صرفت الأجير والصبي: خليت سبيله , وصرفت المال: أنفقته , وصرفت الذهب بالدراهم: بعته , وصرفت الكلام: زينته , وصرّفته بالتثقيل: مبالغة , والصرف: التوبة " لا يقبل الله منه صرفًا ولاعدلًا " , الصِّرف: الشراب الذي لم يمزج , ويقال لكل خالص من شوائب القدر: صِرف , لأنه صرف عن الخلط , وصرْف الحديث: أن يزاد فيه ويحسّن من الصرف في الدراهم وهو فضل بعضه على بعض في القيمة.
وتصريف الآيات تبيينها , وفي الدراهم والبياعات إنفاقها , وفي الكلام اشتقاق بعضه من بعض , وفي الرياح تحويلها من وجه إلى وجه , وصرّفته في الأمر تصريفًا: قلبته فتقلب , واصطرف: تصرّف في طلب الكسب , واستصرفت الله المكاره: طلبته صرفها عني , وانصرف: انكفّ.
وقد وردت أصول هذه الكلمة في القرآن الكريم أكثر من ثلاثين مرة تفيد كلها معنى التحويل والتغيير , كقوله تعالى: " وتصريف الرياح " , و " فصرف عنه كيدهن " و " ويصرفه عن من يشاء " و " فلا تستطيعون صرفًا ولا نصرًا ".
* * *
اصطلاحًا:
فقد كان المتقدمين يرون أن التصريف قسم من النحو , ولهذا عرّفوا النحو بأنه: [علم يعرف به أحكام الكلمة العربية إفرادًا وتركيبًا].
إفرادًا: الصرف.
تركيبًا: النحو.
ومن هنا قيل بتقديم دراسة علم الصرف على علم النحو , لأنه يختص بالمفردات , والعلم بالمفردات مقدم على العلم بالمركبات , والنحو مختص بالمركبات.
أما المتأخرون:
النحو: علم بأصول تعرف بها أحوال أواخر الكلم إعرابًا وبناءً (في أواخر الكلمات المفردة بعد التركيب).
الصرف: علم بأصول تعرف بها أحوال أبنية الكلم التي ليست بإعراب ولا بناء.
شرح التعريف:
:: (العلم):
يقصد به أحد ثلاثة:
1. الإدراك:
إدراك المعاني مطلقًا , سواء كان المعنى المدرك من جهة المعنى أو التراكيب. ونقول وصول النفس إلى المعنى.
2. المسائل:
نفس المسائل المتعلقة بالفن من إعلال وإبدال وقلب وحذف وغيرها.
3. الملكة:
هي التي يحصّلها الصرفي أو النحوي من ممارسة العلم.
:: (أبنية الكلم):
عدد حروف الكلمة وترتيبها وحركاته المعينة وسكونها وما فيها من حروف زائدة وأصلية.أي ما يعتريها من جهة الصيغة.
:: (الكلم):
اسم جنس , واحده الكلمة , والكلمة تشمل الاسم والفعل والحرف , وسنعرف ماالذي يناقشه علم الصرف منها.
:: (التي ليست بإعراب أو بناء):
حيث أنه يبحث في النحو ما يتعلق بآخر الكلمة.
والتعريف بصورة أدق كما يلي:
لغة: سبق ذكره , حيث يقال لغه يعنى بها: الألفاظ الموضوعة للمعاني.
اصطلاحًا: ما يختص به كل أهل فن بفنونه أو اتفاق طائفة مخصوصة على أمر بينهم.
ويتناول التعريف الاصطلاحي بالنظر من جهتين:
أ. علمية: كما عند المتأخرين (علم بأصول تعرف بها أحوال الكلم التي ليست بإعراب ولا بناء).
ب. عمليّة (صناعي): تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة لمعانٍ مقصودة لا تحصل إلا بها.
التعليق على التعريف العملي:
:: (الأصل الواحد): المصدر والفعل الماضي.
الأصل: ما يبنى عليه غيره.
فهو عند الكوفيين: الماضي , عند البصريين: المصدر. ولنا أن نعمم (المصدر وغيره) ونقصد به الماضي.
:: (إلى أمثلة مختلفة): أي تحويل المصدر أو الفعل الماضي إلى صيغ عربية مختلفة.
ضرْب , ضَرَب: يضرِب , اضرِب , ضارب , مضروب , ضاربان , ضرّاب , ضاربون ....
ويراد بها هيئتها (عدد حروفها , ترتيبها , حركاتها , سكونها , حروفها الزائدة والأصلية)
:: (لمعان مقصودة): المعنى: مايراد ويقصد من اللفظ , فلم نشتق ألفاظا من المصدر إلا لمعانٍ.
فلو أردنا فعل يدل على الطلب من (ضرب) لقلنا بـ (اضرب) , ولو أردنا اسما يدل على الحدث والذات لقلنا: ضارب , وهكذا ....
:: (لا يحصل إلا بهما):
فكل صيغة تدل على معنى معين لا يحصل بغيرها.
* * *
ثالثًا: موضوعه:
موضوع علم الصرف: المفردات العربية من حيث البحث عن كيفية صياغتها لإفادة المعاني , مثل: كيف نصوغ الفعل المضارع من الفعل الماضي , ومن حيث البحث عن أحوالها العارضة لها من صحة وإعلال ونحوهما.
:: (والمراد بالمفردات العربية):
جمع مفردة وهي الكلمة , التي هي: الاسم والفعل والحرف.
= والصرف يدخل في اثنين منهما:
الاسم المتمكن والفعل المتصرف.
¥