تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وثانيها: أن يصار إلى قول أهل الفضل من الناس،على أساس أن التعدى من قبيل فعل ما يشين، لأن الجانى أتى الفعل على غير وجهه. . وقد قالوا فيما يخل بالمروءة: "هو فعل ما يشين ويدل على حقارة النفس عند أهل الفضل من الناس" ()، وقد يدل عليه ما جاء من قول الفقهاء فى تعليل ضمان النائم " أنه ترك التحرز ()، والمبالغة فى التثبت أو التحرز فى الفعل لا يتصور إلا من قول أهل الفضل والعقل الراجح.

ولكن هذا الحل وإن ناسب النزعة المادية للضمان إلا أنه يبدو غاية فى المثالية، لا يناسب احتمال الشك فى الفرض الذى معنا، نعم قد يناسب المباشرة لأنها لقوتها كافية للضمان، لكنه لا يناسب التسبب، إذ المبالغة فى التثبت قد يؤدى إلى سد باب المباح على العامة ().

وثالثها: أن يصار إلى قول أهل الخبرة، ومثل هذا الحل قال به الفقهاء فى ضمان أهل الصنعة والمهنة. . كالملاح والمكارى والطبيب وغيرهم إذا جاوزوا ما تقضى به أصول المهنة عند أهل العلم بالصناعة، يشهد بذلك من يوثق بهم من مثلهم، وقد يفسر المثل بالمكافئ أو بالوسط من أهل الخبرة (). غير أن الظاهر من قول الطرابلسى فى معين الحكام أن قول أهل الخبرة إنما يقبل فى نطاق خبرتهم فقط، فقد اعترض على من اعتبر شهادة امرأة فى عيب أنه قديم ترد الجارية بمثله قال " جهل لا خفاء به صارت به المرأة شاهدة وطبيبة ومفتية وليس إليها شئ من ذلك، إلا إن كانت طبيبة ما هرة فى الطب فليسمع منها فى قدمه أو حدوثه ()، ولكن هل يصح تخريجا على قولهم الاعتداد بسلوك الشخص العادى الذى يمثل جمهور الناس فينظر إلى المألوف من سلوكه، ويقاس عليه سلوك المدعى عليه، على ضوء الظروف الخارجية التى وقع فيها التجاوز أو عدم التحرز على نحو ما يرى أغلب شراح القانون فى مصر؟ () مع ملاحظة أن المقصود بالشخص العادى هو الوسط فى اليقظة والتبصر، ويمثل فى رأى الشراح أ نموذج الغالبية من الناس.

الواقع أن هذا التحديد لا يكاد يخرج عن الآخذ بدلالة العادة () إذا لا معنى لأن يكون تصرف الغالبية على نحو معين إلا غلبة العادة على الإتيان بالفعل على النحو المذكور، وغاية ما يتحصل من فعل شخص أو أكثر – كأنموذج للغالبية هو نصب الدليل على غلبة العادة واضطرارها.

فإذا صح هذا فهذا الاتجاه لا يقدم جديدا، فضلا عن أنه منتقد فى رأى كثير من الباحثين على أساس أن الشخص العادى شخص متوهم أو خيالى، فهو لا يعرف إلى فئة من الناس ينتمى، وقد ينتهى الحال بالقاضى أن يتخذ من تصرفه هو شخصيا معيارا لقياس تصرف المدعى عليه، باعتباره شخصا من أواسط الناس ().

رابعاً: ويرى بعض الباحثين أن يفرق: - كمخرج عملى من هذه المشكلة – بين الالتزام بغاية والالتزام بعناية، ففى الأول يضمن مطلقا، وفى الثانى يضمن بشرط إثبات التعدى ().

وهذا القول صحيح إذا حملنا قول الفقهاء " إن الانتفاع بالمباح مشروط بسلامة العاقبة " ()، على أنه التزم بغاية باعتبار أن الفعل المباح فى حق الفاعل سبب للضمان فى حق غيره ()، خاصة وأن كثيرا من الفروع الفقهية مما يؤيد هذا المعنى ().

ولا يجافيه أن يقيد ضمان السلامة بما يمكن الاحتراز عنه لا ما لا يمكن حتى يؤدى ذلك إلى سد باب الاستطراق على العامة، ولا سبيل إليه ()، لأن المقصود بما لا يمكن التحرز عنه ما استحال توقعه وتفاديه على ما سيأتى ()، ومثله يدفع التعدى مطلقا.

كذلك فإن من قول بعض الفقهاء أنه لا يتعين فى المفسدة أن تكون معتادة جاء فى المغنى، لا يتعين فى الضمان كونه سببا معتادا، فإن الضربة والضربتين بالسوط ليست سببا للهلاك فى العادة ومتى أفضت إليه وجب الضمان" ()، وفى جواهر الكلام فى ضمان الصيحة " نعم لعلها كذلك فيما يقتل ولو نادراً " ().

وإذا ضممنا إلى ما تقدم ما يدل – من كلام الفقهاء – على تشوف الشارع إلى الضمان كقولهم " إن الله جعل لكل مصاب حظا من الجبر " ()، وأن الضمان من باب الأسباب التى لا فرق فيها بين الجائز وغير الجائز " ()، وأن " مناسبة الضمان إلى العدوان مجرد اعتبار " ()، وأن قضية القربة لا تنافى الغرامة () ونحو ذلك. وكذلك إذا علمنا أن الانتفاع بالمباح حظ قاصر، لأنه حظ خاص يقابل حظوظ الجماعة، فإن من الملائم أن يلتزم الفرد فى مواجهة الجماعة بما هو أقوى من التزامه فى مواجهة فرد واحد ()، فينتفع ولكن بشرط السلامة مطلقا، لا سيما وأنه لا يلحقه ضرر إلا بمقدار ما يلحق غيره.

على ضوء هذا يمكننا القول بضمان التعدى وإن لم يكن معتادا أو اضطربت فى حكمه العادة على أساس أن التزام المنتفع بالطريق التزام بغاية.

ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[18 - 05 - 07, 01:14 ص]ـ

أخي الكريم ضفيري عزالدين بارك الله فيك.

أخي الكريم أحمد محمد أحمد بخيت جزاك الله خيراً على هذا البحث النفيس وحبذا لو أتحفتنا بالبحث كاملا إن أمكن.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير