تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و ألحقت بالبحث فهرسًا للمصادر والمراجع، و قمت بالترجمة للأعلام في أثناء البحث، وكذلك الشأن بالنسبة للأحاديث التي قمت بتخريجها أيضا تخريجا أراه مناسبا، كما ألحقت بالبحث جدولا قابلت فيه بين أهم المباحث الخاصة بالاستدلال مع أهم المصادر التي يمكن التعويل عليها في الدراسة ليتمكن الطالب بعدها من معرفة مضان هذه المباحث عند الأصوليين.

وختاما أسأل الله العلي القدير بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يتقبل مني هذا العمل إنه سميع مجيب الدعاء.

وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى إله وصحبه ومن اقتفى أثره إلى يوم الدين.

المبحث الأول: في بيان ماهية الاستدلال

المطلب الأول

q تعريف الاستدلال:

الاستدلال لغة عبارة عن طلب دلالة الدليل [1] لأنه استفعال بالسين والتاء يراد به الطلب، فالاستفعال من الدليل كالاستنطاق الذي هو طلب النطق والاستنصار الذي هو طلب النصرة.

يقال: استدل فلان على الشيء طلب دلالته عليه.

ويقال استدل بالشيء أي على الشيء، أي اتخذه دليلا عليه.

فإذا كانت لفظة الدلالة في اللغة تعني الإرشاد ولفظة الدليل تعني المرشد والموصل إلى المطلوب فالاستدلال عبارة عن:

"طلب الإرشاد والاهتداء إلى المطلوب".

والملاحظ هنا أن الاستدلال قد يرد للطلب، أي طلب الدليل ودلالته، وقد يرد أيضا في معنى الاتخاذ [2] فيكون المعنى ما اتّخذ دليلا، وهذا المعنى الثاني هو الذي يظهر لي أنه الأنسب لموضوعنا لأنه يعني ما اتخذه العلماء دليلا وهذا الذي درج عليه الأصوليون في مصنفاتهم وإن لم يصرحوا به إذ أنهم يذكرون في باب الاستدلال ما اتخذوه دليلا خارجا عن الكتاب والسنة والإجماع وقياس العلة.

المطلب الثاني

q الاستدلال عند الأصوليين: لا نكاد نجد تعريفا عند أحد من الأصوليين إلا وهو معترض من وجه من الأوجه، فالعديد منها خارج عن صناعة الحدود والرسوم التي تتضح بها المعاني وتكون التعاريف بذلك سالمة من الاعتراضات جامعة مانعة في آن واحد، ولذلك كان من اللازم وضع مصطلح دقيق يعرف به الاستدلال وتتضح به ماهيته، وسنحاول ذكر جملة من التعريفات ذكرها الأصوليون في كتبهم في محاولة متواضعة لمناقشتها ثم نحاول بعدها اختيار الحد الذي نراه مناسبا، علما أن دراستنا هذه منسوبة إلى القصور لقلة المراجع التي لا يمكن الاستعانة بها من جهة ولضيق الوقت الذي يسمح عادة بالاستقراء التام لأقوال الأصوليين في جزئية من الجزئيات، وقد بدا لنا بعد خوض غمارها أنها لم تلق العناية والدراسة اللازمة [3].

وسنحاول ذكر جملة من التعريفات التي وقفنا عليه في دراستنا متتبعين في نفس الوقت التطور الدلالي لهذا المصطلح.

1/ عرفه إمام الحرمين [4] في "البرهان" بأنه:" معنى مشعر بالحكم مناسب له فيما يقتضيه الفكر العقلي من غير وجدان أصل متفق عليه والتعليل المنصوب جار فيه" [5]

2/ عرفه ابن السمعاني [6] في قواطع الأدلة "بأنه:" طلب الحكم بمعاني النصوص وقيل: إنه استخراج الحق وتمييزه عن الباطل" [7]

3/ عرفه الآمدي [8] في "الإحكام" فقال:" يطلق تارة بمعنى ذكر الدليل وسواء كان الدليل نصا أو إجماعا أو قياسا أو غيره، ويطلق تارة على نوع خاص من أنواع الأدلة وهذا هو المطلوب بيانه هاهنا وهو عبارة عن دليل لا يكون نصا ولا إجماعا ولا قياسا" [9].

4/ وعرفه القرافي [10] في "التنقيح" فقال:" محاولة الدليل المفضي إلى الحكم الشرعي من جهة القواعد لا من جهة الأدلة المنصوبة" [11].

5/ وعرفه صفي الدين الهندي [12] في "النهاية"بنفس تعريف الآمدي فقال:" وهو عبارة عن دليل لا يكون نصا ولا إجماعا ولا قياسا" [13].

6/ وعرفه صاحب "جمع الجوامع" [14] بأنه:" دليل ليس بنص ولا إجماع ولا قياس" [15].

7/ وعرفه الشنقيطي [16] في"نشر البنود" بقوله:" هو دليل ليس بنص من كتاب أو سنة وليس بإجماع جميع مجتهدي الأمة وليس بقياس التمثيل ويسمى القياس الشرعي" [17].

8/ عرفه الشوكاني [18] في "إرشاد الفحول" بأنه:" ما ليس بنص ولا إجماع ولا قياس" [19].

ولعل إمعان النظر في هذه التعريفات التي ذكرناها الآن يمكننا من الخلوص إلى فائدة مفادها أن تعاريف المتقدمين والمتأخرين لا تخرج عن تعريفات ثلاثة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير