تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

العربية هي لغة العرب [11] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=875340#_edn11). ويمكن أن يكون هذا المعنى هو المقصود في عدد من النصوص التي وردت في المبحث السابق، مثل قول عمر للرجلين اللذين كانا يتراطنان في الطواف: ابتغيا إلى العربية سبيلا. ولكن الكلمة تحتمل معنى آخر في مثل قول عمر: تعلموا العربية، وهو يخاطب قوما من العرب، وتحديد هذا المعنى مفيد في توضيح نشأة النحو العربي.

وجاء في أكثر المصادر القديمة أن أبا الأسود الدؤلي هو أول من وضع النحو، وقد مر ذلك في المبحث الأول، لكن هناك روايات قديمة وردت فيها كلمة (العربية) مكان كلمة النحو، كما جاء في الرواية المنقولة عن عاصم بن أبي النجود (ت128هـ) القارئ المشهور حيث قال: (أول من وضع العربية أبو الأسود الدؤلي) [12] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=875340#_edn12). ولا يراد بكلمة (العربية) في هذا القول وما أشبهه اللغة العربية قطعا، وإنما يراد بها شيء آخر يتعلق بقواعدها أو خصائصها.

واختلف الباحثون المحدثون في دلالة كلمة (العربية) الواردة في قولهم: (أول من وضع العربية أبو الأسود) فذهب بعضهم إلى أن المقصود بها نقاط الإعراب التي استخدمها أبو الأسود في تنقيط المصاحف، قال أحمد أمين: (فالذي يظهر أنهم يعنون بالعربية هذه العلامات التي تدل على الرفع والنصب والجر والجزم والضم والفتح والكسر والسكون، والتي استعملها أبو الأسود في المصحف) [13] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=875340#_edn13).

وذهب بعضهم إلى أنها تدل على لغة البوادي ثم صارت تدل على مجموع قواعد اللغة، فقال محمد خير الحلواني: (وقد كان الناس يطلقون على لغة البوادي التي صيغ بها الشعر ونزل بها القرآن اسم (العربية)، كما ترى فيما نُقل عن عمر بن الخطاب: (تعلموا العربية، فإنها تشبب (تثبت) العقل وتزيد المروءة) ... وبات من السهر أن يكتسب مدلول الكلمة معنى اصطلاحيا يطلق على دراسة (العربية) وما تحتويه من ظواهر ... ) [14] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=875340#_edn14).

وإذا كنا نجد في الروايات القديمة ما يؤيد إطلاق كلمة (العربية) على نقط المصاحف، كقول محمد بن سيف الأزدي: (سألت الحسن عن المصحف ينقط بالعربية) [15] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=875340#_edn15) . وكقول الليث بن سعد (ت165هـ): (لا أرى بأسا أن ينقط المصحف بالعربية) [16] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=875340#_edn16). وإذا كنا نجد في تطور استخدام الكلمة ما يؤيد إطلاقها على دراسة قواعد اللغة العربية، فيقال مثلا: علماء العربية، أي علماء قواعد اللغة العربية - فإن التفسير الملائم لكلمة (العربية) الواردة في النصوص القديمة التي ترجع إلى العقود الأولى من القرن الأول الهجري هو التفسير الوارد في رواية بريدة بن الحصيب الأسلمي، وهو ما نحاول توضيحه هنا.

جاء في رواية عبد الله بن بريدة عن أبيه: (كانوا يؤمرون، أو كنا نؤمر، أن نتعلم القرآن، ثم السنة، ثم الفرائض، ثم العربية: الحروف الثلاثة، قلنا: وما الحروف الثلاثة؟ قال: الجر والرفع والنصب).

وكنا قد ناقشنا مضمون هذه الرواية، ونكتفي هنا بالوقوف عند تفسير كلمة (العربية) بالحروف الثلاثة. ويبدو أن المراد بالحروف الثلاثة هنا حركات الإعراب، التي اكتسبت اسم الحركات في وقت متأخر عن زمن الرواية. ويؤيد هذا التفسير ما جاء في آخرها (الجر والرفع والنصب). ويؤيده أيضا قول ابن جني: (وقد كان متقدمو النحويين يسمون الفتحة الألف الصغيرة، والكسرة الياء الصغيرة، والضمة الواو الصغيرة، وقد كانوا في ذلك على طريق مستقيمة) [17] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=875340#_edn17) وهو قول يمكن أن يستدل به على أنهم كانوا يسمون الحركات حروفا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير