ـ[محمد العبادي]ــــــــ[23 - 04 - 08, 03:48 م]ـ
ثانيًا: مقاصد الشريعة ودورها في فهم النص الديني
إن الشريعة الإسلامية قد أتت كما ذكرنا من قبل بمقاصد عظيمة لها، بل كل تكاليفها راجعة إلى حفظ هذه المقاصد:
- يقول الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى:
(تكاليف الشريعة ترجع إلى حفظ مقاصدها في الخلق) (20).
فلما كان ذلك كذلك وجب على كل متصدٍ لتفسير النص الديني أن يراعي مقاصد الشريعة المطهرة في أثناء تفسيره، فقد يؤدي خلو المفسر للنص الديني عن فهم مقاصد الشريعة إلى الخطأ في فهم النص ..
لذلك كانت أصوب الاّراء وأعدلها وأسلمها وأحكمها اّراء الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، وذلك لأنهم جمعوا مع عدالتهم العلم بمقاصد الشريعة الإسلامية، فهم قد عايشوا صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم، بالإضافة إلى معايشتهم لأسباب النزول، وقوة علمهم بلغة العرب، وغير ذلك من الأدوات التي أهلتهم لفهم مقاصد الشريعة وإدراكها إدراكًت منقطع النظير:
- يقول شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله تعالى:
(قال شيخنا: وقد تأملت من هذا الباب ما شاء الله فرأيت الصحابة أفقه الأمة وأعلمها واعتبر هذا بمسائل الأيمان والنذور والعتق وغير ذلك ومسائل تعليق الطلاق بالشروط فالمنقول فيها عن الصحابة هو أصح الأقوال وعليه يدل الكتاب والسنة والقياس الجلي وكل قول سوى ذلك فمخالف للنصوص مناقض للقياس وكذلك في مسائل غير هذه مثل مسألة ابن الملاعنة ومسألة ميراث المرتد وما شاء الله من المسائل لم أجد أجود الأقوال فيها إلا أقوال الصحابة وإلى ساعتي هذه ما علمت قولا قاله الصحابة ولم يختلفوا فيه إلا كان القياس معه لكن العلم بصحيح القياس وفاسده من أجل العلوم وإنما يعرف ذلك من كان خبيرا بأسرار الشرع ومقاصده وما اشتملت عليه شريعة الإسلام من المحاسن التي تفوق التعداد وما تضمنته من مصالح العباد في المعاش والمعاد وما فيها من الحكمة البالغة والنعمة السابغة والعدل العام والله أعلم) (21).
- وقال رحمه الله أيًَضا في أنواع الرأي المحمود:
(النوع الأول: رأي أفقه الأمة وأبر الأمة قلوبا وأعمقهم وأقلهم تكلفا وأصحهم قصودا وأكملهم فطرة وأتمهم إدراكا وأصفاهم أذهانا الذين شاهدوا التنزيل وعرفوا التأويل فهموا مقاصد الرسول فنسبة آرائهم وعلومهم وقصودهم إلى ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم كنسبتهم إلى صحبته والفرق بينهم وبين من بعدهم في ذلك كالفرق بينهم وبينهم في الفضل فنسبه رأى من بعدهم إلى رأيهم كنسبة قدرهم إلى قدرهم.
قال الشافعي رحمه الله في رسالته البغدادية التي رواها عنه الحسن بن محمد الزعفراني وهذا لفظه: "وقد أثنى الله تبارك وتعالى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن والتوراة والإنجيل وسبق لهم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفضل ما ليس لأحد بعدهم فرحمهم الله وهنأهم بما أتاهم من ذلك ببلوغ أعلى منازل الصديقين والشهداء والصالحين أدوا إلينا سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وشاهدوه والوحي ينزل عليه فعلموا ما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم عاما وخاصا وعزما وإرشادا وعرفوا من سنته ما عرفنا وجهلنا وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعقل وأمر استدرك به علم واستنبط به وآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا من رأينا عند أنفسنا ومن أدركنا ممن يرضى أو حكى لنا عنه ببلدنا صاروا فيما لم ليعلموا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه سنة إلى قولهم إن اجتمعوا أو قول بعضهم إن تفرقوا وهكذا نقول ولم نخرج عن أقاويلهم وإن قال أحدهم ولم يخالفه غيره أخذنا بقوله) ... (22).
لذلك فإن مقاصد الشريعة أحد المرجحات التي يرجح بها الفقيه فهمًا معينًا لكتاب الله جل وعلا، فكلما كان رأيه أقرب إلى مقاصد الشريعة كان رأيه أقرب إلى الصواب، والعكس صحيح ..
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[23 - 04 - 08, 03:51 م]ـ
- مقاصد الشريعة وتفسير القراّن الكريم
يجب على المفسر أن يكون عارفًا بمقاصد الشريعة؛ حتى لا يقع في الشطط والغلط، ويخطىء في فهم مراد الله تعالى، فالقراّن – كما قال ابن كثير رحمه الله - يرشد إلى المقاصد الصحيحة والمآخذ العقلية الصريحة ... (23).
- وقال العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله:
(فمراد الله من كتابه هو بيان تصاريف ما يرجع إلى حفظ مقاصد الدين) (24)
¥