تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وظهر من بين الباحثين المعاصرين من أكد على أن أبا الأسود الدؤلي هو مؤسس النحو العربي إضافة إلى نقطه المصحف، فيقول الأستاذ سعيد الأفغاني: إن من يقرأ ترجمة أبي الأسود وما ورد في أكثر المصادر القديمة من أنه أول من وضع العربية ونقط المصاحف، وأن له تلامذة أخذوا عنه العربية وقراءة القرآن في البصرة، كل أولئك مع ما عرف عن أبي الأسود من ذكاء وقّاد، وفكر متحرك، وعقل وروية، يجعلنا نقطع بأنه وضع أساسا بنى عليه مَن بعده، ولكن ما هو هذا الأساس؟ لسنا نجد لهذا السؤال جوابا يشفي الغليل [36] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=875327#_edn36).

ولعل أكثر الباحثين المحدثين تدقيقا في نشأة النحو العربي ودور أبي الأسود في وضع أسسه هو الدكتور عبد الرحمن السيد، في كتابه (مدرسة البصرة النحوية) [37] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=875327#_edn37) ، الذي عرض الروايات القديمة ثم أكد أن اختلاف الروايات ليس دليلا على كذبها ثم يقول: «الحق أن النفس تميل إلى تعدد الأسباب والأخطاء، وأن هذا التعدد في الخطأ والتنوع فيه هو الذي حفز الهمة، وقوّى الرغبة في محاولة التخلص منه، ومن هنا وُضع أساس هذا العلم» [38] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=875327#_edn38).

وهو يؤكد أن أبا الأسود هو مؤسس هذا العلم وواضع أول حجر في صرحه، وهو لا يعني أنه وضع علما كاملا ناضجا وإنما يقصد «أنه فكر في وضع قواعد عامة يمكن أن تحفظ على اللغة سلامتها ... » [39] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=875327#_edn39). ثم يقول: إن الأبواب النحوية التي تنسب المصادر القديمة إلى أبي الأسود وضعها تتعلق بمناسبات خاصة وردت في الروايات القديمة، ولا بد أنه عرضها عرضا ميسرا مفهوما يناسب حاجة أهل زمانه.

وهو يربط بين نقط المصاحف واستخلاص القواعد النحوية لأنه في رأيه «لا يستطيع أحد أن يدعي أن عالما مشهودا له بالتقدم ... ينقِّط المصحف كلمة كلمة، ويلاحظ حركات حروفه حرفا حرفا، ويفعل ذلك في دقة وبراعة، ثم يخرج من عمله هذا دون أن تتكون لديه فكرة أولية عن عمل بعض الأدوات، أو عن حركة بعض الكلمات ذات الوظيفة المتشابهة والوضع المتحد، اللهم إن أن يكون راسخ القدم في الغباء، بعيدا عن صفات أبي الأسود بُعد الأرض عن السماء» [40] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=875327#_edn40).

وما ورد في بعض المصادر القديمة يؤيد وجهة النظر هذه، فقد نقل أبو بكر الأنباري الرواية الخاصة بنقط المصاحف، وجاء في آخرها «فابتدأ بالمصحف حتى أتى على آخره، ثم وضع المختصر المنسوب إليه بعد ذلك» [41] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=875327#_edn41). ويقول ابن قتيبة إن أبا الأسود يُعد من النحويين «لأنه أول من عمل في النحو كتابا» [42] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=875327#_edn42). ولا يتيسر الآن القطع بأن كتاب أبي الأسود في النحو هو تلك الورقات الأربع التي اطلع عليها ابن النديم بخط يحيى بن يعمر، التي ذهب خبرها منذ عصر ابن النديم.

وبلغت جهود الباحثين المحدثين ذروتها بظهور كتابين يبحثان في نشأة النحو العربية وتطوره حتى عصر سيبويه، وهما:

الكتاب الأول: الحلقة المفقودة في تاريخ النحو العربي، تأليف الدكتور عبد العال سالم مكرم [43] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=875327#_edn43) ، الذي يقول في مقدمته: «وقد شعرت منذ أن اشتغلت بالنحو العربي بأن هناك مرحلة مفقودة في تاريخ النحو العربي تمتد من عصر أبي الأسود إلى عصر الخليل وسيبويه» [44] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=875327#_edn44). وقد تكفل الكتاب ببيان تاريخ النحو وتطوره في هذه المرحلة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير