ثم إن الحديث ليس من رسم الكتاب الذي التزم صفة صلاة النبيّ صلى الله عليه و سلم.
ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[16 - 05 - 07, 03:14 ص]ـ
و من (جواز الإقتصار على الفاتحة)
• قوله رحمه الله (ص: 106): و " كان معاذ يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء [الآخرة] ثم يرجع فيصلي بأصحابه فرجع ذات ليلة فصلى بهم وصلى فتى من قومه [من بني سلمة يقال له: سليم] فلما طال على الفتى [انصرف ف] صلى [في ناحية المسجد] وخرج وأخذ بخطام بعيره وانطلق ... " إلى أن قال: " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفتان أنت يا معاذ "، وقال للفتى: " كيف تصنع أنت يا ابن أخي إذا صليت؟ "، قال: أقرأ بفاتحة الكتاب وأسأل الله الجنة وأعوذ به من النار، وإني لا أدري ما دندنتك ودندنة معاذ. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إني ومعاذ حول هاتين أو نحو ذا ".اهـ
قلت: هذا الحديث مما فرح به الشيخ رحمه الله، و قال: أن الله عوّضه به عن حديث ابن عباس الضعيف في الإكتفاء بقراءة الفاتحة في الصلاة. و عزاه لابن خزيمة و البيهقي و قال: " بسند جيد " و ذكر أن موضع الشاهد منه عند أبي داود و أحال على " صحيح أبي داود " له.
و الحديث انفرد به يحيى بن حبيب عن خالد بن الحارث عن محمد بن عجلان عن عبيد الله بن مقسم عن جابر رضي الله عنه.
و الكلام في حفظ ابن عجلان مشهور، قال ابن حبان في " الثقات " (7/ 387): لا يجب الاحتجاج عند الاحتياط إلا بما يروى الثقات المتقنون عنه.اهـ قلت: و قد رواه عنه يحيى بن سعيد دون تلك الزيادة، و هو عند أبي داود (599).
و قد تكون تلك الزيادة من يحيى بن حبيب فقد قال فيه أبو حاتم الرازي (9/ 137/581): " صدوق ".
ثم إن الحديث قد ورد بلفظ يهدم كل ما تقدم بناؤه، فروى أسامة بن زيد: سمعت معاذ بن عبد الله بن خبيب، قال: سمعت جابر بن عبد الله، قال: كان معاذ يتخلف عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان إذا جاء أم بقومه، وكان رجل من بني سلمة - يقال له: سليم - يصلي مع معاذ، فاحتبس معاذ عنهم ليلة، فصلى سليم ثم انصرف - وذكر الحديث، وفيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل سليما: " كيف صنعت حين صليت؟ " قال: قرأت بفاتحة الكتاب و سورة، ثم قعدت و تشهدت، و سألت الجنة و تعوذت من النار، وصليت على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم انصرفت ولست أحسن دندنتك و لا دندنة معاذ. فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم – و قال: " هل أدندن أنا و معاذ إلا لندخل الجنة و نعاذ من النار ".
قال الحافظ الهيثمي (2/ 321 /2802): رواه البزار و رجاله رجال الصحيح خلا معاذ بن عبد الله بن حبيب و هو ثقة لا كلام فيه.اهـ
ثم لو سلّمنا بثبوت الرواية التي ذكرها الشيخ الألباني رحمه الله حديثيّاً، فإنه لا يتم له الإستدلال بها على ما ذهب إليه فقهيّاً. لأنها من وقائع الأعيان؛ فقد يكون ذلك الأعرابي لا يحسن غير الفاتحة، و هذا هو الظاهر من سياق الحديث، و يؤيده ما أخرجه الإمام أحمد في " مسنده " (20718) بإسناد صحيح لكنه منقطع، و فيه: " قال يا سليم ماذا معك من القرآن؟ قال: إني أسأل الله الجنة وأعوذ به من النار "، و في رواية الطبراني (6391): " قال يا سليم ما معك من القرآن؟ قال: معي أن أسال الله الجنة وأعوذ به من النار ".
ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[16 - 05 - 07, 07:33 ص]ـ
و من (قراءته صلى الله عليه وسلم آيات بعد الفاتحة في الأخيرتين)
• قوله رحمه الله (ص: 113): و " كان يجعل الركعتين الأخيرتين أقصر من الأوليين قدر النصف؛ قدر خمس عشرة آية، وربما اقتصر فيها على الفاتحة "
و علق في الهامش بقوله: و في الحديث دليل على أن الزيادة على (الفاتحة) في الركعتين الأخيرتين سنة ... اهـ
قلت: في هذا الإستدلال نظر، لأنه استدلال مبنيّ على الإحتمال، و الحديث الذي ذكره الشيخ رحمه الله حديث مجمل، قائم على التخمين، و السنة لا تثبت بمثل ذلك. و يقابله ما ورد من نصوص مفسرة كحديث أبي قتادة رضي الله عنه و غيره، فهي أقوى دلالة مما ذكر.
فغاية ما يدل عليه لفظ الحديث الذي ذكره الشيخ رحمه الله هو الجواز، و ليس السنية. و قد قال الإمام ابن خزيمة رحمه الله في ترجمة الحديث في " صحيحه ": (باب إباحة القراءة في الأخريين من الظهر و العصر بأكثر من فاتحة الكتاب، و هذا من اختلاف المباح، لا من اختلاف الذي يكون أحدهما محظوراً و الآخر مباحاً. فجائز أن يقرأ في الأخريين في كل ركعة بفاتحة فيقتصر من القراءة عليها، و مباح أن يزاد في الأخريين على فاتحة الكتاب).
و من العجب قول الشيخ رحمه الله: (و ربما اقتصر فيهما على الفاتحة) مع أنّ الإقتصار فيهما على الفاتحة هو الأصل الذي استفاضت به الرواية و جرى عليه العمل.
¥