تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

التقبيل والاستلام فعل ما تقدم ذكره من الاستلام وتقبيل اليد أو استلامه بعصا أو الإشارة إليه مع التكبير، وإن أشار وكبَّر فإنه يفعل هذا من غير وقوف في محاذاته ولا حاجة به إلى استقباله لكل شوط فإن هذا لم يرد بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه الكرام رضي الله عنهم وفيه أذية ظاهرة للطائفين وتعطيل لحركتهم.

ولا يمسح الحاج أثناء طوافه شيئا من البيت إلا الحجر الأسود والركن اليماني، فإن السنة لم ترد بمسح غيرهما، قال تعالى: ((لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا)).

* وإذا فرغ من الطواف توجه إلى المقام، قارئا بصوت مرتفع: "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى"، ثم يصلي ركعتين خلف المقام متوجها إلى البيت، يقرأ فيها بسورتي الإخلاص (قل يا أيها الكافرون) و (قل هو الله أحد)، ويصلى بعيدا عن المطاف حتى لا يمر أحد بين يديه ولا يتسبب هو بأذية أحد، وليستتر أثناء طوافه بسترة تحجزه عن الناس، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها، لا يقطعِ الشيطانُ عليه صلاته"،ولا يدع أحدا يمرُّ بينه وبين سترته.

* ثم يأتي زمزم فيسمي الله تعالى ويشرب منها جالساً مستقبلاً القبلة إن أمكنه ويتضلع منها - أي يشرب حتى يمتليء - فهذا كله حسن فعله الصحابة الكرام رضي الله عنهم وتبعهم عليه سلف الأمة بعدهم، وهي ماء مباركة هي طعام طعم وشفاء سقم وهي خير ماء على وجه الأرض ويحصل له بشربها خير كثير في جسده وصحته من غير حاجة إلى استحضار نية في الخير أو أن يقف للدعاء قبل الشرب منها، ويسن له أن يصبَّ على رأسه وجسده منها.

* ثم يرجع فيستلم الحجر إن استطاع، فإن كان يعلم من نفسه عدم القدرة على استلامه فلا يرجع لأنه لا فائدة من ذلك، وهذا الرجوع لاستلام الحجر بعد الطواف والركعتين إنما هو في طواف القدوم أو طواف العمرة.

* ثم يتوجه إلى السعي بين الصفا والمروة، فإذا دنا من الصفا لأول مرة قرأ قوله تعالى: "إن الصفا والمروة من شعائر الله"، ويقول:" نبدأ بما بدأ الله به"، ويرقى الصفا حتى يرى البيت إن استطاع ويستقبل القبلة ويكبر ويهلل، ويقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده؛ أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده" يفعل ذلك ثلاثا ويدعو بين ذلك، ويصلى على النبي ? مع دعائه لثبوته عن عمر رضي الله عنه، وكان ابن عمر يدعو في هذا المقام بدعاء عظيم كما ذكر مالك في موطئه عن نافع أنه سمع عبد الله بن عمر رضي الله عنه وهو على الصفا يدعو قائلاً:"اللهم إنك قلت: (ادعوني أستجب لكم) وإنك لا تخلف الميعاد وإني أسألك كما هديتني للإسلام أن لا تنزعه مني حتى تتوفاني وأنا مسلم"،ثم ينزل الحاج فإذا وصل إلى الميل الأخضر أسرع بشدة حتى الميل الآخر، وليس على النساء ركض هنا ولا رَمَل في الطواف، ويدعو في سعيه بما تيسر ويقرأ القرآن ويكثر من ذكر الله تعالى، ومن دعاء الصحابة في هذا الموضع ما صحَّ عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال أثناء ركضه بين الميلين: "رب اغفر وارحم، إنك أنت الأعز الأكرم"، فإذا وصل إلى المروة فإنه يفعل عليها ما فعل على الصفا، ويكون بهذا قد أنهى سعية وشوطاً، وهكذا حتى ينتهي من الأشواط السبعة، ونهايتها على المروة فيتحلل الرجل بتقصير عامة شعره ولا يكتفي بأخذ خُصَلٍ منه بل يعمِّم شعره بالتقصير، ثم يؤخر المتمتع الحلق إلى اليوم العاشر، طالما أنه ليس بين فراغه من عمرته ويوم النحر إلا أيام قليلة فإنه إن حلق في عمرته لم يتوفر له شعر يحلقه في حجه, والمرأة تجمع شعرها وتقصر قدر أنملة ولا تأخذ من رأسها أمام الأجانب، ولا بأس حينئذ أن يقصر الرجل لنفسه والمرأة لنفسها، وهذا التحلل للمتمتع أما القارن والمفرد فيبقيان في إحرامهما، ولا يتحللان إلا في يوم النحر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير