهام في أصل السبابة.

الثالثة: أن يقبض الخنصر والبنصر، ويحلِّق الإبهام مع الوسطى ويشير بالسبابة.

مسألة:كيف تكون الإشارة بالسبابة في هذا الموطن؟

قيل: يشير بها إلى التوحيد؛ لقوله r لمن رآه يشير بسباتي يديه: (أحِّد، أحِّد)، وقيل: يشار بها حال الدعاء في غالب التشهد. أما التحريك فقد جاء في إحدى روايات حديث وائل بن حجر t يصف صلاة رسول الله r ، وفيه: (ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها) إلا أن هذا قد تفرد به زائدة بن قدامة عن أحد عشر راوياً، ويعتبر ذلك مخالفةً منه لهم وإن كان من الثقات [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=647150#_ftn1) . وعلى فرض اعتبار هذه الزيادة فلعل الراوي قد رأى ابتداءَ رفعِها فقال بذلك، والله أعلم .. لاسيما أنه قد جاء ما يفيد أنه r لا يحرك سبابته صريحاً من حديث ابن الزبير t ، إلا أنه قد ضُعِّف. قال البيهقي في سننه الكبرى: (فيحتمل أن يكون المراد بالتحريك: الإشارةَ بها لا تكرير تحريكها، فيكون موافقاً لحديث ابن الزبير t، والله تعالى أعلم). والسنة أيضاً: أن يرمي ببصره إلى سبابته.

*تنبيه:حني الإصبع عند الإشارة بها في التشهد ورد من حديث ضعيف عند أحمد وبعض أصحاب السنن.

قول المصنف: (ويقول: التحيات لله، والصلوات والطيبات) إلى قوله: (وأشهد أن محمداً عبده ورسوله) وهذا أصح ما ورد عن النبي r في التشهد، وهو تشهد ابن مسعود t كما علمه إياه رسول الله r .

وقد جاء في الصحيحين عنه t ، وهو التشهد المختار عند الإمام أحمد رحمه الله تعالى .. ولعل ذلك بسبب ما يلي:-

1 - أنه أصح حديث في التشهد فقد روي من أكثر من عشرين طريقاً.

2 - أنه أمره أن يعلمه الناس.

3 - قال الترمذي: (العمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين).

والصلوات: الدعوات، والطيبات: الأقوال والأعمال الطيبة.

- وجاء أيضاً مما ثبت تشهد ابن عباس t : ( التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله) مسلم.

- وثبت غير ذلك صحيحاً عن عمر وعائشة رضي الله عن الجميع.

*مسألة:السنة إسرار التشهدين إجماعاً، وفي حديث ابن مسعود t قال: (من السنة أن يخفى التشهد) أبو داود والترمذي وحسنه، والحاكم وقال: حسن صحيح على شرط البخاري ومسلم.

وقوله: (ويستحب أن يتعوذ من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال) كما جاء الأمر بالاستعاذة منها في الصحيحين من حديث أبي هريرة t.

وفتنة المحيا تكون باتباع الشهوات المحرمة أو اعتقاد الشبهات .. وفتنة الممات تكون بالانحراف عند سكرات الموت وسوء والخاتمة، نسأل الله السلامة والعافية.

(ثم يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله) ولو زاد (وبركاته) فهي ثابتة صحيحة، (وعن يساره كذلك) ولو زاد فيها:ً (وبركاته) فقد صححها بعض المحدِّثين المعاصرين، واعتبرها جمع من المتقدمين زيادةً شاذة. والله أعلم.

وكلتا التسليمتين ركن في مشهور المذهب، فلو سلم تسليمة واحدة لم يجزئه ذلك، حتى قيل: (لا يصح في تسليمة واحدة شيء).

وقول المصنف: (وإن كانت الصلاة أكثر من ركعتين ينهض بعد التشهد الأول كنهوضه من السجود، ثم يصلي ركعتين لا يقرأ فيهما بعد الفاتحة شيئاً) وهذا غالب فعله r ، وإلا فقد استفاد بعض العلماء من حديث أبي سعيد t في صلاة الظهر أنه كان ربما قرأ في الثالثة والرابعة بعد الفاتحة، وصح من فعل أبي بكر t في ثالثة المغرب أنه كان يقرأ بعد الفاتحة:} رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتََ الْوَهَّابُ {.

(فإذا جلس للتشهد الأخير تَوَرَّكَ فنصب رجله اليمنى وفَرَشَ اليسرى وأخرجها عن يمينه) وهذه إحدى صفات التورك.

قال: (ولا يتورك إلا في صلاة فيها تشهدان) وهذا هو المذهب، أعني التفريق بين التشهد الأول من الصلاة _ ومثله عندهم: التشهد في ذات الركعتين _ وبين التشهد الأخير من الثلاثية والرباعية.

· وأخيراً فمع العناية بما سبق من كيفية الصلاة، فلا بد أن يهتم المسلم بالخشوع فيها وحضور القلب واستشعار الوقوف بين يدي الله في ذلك المقام، وأن من الناس من لا تنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر لعدم اشتمالها على ما أسلفنا؛ فالخشوع روح الصلاة ولبها، والله المستعان وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.


(1) قال الإمام ابن خزيمة رحمه الله (2/ 354): (ليس في شي من الأخبار"يحركها"إلا في هذا الخبرزائد ذكره).
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير