تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بارك الله في الشيوخ الكرام وأزيد للفائدة:

جمهور أهل العلم استدلوا لوجوب كشف المرأة وجهها حال الإحرام بما يلي:

1 - حديث ابن عمر رضي الله عنهما:وهو عند الدارقطني (2/ 294) والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 47) وابن عدي في الكامل (1/ 356) والعقيلي في الضعفاء (1/ 116) من طريق أيوب بن محمد أبو الجمل عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ليس على المرأة حرم إلا في وجهها "

لكن هذا الحديث لا يصح فيه علتان:

الأولى: أيوب بن محمد الجمل ضعيف:

ضعفه بن معين.

وقال أبو زرعة: منكر الحديث.

وقال أبو حاتم: لا بأس به.

وقال العقيلي: يهم في بعض حديثه.

العلة الثانية: أنه خالف الثقات في هذا الحديث فرفعه وأوقفه ابن عيينة وهشام بن حسان وعلي بن مسهر وعبد الرحمن بن سليمان وابن نمير وإسحاق الأزرق وغيرهم كما قال الدارقطني.

ولذا رجح الدارقطني والبيهقي أن المحفوظ الوقف

وقال ابن عدي في الكامل (1/ 356): وهذا الحديث لا اعلم يرفعه عن عبيد الله غير أبي الجمل هذا

وقال العقيلي في الضعفاء (1/ 116): لا يتابع على رفعه إنما هو موقوف.

ولذا قال ابن القيم رحمه الله في تهذيب السنن (5/ 198): هذا الحديث لا أصل له ولم يروه أحد من أصحاب الكتب المعتمد عليها ولا يعرف له إسناد ولا تقوم به حجة.

أي أنه باطل مرفوعاً.

ثم لو صح الحديث مرفوعاً فإن المعنى لا يلزمها اجتناب اللباس كما يلزم الرجل بل يلزمها اجتناب النقاب فيكون وجهها كبدن الرجل كذا قال ابن القيم في بدائع الفوائد (3/ 664).

2 - حديث الخثعمية:عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان الفضل رديف رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه وجعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر فقالت يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه. قال (نعم). وذلك في حجة الوداع " متفق عليه

قال ابن عبد البر في التمهيد (9/ 124) والاستذكار (4/ 164) والحافظ ابن حجر في الفتح (4/ 70): فيه أن إحرام المرأة في وجهها.

3 - ما رواه أحمد في المسند (6/ 30) ومن طريقه أبو داود في سننه (1833) والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 48) من طريق يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفناه "

وقد أعل الحديث بثلاث علل:

الأولى: أن مجاهداً لم يسمع من عائشة رضي الله عنها فهو منقطع وقد نفى سماعه منها يحيى القطان وشعبة وابن معين وابو حاتم الرازي.

وأجيب عن هذه العلة بأنه قد ثبت سماعه منها وهو قول ابن المديني والبخاري ومسلم وبن خزيمة وابن حبان وروايته عنها في الصحيحين.

وقد ورد التصريح بسماعه منها في مسند أحمد (6/ 51) وسنن النسائي (1/ 127) عن موسى الجهني قال: أتى مجاهد بقدح حزرته ثمانية أرطال فقال: حدثتني عائشة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كان يغتسل بمثل هذا "

وروى البخاري عن منصور عن مجاهد قال: دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبد الله بن عمر جالس إلى حجرة عائشة والناس يصلون الضحى في المسجد فسألناه عن صلاتهم فقال: بدعة فقال له عروة: يا أبا عبد الرحمن اعتمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قال: أربع عمر: إحداهن في رجب فكرهنا أن نكذبه ونرد عليه وسمعنا استنان عائشة في الحجرة فقال عروة: ألا تسمعين يا أم المؤمنين إلى ما يقول أبو عبد الرحمن؟ فقالت: وما يقول؟ قال: يقول: اعتمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أربع عمر: إحداهن في رجب فقالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلا وهو معه وما اعتمر في رجب قط "

و أخرجه مسلم أيضاً، وظاهر هذا أنه سمع منها ولو لم يكن عند البخاري كذلك لما أخرجه لأنه يشترط اللقاء وسماع الراوي ممن روى عنه مرة واحدة فصاعدا.

وأخرج مسلم عن أبي نجيح عن مجاهد عن عائشة قالت: حضت بسرف فطهرت بعرفة فقال لها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجتك "

العلة الثانية: يزيد بن أبي زياد الكوفي ضعيف ضعفه احمد وابن معين وابو حاتم وأبو زرعة والنسائي والدارقطني وغيرهم.

العلة الثالثة: الاضطراب فقد رواه سفيان بن عيينة عن يزيد عن مجاهد عن أم سلمة رضي الله عنها كما عند الدارقطني في سننه والطبراني في الكبير ورواه البقية عن يزيد عن مجاهد عن عائشة رضي الله عنها كما ذكر الدارقطني والبيهقي في سننهما.

ومع هذا فلو صح الحديث فلا يلزم منه وجوب كشف الوجه فقد يكون ذلك لسبب آخر غير الإحرام.

4 - أثر ابن عمر رضي الله عنهما الذي روي مرفوعاً كما سبق والصواب وقفه وهو قوله: " إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه " أخرجه الدارقطني والبيهقي في سننهما.

ويجاب عنه بجوابين:

أحدهما: ما سبق أنه يحمل على أنه يلزمها اجتناب اللباس كما يلزم الرجل بل يلزمها اجتناب النقاب فيكون وجهها كبدن الرجل.

الثاني: أن قول ابن عمر رضي الله عنهما هذا خالفه فيه عائشة وأسماء رضي الله عنهما ويتأيد قول عائشة واسماء بموافقة الأصل.

5 - الإجماع وقد نقله غير واحد كابن عبد البر وابن المنذر وابن قدامة وابن رشد.

لكن هذا الإجماع فيه نظر فقد روي عن عائشة وأسماء رضي الله عنهما خلاف ذلك وهو مروي عن مجاهد وعطاء.

ولذا ذهب ابن حزم وابن تيمية وابن القيم والشوكاني والشيخ محمد العثيمين رحمهم الله إلى عدم وجوب كشف الوجه في حق المحرمة.

والله أعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير