تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نعت بالفقه المدني نسبة إلى المدينة المنورة , دار الهجرة وطيبة الطيبة التي اختاره الله عز وجل لنبيه – صلى الله عليه وسلم – وقد ضمت المدينة النواة الأولى من خير أمة أخرجت للناس , فهم الذين حضروا التنزيل , ومارسوا تطبيق تفاصيل الأحكام , تطبيقا عمليا , ولما كانت المدينة موطنة العدد الأكبر من تلك الطبقة الممتازة من الصحب الكرام , وهي عاصمة الخلفاء الراشدين فكل تلك المميزات والخصائص , جعلت الفقه المدني , أعلى درجة وأقوى حجة وأوثق علما عند المسلمين.

المطلب الأول: الفقه المدني في عهد الصحابة - رضوان الله عليهم –

تقدم أن المدينة قد حضيت بما لم يحض به مصر من الأمصار , فقد كانت المدينة مجمع الصحابة في عصر الخلفاء الراشدين وخصوصا ذوي السبق منهم في الإسلام , استبقاهم عمر - رضي الله عنه – حوله , حرصا عليهم , ورغبة في أن يكونوا عونا له على مهماته , في سياسة الأمة وكان أصحاب الفتوى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , أبا بكر وعمر وعلي وابن مسعود وزيد بن ثابت وأبي بن كعب وأبا موسى الأشعري – رضوان الله عليهم أجمعين - , بل منهم من كان يفتي على عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – كأبي بكر وعمر , عن الشعبي قال: كان العلم يؤخذ عن ستة , من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان عمر وعبدالله وزيد يشبه علمهم بعضهم بعضا وكان يقتبس بعضهم من بعض وكان علي وأبي بن كعب والأشعري يشبه علمهم بعضهم بعضا وكان يقتبس بعضهم من بعض.

وكان تأثير هؤلاء المشاهير من الصحابة – رضوان الله عليهم في منهج مدرسة المدينة أثر كبيرا ترك بصمات واضحة وعلامات بارزة وضوابط واقية أهمها , الحرص على التزام السنة والأثر والبعد عن الرأي القائم على الجدل فقد صارت مدرسة المدينة امتدادا لعلمهم واستقرت على منهجهم وتفرعت بناء على أصولهم وأقضيتهم , وكان من بعدهم في المدينة تبعا لهم وفاق تأثيرهم فيها تأثير غيرهم , وبرزت بصماتهم في الفقه المدني بوضوح هم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت وأم المؤمنين عائشة , وعبدالله بن عمر رضي الله عنهم جميعا وأرضاهم [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn1) .

المطلب الثاني: الفقه المدني في عهد التابعين قبل مالك.

انتهى علم الصحابة عموما ومن ذكرنا على الخصوص إلى التابعين ممن تتلمذ عليهم وحفظ علومهم وأتقن منهجهم , وعرف أصولهم واستوعب أقضيتهم وسيرتهم واستمد من ذلك الأصول حصيلة عظيمة من الفروع. وإذا علم أن المدينة هي موطن العدد الأكبر منهم دلنا ذلك على أهمية الفقه المدني وتفوقه إذ بلغ عدد المشاهير ممن استوطن المدينة من التابعين مائة وسبعين تابعيا [2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn2) .

وهذا التجمع الكبير منهم في المدينة يبعث اليقين في النفس بأنهم قد أحاطوا بكل ما صدر عن النبي – صلى الله عليه وسلم – وأحاطوا أيضا بكل قضايا الصحب الكرام ومروياتهم بل تخصص بعضهم في الوقوف عل قضايا الصحابة والإحاطة بمروياتهم وكل هذا يبعث على الثقة في الفقه المدني وإذا كان لهؤلاء التابعين بمجموعهم أثر كبير في توجيه الفقه المدني وشموله وإحاطته , وضوابطه وأصوله فإن تأثير الأكبر كان لسادات التابعين وكبرائهم ممن حملوا لواء العلم والفقه والفتوى في المدينة وصارت إليهم الرياسة في ذلك وهم , سعيد بن السيب وعم رو بن الزبير والقاسم بن محمد وخارجة بن زيد وأبوبكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام.

المطلب الثالث: الفقه المدني في عهد التابعين الذين أدركهم مالك.

الفرع الأول: الرجال الذين أدركهم مالك

عن هذه الطبقة أخذ مالك الفقه وعلى يديهم تعلم وتفقه , وقد شاركت هذه الطبقة الأولى وعاصرتها وأخذت عن بعض الصحابة , ولكن جل ما أخذته عن الطبقة الأولى , والشيوخ من هذه الطبقة كثيرون , والبارزون منهم , والذين كانت لهم مكانة في الحديث أو الفقه أو الفتوى بصفة خاصة أجلهم: ابن شهاب الزهري ونافع بن سرجس وأبو الزناد عبالله بن ذكوان وربيعة الرأي وزيد بن أسلم ويحيى بن سعيد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير