* فإذا وصل الحاج إلى ميقات أهل المدينة، وهو (ذو الحليفة) ويخطئ من يسميه آبار علي، فهي تسمية مبتدعة تنتشر على ألسن العامة اعتقادا منهم أن عليا قاتل الجن عندها، وهذا كذب غير صحيح وعلي رضي الله عنه أكرم من أن يقاتل الجن أو أن يثبت الجنُّ لقتاله، فإذا أتى ذا الحليفة فحان وقت صلاة فرض صلى، وإن لم يحن فإنه يصلي ركعتين، وليست هذه صلاة الإحرام، وإنما هي صلاة لبركة هذا المكان، الذي يُسَمَّى وادي العقيق وفيه مسجد ذي الحليفة، وقد حث جبريل عليه الصلاة والسلام نبينا صلى الله عليه وسلم على الصلاة في هذا الوادي، وليس للإحرام ركعتان تختصان به.
* ثم يرجع المحرم إلى الحافلة ويشتغل بشيء من التسبيح والتكبير والتحميد، ثم يحرم بأن ينوي الدخول في النسك فهذا هو الإحرام، ويتبعها بالتلبية.
* فإذا أحرم الحاج فيلبي قائلا: "لبيك اللهم عمرة" إن كان متمتعا، أو يقول: " لبيك اللهم حجة " إن كان مفردا، أو يقول:" لبيك اللهم عمرة وحجة " إن كان قارنا.
* والتمتع أفضل الأنساك لمن لم يسق الهدي كما هو حال أكثر الناس اليوم بل كلهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث عليه وأمر به وغضب من أصحابه حين رفضوا أن يحلوا من عمرتهم، وقال:" إن الله قد أدخل في حجكم هذا عمرة، فمن تطوف بالبيت وبين الصفا والمروة، فقد حل،إلا من كان معه هدي" رواه أبو داوود من حديث سَبْرة بن معبد الجهني، ولذا اكتفيتُ بذكر حج التمتع وصفته مع شيء من الإشارة إلى القران والإفراد.
* والمرأة في ذلك كالرجل، إلا أنها لو كانت حائضا وخشيت فوات الوقوف بعرفة قبل فراغها من عمرتها، فإنها تدخل الحج على العمرة في اليوم الثامن من ذي الحجة - يوم التروية - عندما يتوجه الناس إلى منى محرمين بالحج وتصبح قارنة، وأما الصبي فإنه يُنوى عنه في الميقات إن كان غير ُمميِّز، فإن كان ُمميِّزا ُعلِّم الإحرام ونوى بنفسه وحُظِرَ عليه ما حُظِرَ على غيره، وكل هذا قبل أن ينطلقوا من ذي الحليفة، ولا يستحب التلفظ بالنية بل لا يشرع له ذلك فإن التلفظ بالنية في جميع العبادات ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا من هدي أصحابه الكرام رضي الله عنهم، ويقول بعد إحرامه: (اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، ويتواضع في لباسه ويجتنب إسبال إزاره ولا يبالغ في حسن الرداء والإزار، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم في هيئة متواضعة متبذِّلا لله تعالى.
* ومن خاف ألا يتمكن من إتمام المناسك فله أن يشترط فيقول: (اللهم مَحِلِّي حيث حبستني) أو نحو هذه العبارة مما يدل على أنه يحرم بالنسك مع الاشتراط أن يتحلل متى عجز عن إتمام النسك، فإنه إن أصيب بعائق حال دون إتمام مناسك الحج والعمرة؛ فله أن يتحلل على الفور من غير هدي متى ما ُوجد هذا الحابس والمانع، وليس عليه حج من قابل إلا إن كانت حجة الإسلام أو حج نذر أو قضاء، لأن الوجوب حاصل قبل الإحرام.
محظورات الإحرام:
وإذا أحرم الحاج حَرُمَ عليه بعض ما كان حلالا له، ومما يجب على الحاج أن يجتنبه:
1 - حلق شعر الرأس أو تقصيره، وكذا بقية شعور البدن عليه ألا يتقصد أخذ شيء من ذلك بموسٍ أو نيرٍ أو مقص أو غير ذلك.
2 - تقليم الأظفار، ولا بأس أن يطرح ظفره إذا انكسر شيء منه فكان متدليا متعلقاً.
3 - لبس المخيط، والمراد بالمخيط ما عمل للبدن على قدره، أوقدر عضو منه كالسراويل والقمص (الدشاديش) ونحوها إلا من لم يجد الإزار فله أن يلبس السراويل من غير أن يفتقها، ولا حرج عليه أن يلبس حزاما لثبيت الإزار أو لحفظ النقود ولو كان فيه خيوط، وأما الرداء فالأولى ألا يعقده أو يشبكه بمشبك ليجتنب أن يصير كالمخيط، وإن احتاج إلى هذا فلا حرج ولكن لا يستخدم المشابك من أعلى صدره إلى أسفل بطنه فيكون كالمخيط تماماً، وليفعل كما فعل ابن عمر رضي الله عنه إن احتاج إلى تثبيت ردائه وذلك بأن يغرز طرف الرداء في الإزار.
4 - لبس الخفاف وهي كل ما لبس على القدم فغطاها وغطى الكعبين، إلا من لم يجد النعلين فله أن يلبس الخفين ولا يقطعهما حتى يصيرا أسفل الكعبين على الصحيح من كلام أهل العلم.
¥