" و هو حمل متجه ... فمن صلى فرضا قاعداً و كان يشق عليه القيام أجزأه و كان هو و من صلى قائما سواء كما دل عليه حديث أنس و عائشة، فلو تحامل هذا المعذور و تكلف القيام – و لو شق عليه - كان أفضل لمزيد أجر تكلف القيام فلا يمتنع أن يكون أجره على ذلك نظير أجره على أصل الصلاة فيصح أن أجر القاعد على النصف من أجر القائم. و من صلى النفل قاعدا مع القدرة على القيام أجزأه وكان أجره على النصف من أجر القائم بغير إشكال ".اهـ
فالحافظ يقول بقول الجمهور في أن المعذور إذا صلى قاعدًا فله الأجر كاملاً و ليس نصف الصلاة، و هذا مخالف لظاهر تأويل الخطابي و لما فسر به الألباني رحمه الله الحديث.
و لذلك قال الشوكاني رحمه الله كما في " النيل " (3/ 99) تعليقًا على تأويل الخطابي: " وهو محمل ضعيف لأن المريض المفترض الذي أتى بما يجب عليه من القعود و الاضطجاع يكتب له جميع الأجر لا نصفه.
قال ابن بطال: لا خلاف بين العلماء أنه لا يقال لمن لا يقدر على الشيء لك نصف أجر القادر عليه بل الآثار الثابتة عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أن من منعه الله و حبسه عن عمله بمرض أو غيره يكتب له أجر عمله و هو صحيح ".اهـ
قلت: حتى حديث أنس رضي الله عنه فإنّ الإستدلال به لا يتم لأنه وارد في المتنفل القادر، بدليل سياقه في بعض رواياته، ففي مصنف عبد الرزاق (4121) و مسندي أحمد (12418) و أبي يعلى (3583) عن أنس رضي الله عنه قال:
" قدم النبي صلى الله عليه و سلم المدينة و هى محمة فحم الناس فدخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد و الناس قعود يصلون فقال النبي صلى الله عليه و سلم: (صلاة القاعد نصف صلاة القائم)، فتجشم الناس الصلاة قياما ".
و هذا رجاله رجال الشيخين و هو يدل على أمرين؛ أحدهما أن الصلاة التي كانوا يصلون كانت نافلة، و قد بيّنه حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، و هو في الموطأ، قال:
" لما قدمنا المدينة نالنا وباء من وعكها شديد، فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم على الناس و هم يصلون في سبحتهم قعودا فقال: (صلاة القاعد على نصف صلاة القائم) ".
و عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:
" قدمنا المدينة فنالنا وباء من وعك المدينة شديد و كان الناس يكثرون أن يصلوا في سبحتهم جلوسا. فخرج النبي صلى الله عليه و سلم عليهم عند الهاجرة و هم يصلون في سبحتهم جلوسا، فقال: " صلاة الجالس نصف صلاة القائم ". قال: و طفق الناس حينئذ يتجشمون القيام ".
رواه عبد الرزاق (4120) بسند رجاله رجال الشيخين.
قلت: و قيام الناس بعد سماعهم كلام رسول الله صلى الله عليه و سلم دليل على قدرتهم على ذلك و لو مع المشقة، و كان في وسع القوم - و الحال أنهم في نافلة - أن يصلوا قاعدين، و لكن رغبتهم في الثواب دفعهم إلى ما صنعوا. رضي الله عنهم و أرضاهم أجمعين.
ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[11 - 05 - 07, 09:19 م]ـ
و من (الصلاة في النعال و الأمر بها)
• قوله رحمه الله (ص: 80): و " كان يقف حافياً أحياناً، و منتعلاً أحياناً ".اهـ
قلت: ليس هذا الفصل من موضوع كتابه الذي جعله في صفة صلاة النبيّ صلى الله عليه و سلم من تكبيرة الإحرام إلى التسليم. و النعال لا تعلق لها بالصلاة و أحكامها، و لذلك قال العلامة ابن دقيق العيد في (إحكام الأحكام 1/ 384): و الحديث دليل على جواز الصلاة في النعال – يعني حديث أنس " أكان النبيّ صلى الله عليه و سلم يصلي في نعليه؟ قال: نعم " – قال: و لا ينبغي أن يؤخذ منه الإستحباب , لأن ذلك لا يدخل في المعنى المطلوب من الصلاة.اهـ
فأعجب ممن يعدّ الصلاة في النعال من السنن التي يستحب فعلها، و بعضهم يطالب بإحيائها، و لو على الفرش. و قد ثبت عن جماعة من الصحابة منهم؛ عائشة و عبد الله بن عمرو و أبو هريرة رضي الله عنهم كلّ منهم يقول:
" رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي حافيًا و منتعلاً ". و في بعض روايات حديث عائشة رضي الله عنها:" لا يبالي أيّ ذلك فعل " أخرجه البيهقي في " السنن " (4054) و في " الشعب " (5986).
و عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:
" إذا صلى أحدكم فليلبس نعليه أو ليخلعهما بين رجليه و لا يؤذي بهما غيره ".
¥