وأما القول بالبدل, فيكفي في ضعف هذا القول الاختلاف الكبير في نوع هذا البدل؛ مما يدل على ضعف أصل القول به, فمنهم من قاسه على دم التمتع ([19] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn19)), ومنهم قاسه على جزاء الصيد, ومنهم من قاسه على فدية الأذى. وكلها اجتهادات لا دليل يقوي أياً منها, بل يكاد الدليل أن يكون مخالفاً لها جميعاً, ووجه ذلك أن الله ذكر حكم الإحصار وما يجب فيه من الهدي, ولم يذكر بدلاً ولا غير ذلك, ثم ذكر بعده في نفس الآية هدي التمتع, ونص على حكم من لم يجد هدياً للتمتع, وأيضاً: في الفديه, فقد خيّر الله بنص الآية بين الصيام والصدقة, والنسك, ومثله جزاء الصيد؛ ولو كان لهدي الإحصار بدلاً لذكره الله-سبحانه- كما ذكر ذلك لغيره ([20] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn20)), والله يقول عن نفسه: (وما كان ربك نسياً) ([21] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn21)) .
وعند تأمل قول الله: (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي) ([22] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn22)), فسماه الله هدياً, وهو ما يحتمل أن يكون مسوقاً فيجب فقط-كما عند المالكية- أو متيسراً لمن لم يسق الهدي فمبناه على التيسير, ولم يقل الله كما في فدية الأذى قال: ? فمن كان منكم مريضاً أوبه أبه أذى من راسه ففدية) ([23] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn23)), ولم يقل أيضاً كما في دم التمتع"فمن لم يجد" فكأن مبنى حكم المحصر على التيسير, وأن نحر الهدي هو للموجود معهم, أو لمن تيسر له إيجاده, وأما من تعسر عليه إيجاده فإنه يسقط عنه.
وأيضاً: فإن الله يقول: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) ([24] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn24)), والمحصر العاجز عن الهدي قد انقطع به السبيل, فلم يستطع, ويقول: (فاتقوا الله ما استطعتم) ([25] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn25)), والهدي ليس مستطاعاً له.
وفي قول المالكية بعدم وجوب الهدي على المحصر, مستند يقوي القول بعدم وجوب البدل عند العجز عنه, وهو يستأنس به؛ لترجيح القول بعدم وجوب بدل للمحصر عند العجز عنه. والله أعلم.
[/ URL]([1]) الجمهور أوجبوا الهدي, وخالف المالكية فلم يروا وجوب الهدي على المحصر بل سنة. وسبق بحث المسألة.
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref1)([2]) بدائع الصنائع 2/ 180, تحفة الفقهاء 1/ 417, مجمع الأنهر 1/ 452, حاشية ابن عابدين 2/ 591.
([3]) روضة الطالبين ج3/ص186, الحاوي الكبير 4/ 355.
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref3)([4]) الحاوي الكبير 4/ 355.
([5]) سورة البقرة, آية: 196.
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref5)([6]) قال الكمال:إذا لم يجد المحصر الهدي يبقى محرما حتى يجده فيتحلل به أو يتحلل بالطواف والسعي إن لم يجده حتى فاته الحج، فإن استمر لا يقدر على الوصول إلى مكة ولا إلى الهدي بقي محرما أبدا هذا هو المذهب المعروف". فتح القدير 3/ 127.
وقال علاء الدين السمرقندي:" المحصر إذا لم يجد الهدي، ولا ثمن الهدي، لا يحل بالإطعام والصوم، بل يبقى محرما إلى أن يجد الهدي". تحفة الفقهاء 1/ 418. وانظر: الحاوي الكبير 4/ 355.
([7]) الحاوي الكبير 4/ 355.
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref7)([8]) روضة الطالبين 3/ 186.
([9]) المبدع 3/ 272, المغني 3/ 176, الكافي 1/ 462.
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref9)([10]) الحاوي الكبير 4/ 355.
([11]) المغني 3/ 176.
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref11)([12]) قال النووي:"فإن فقد الدم فالأظهر أن له بدلا وأنه طعام بقيمة الشاة فإن عجز صام عن كل مد يوما وله التحلل في الحال في الأظهر, والله أعلم". منهاج الطالبين 1/ 44, الإقناع للشربيني 1/ 266.
وانظر: الإقناع للشربيني 1/ 266, مغني المحتاج 1/ 534, غاية البيان 1/ 176, نهاية المحتاج 3/ 366.
([13]) قال في شرح فتح القدير:" .. وعن أبي يوسف في المحصر إن لم يجد هدياً قوم الهدي طعاماً, وتصدق به على كل مسكين نصف صاع, أو يصوم مكان كل مسكين يوماً؛ فيتحلل به رواه عن عطاء". شرح فتح القدير 3/ 127, وانظر: بدائع الصنائع 2/ 180, تحفة الفقهاء 1/ 417, مجمع الأنهر 1/ 452, حاشية ابن عابدين 2/ 591.
¥