تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أخرجه أبوداود (655) و صححه الألباني رحمه الله، و ابن خزيمة (1009) و ترجم له (باب: الصلاة في النعلين و الخيار للمصلي بين الصلاة فيهما و بين خلعهما و وضعها بين رجليه كي لا يؤذي بهما غيره) و الحاكم في " المستدرك " (952) و قال: صحيح على شرط مسلم، و أقره الذهبي رحمه الله في " مختصره ".

و في هذا الحديث من الفقه؛ أن الإنتعال للصلاة ليس مقصودًا لذاته، و أنّ ذلك عائد للمصلي حسب ما تيسر له.

و أنه ينبغي تجنب إذية المصلين و هذا أمر معتبر شرعًا، و درؤه آكد من فعل أمر أقصى ما فيه أنه مستحب.

و اعلم أن المساجد لم تكن في زمن النبوة مفروشة بغير الحصباء و الرمل فيصلح فيها ما لا يصلح في مساجدنا اليوم، و هذا أمر ينبغي عدم إغفاله عند العمل بالسنن. و قد نقل ابن رجب رحمه الله في "فتح الباري" عن بكر بن محمد قال:

قلت لأبي عبد الله - يعني الإمام أحمد بن حنبل -: ما ترى في الرجل يبزق في المسجد ثم يدلكه برجله؟ قال: هذا ليس هو في كل الحديث. قال: و المساجد قد طرح فيها بواري ليس كما كانت.

قال: فأعجب إلي إذا أراد أن يبزق و هو يصلي أن يبزق عن يساره إذا كان البزاق يقع في غير المسجد، يقع خارجاً، و إذا كان في مسجد و لا يمكنه أن يقع بزاقه خارجاً أن يجعله في ثوبه ".اهـ

و البواري: الحصير المنسوج.

و قال العلامة ابن الحاج في (المدخل):

وقوله عليه الصلاة و السلام: " و لكن عن يساره أو تحت قدمه " إنما ذلك في مثل مسجده عليه الصلاة و السلام الذي هو مفروش بالرمل , أما غيره مما هو مفروش بالحصر أو بالرخام أو بالبلاط فيكره ذلك فيه، فلم يبق إلا الثالث الذي ذكر عليه الصلاة و السلام و هو: أن يبزق في طرف ردائه و يحكها.اهـ

و قال الشوكاني رحمه الله في " السيل الجرار " (1/ 182):

و أخرج مسلم عن عبد الله بن الشخير قال: " صليت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فرأيته تنخع فدلكها بنعله اليسرى "، و هكذا إذا كان المسجد غير مفروش، فإن كان مفروشا بالحصر أو نحوها فلا يتيسر الدفن الذي هو كفارة البصق فيكون خطيئة غير مكفرة.اهـ

و قال الباجي رحمه الله في " المنتقى " (7/ 228):

فأما دخول الحرم و المسجد الحرام بالنعلين فمباح ; لأنه لا وطاء عليهما و إنما فيهما تراب , أو حصباء وكذلك مسجد المدينة.اهـ

فإن قلت: إنما ندبت الصلاة في النعال من أجل مخالفة اليهود كما ورد في الحديث " خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم و لا خفافهم ". قال الشيخ الألباني رحمه في " الثمر المستطاب " (1/ 351):

" الحديث صحيح الإسناد أخرجه أبو داود و الحاكم و عنه البيهقي عن قتبية بن سعيد: ثنا مروان بن معاوية الفزاري عن هلال بن ميمون الرملي عن يعلى بن شداد بن أوس عن أبيه مرفوعا به. و قال الحاكم: " صحيح الإسناد ". و وافقه الذهبي. قلت (القائل الشيخ الألباني): و رجاله كلهم ثقات و أخرجه ابن حبان في (صحيحه) أيضا و لا مطعن في إسناده كما قال الشوكاني و نقل المناوي في (شرح الجامع) عن الزين العراقي أنه قال:

إسناده حسن ".اهـ

قلت: هذا الحديث يحتاج إلى نظر، و ما قيل فيه لا يكفي للإحتجاج به، فقد يكون الإسناد صحيحًا و السند ضعيفا، و قد يكون رجاله ثقات و هم ضعفاء أي غير ضابطين، و قد يكون حسنًا ظاهرًا و هو معل.

فالحديث تفرد به (يعلى بن شداد) قال عنه الذهبي رحمه الله في " الميزان " (4/ 457): بعض الأئمة توقف في الإحتجاج بخبره، و هو " صلوا في النعال، خالفوا اليهود ". و يعلى شيخ مستور، محله الصدق ... و قد وثّق.اهـ

قلت: و قد بيّن الذهبي في مقدمة " الميزان " أنه يقول كذلك، فيمن فيه لين ولم يبلغ رتبة الأثبات المتقنين. و من كانت تلك حاله فإنه لا يحتمل تفرده و لا يحتج به.

و هو مع ذلك الضعف، قد انفرد برواية الحديث عنه (هلال بن ميمون الرملي) قال الحافظ في " تهذيب التهذيب " (11/ 74): قال إسحاق بن منصور عن بن معين: ثقة وقال النسائي: ليس به بأس، قاله يحيى. وقال أبو حاتم: ليس بقوي، يكتب حديثه. و ذكره ابن حبان في (الثقات).اهـ

قلت: قول هؤلاء الأئمة في هذا الرجل متوافق و ليس بينه خلاف كما قد يُتوهّم؛ فكونه ثقة لا ينفي ضعفه لاعتبارات أخرى كالحفظ و الضبط و عدم الغفلة و التثبت، و هذا معنى قول أبي حاتم رحمه الله:" ليس بالقوي "، و هي من ألفاظ التجريح. و لذلك فقد قال ابن حبان عن (هلال) هذا، في كتابه " مشاهير علماء الإسلام " (1/ 180)، على الرغم مما اشتُهر عنه من تساهل: " يخالف و يهم "

و من كانت هذه صفته، فلا يمكن الإعتماد على روايته خاصة إذا كانت فردة منكرة. و يشهد لضعف تلك الرواية عدم توخي النبي صلى الله عليه و سلم الصلاة في النعل كما مر، لما عُرف عنه من قصد مخالفة أهل الكتاب في أحوال كثيرة.

و أما قول الشيخ الألباني رحمه الله: و له شاهد من حديث أنس ذكرته في (صفة صلاة النبي صلى الله عليه و سلم) فلم أره، إلا أني أعرف أن الحديث الذي أشار إليه فيه (عمر بن نبهان العبدري) قال الخطابي و المنذري رحمهما الله: متروك. و قال ابن الجوزي في " الضعفاء و المتروكين " (2/ 218): قال يحيى: ليس بشيء، و قال مرة: صالح الحديث، و قال الرازي: ضعيف الحديث، و قال ابن حبان: يروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك.اهـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير