ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[16 - 05 - 07, 12:49 م]ـ
و من (صلاة الوتر)
• قوله رحمه الله (ص: 122): و كان يضيف إليها أحياناً [قل أعوذ برب الفلق] و [قل أعوذ برب الناس]- يعني إضافة إلى سورة الإخلاص –
قلت: أنكر الإمامان أحمد و يحيى بن معين زيادة المعوذتين.
وقال الخلال في " العلل ": ثنا محمد بن إسماعيل ثنا ابن أبي مريم قال: أخبرني عثمان ابن الحكم- وكان من أفضل من بمصر- قال: سألت يحيى بن سعيد عن هذا الحديث؟ فقال: لا أعرفه - يعني حديث الوتر.
و قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله – يعني الإمام أحمد - يسأل عن يحيى بن أيوب المصري؟ فقال: كان يحدث من حفظه، و كان لا بأس به، و كان كثير الوهم في حفظه. فذكرت له من حديثه عن يحيى عن عمرة عن عائشة " أن رسول الله كان يقرأ في الوتر ... الحديث "، فقال: ها من يحتمل هذا؟ و قال مرة: كم قد روى هذا عن عائشة من الناس ليس فيه هذا؟ و أنكر حديث يحيى خاصة انتهى ما ذكره. اهـ من " التنقيح " لابن عبد الهادي (1/ 366)
و قال العقيلي في " الضعفاء " (4/ 391): حدثنا محمد بن إسماعيل قال: حدثنا إبراهيم بن يعقوب عن بن أبي مريم قال: أخبرني عثمان بن الحكم الجذامي - قلت: من هو؟ قال: مصري لم يثبت بمصر مثله - قال: سألت يحيى بن سعيد عن هذا الحديث؟ فلم يعرفه، يعني حديث الوتر.اهـ
قال العقيلي: أما المعوذتين فلا يصح.اهـ
قلت: قوله " لا يصح " يعني في المرفوع، و هذا لا ينفي مشروعية القراءة بهما في الوتر كما ثبت عن بعض السلف منهم عمر رضي الله عنه. قال الإمام مالك: ما زال الناس يقرؤون بالمعوذات في الوتر و أنا أقرأ بها في الوتر. و قال أحمد: نختار أن يقرأ في الوتر بـ (سبح) و (قل يا أيها الكافرون) و (قل هو الله أحد). و سئل: يقرأ المعوذتين في الوتر؟ فقال: ولم لا يقرأ؟ كذا في " مختصر كتاب الوتر".
و في " المدونة " (1/ 212): وكان لا يفتي به أحدا ولكنه كان يأخذ به في خاصة نفسه.اهـ يعني الإمام مالك رحمه الله تعالى
• قوله رحمه الله: و مرة " قرأ في ركعة الوتر بمائة آية من [النساء] ".
و قال في التعليق (4): رواه النسائي و أحمد بسند صحيح.اهـ
قلت: هو كذلك، لكن قال الشيخ شعيب الأرنؤوط في " تعليقه " على " المسند " (19775): في سماع أبي مجلز من أبي موسى نظر.اهـ
و نص الحديث كما في رواية أحمد:
" صلى أبو موسى بأصحابه و هو مرتحل من مكة إلى المدينة، فصلى العشاء ركعتين و سلم، ثم قام فقرأ مائة آية من سورة النساء في ركعة، فأنكر ذلك عليه، فقال: ما آلوت أن أضع قدمي حيث وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمه، و أن أصنع مثل ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
قلت: و هذا الحديث إن صح، فإنه يدل على أنّ السنة في حق المسافر المقتصر على ركعة واحدة أن يطيل فيها القراءة بنحو ما قرأ أبو موسى رضي الله عنه.
• قوله رحمه الله: و أما الركعتان بعد الوتر فكان يقرأ فيهما [إذا زلزلت الأرض] و [قل يا أيها الكافرون].و قال في التعليق (5): ثبتت هاتان الركعتان في صحيح مسلم .... ثم وقفت على حديث صحيح يأمر بالركعتين بعد الوتر، فالتقى الأمر بالفعل، و ثبت مشروعية الركعتين للناس جميعاً.اهـ
قلت: الحديث الذي عناه الشيخ رحمه الله من رواية ثوبان رضي الله عنه، و نصه:
" إن هذا السفر جهد و ثقل , فإذا أوتر أحدكم فليركع ركعتين , فإن استيقظ و إلا
كانتا له ".
و ليس فيه ما جزم به الشيخ رحمه الله. قال البيهقي رحمه الله في " سننه " (3/ 33): يحتمل أن يكون المراد به: ركعتان بعد الوتر، و يحتمل أن يكون أراد: فإذا أراد أن يوتر فليركع ركعتين قبل الوتر.اهـ
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في " شرحه على البخاري " (7/ 159): و أما حديث ثوبان، فتأوله بعضهم على أن المراد: إذا أراد أن يوتر فليركع ركعتين.
وكأنه يريد أنه لا يقتصر في وتره في السفر على ركعة واحدة، بل يركع قبلها ركعتين، فيحصل له بهما نصيب من صلاة الليل، فإن لم يستيقظ من آخر الليل كان قد اخذ بحظ من الصلاة، وإن استيقظ صلى ما كتب له، وهذا متوجه.اهـ
قلت: هو نظير قول الله تعالى [و إذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم]، أي إذا أردت أن تقرأ فاستعذ.
و حتى على الإحتمال الأول الذي جنح إليه الشيخ رحمه الله؛ و هو إرادة الركعتين بعد الوتر، فإن هاتين الركعتين ليستا هما الركعتان اللتان كان يصليهما النبيّ صلى الله عليه و سلم في نهاية وتره. ذلك أن الركعتين في حديث ثوبان إنما هما في حق من كان في سفر و خشي فوات الليل. و هو يدل على أنّ الأصل أن يكون الوتر هو آخر صلاة الليل كما صح الأمر بذلك.
و عليه، فليس ثمة نصّ صريح في الأمر بركعتين بعد الوتر، و يبقى فعله – صلى الله عليه و سلم – لبيان الجواز. و الأمر بجعل الوتر آخر صلاة الليل آكد و أحب.
¥