تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

* وإذا تحلل الحاج من عمرته فإنه يلبس ملابسه ويمكث حلالا إلى يوم التروية ويحل له كل ما كان محظورا عليه، فإن كان يعلم أنه لا يجد الهدي أو لا يجد ثمنه فإنه حينئذ يحرم بالحج قبل فجر اليوم السادس ويصبح صائماً فيصوم ثلاثة أيام ويكون آخرها الثامن من ذي الحجة، وإن أحرم قبل فجر السابع من ذي الحجة وصام الأيام الثلاثة على أن يكون آخرها يوم عرفة فلا بأس، فإن لم يصم قبل يوم النحر أخَّرها إلى أيام التشريق الثلاثة، وله أن يصومها متفرقة فيجعل بعضها قبل يوم النحر وبعضها في أيام التشريق، ثم يصوم سبعة أيام إذا رجع إلى أهله، فتلك عشرة كاملة.

*ويحرص الحاج قبل يوم التروية بين عمرته وحجه على الصلاة في المسجد الحرام، وكثرة التطوع فيه، فإن الصلاة فيه بمائة ألف صلاة، ويأتي الكعبة ويطوف بالبيت إن وجدَ خفة في المطاف ولو في الأدوار العلوية ويصلِّي بالحِجْر إن استطاع فهو من البيت، ويحرص على حضور حلقات العلم، وسؤال أهل العلم ليزداد علما ومعرفة فيما سيستقبل من أعمال الحج، وهذا كله أنفع له من الخروج إلى الحل كالتنعيم لتكرار العمرة، وليس تكرار العمرة مرة أخرى والخروج لها من مكة إلى الحل من عمل سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ولا هو من هدي سلف الأمة، طالما أنه دخل مكة بعمرة من الميقات فأدَّاها وتحلل منها ومكث أياما في مكة، فالعمرة لمن دخل مكة لا لمن خرج منها ليدخل بعمرة.

الإهلال بالحج للمتمتع في اليوم الثامن من ذي الحجة (يوم التروية)

* فإذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة وهو يوم التروية، أحرم الحاج من مكان إقامته في مكة، ولا يتقصد الإحرام من المسجد الحرام، فإن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أحرموا من البطحاء (مكان نزولهم في مكة)، ويفعل قبل إحرامه ما تقدم ذكره في الإحرام من ذي الحليفة، ويقول:"لبيك اللهم حجة" وهذا كله في حج التمتع، ويتوجَّهُ إلى منى بعد إحرامه مباشرة من غير أن يأتي المسجد الحرام لطواف الوداع وصلاة ركعتين خلف المقام؛ فهذا ليس من هدي النبي ? ولا من هدي أصحابه الكرام رضي الله عنهم، ويرفع صوته بالتلبية بعد إحرامه بالحج، وحينئذ لا يقطع التلبية حتى يشرع في رمي جمرة العقبة الكبرى يوم النحر، فإذا وصل إلى منى، فإنه يمكث فيها يومه، ويصلي فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء وكذا الفجر من اليوم التاسع مع جماعة من المسلمين بأذان وإقامة لكل صلاة، يقصر الرباعية دون جمع، ويحرص على استغلال الوقت في منى، بكثرة التلبية والذكر والدعاء وقراءة القرآن، وبحضور مجالس العلم، ويحافظ على صلاة الجماعة، ويهيئ قلبه ليوم عرفة، ولا يضيِّعُ وقته باللغو والقيل والقال فإذا صلَّى العشاء فالأولى به أن يبكِّر إلى النوم والراحة؛ لأنه يستقبل من الغد يوما كبيرا ثقيلاً وقد يتصل يومه التاسع بيومه العاشر من غير نوم بينهما لاتصال المناسك ووجود الضعفة معه.

* فإذا كانت صبيحة يوم عرفة، اغتسل الحاج لهذا الجمع، ثبت الاغتسال عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كابن عمر وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم، وينطلق إلى عرفة بعد طلوع الشمس، وهو يلبِّي و يكبِّر ويهلل، ثم ينزل في نمرة إن أمكن حتى تزول الشمس، ثم يستمع إلى خطبة إمام المسلمين في ذلك الجمع، ثم يصلي مع الإمام الظهر والعصر قصرا وجمعا في وقت الظهر بأذان واحد بعد الخطبة وإقامة لكل صلاة، ويتوجه بعدها إلى عرفة، فإن تعسر عليه النزول في نمرة أو تعسَّر عليه حضور خطبة إمام المسلمين كأن يخاف أن يضيع عن جماعته وحملته فلا حرج عليه أن يترك النزول بنمرة والاستماع لخطبة الإمام، ويتوجه مباشرة من منى إلى عرفة، ويصلى بها الظهر والعصر مع جماعة من المسلمين، ويقف الحاج في عرفة ويستقبل القبلة، وعرفة كلها موقف إلا بطن عرنة، ويشتغل بالدعاء ويكثر منه ويلح في المسألة، ويرجو من الله مغفرة الذنوب والعتق من النار، فروى مسلمٌ من حديث عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟ "، ويبقى هكذا حتى تغرب الشمس مهلا ملبيا داعياً، ولا ينبغي أن يصوم في هذا اليوم، فهو خلاف هديه صلى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير