1 - الغفلة، وهي غيبة الأمور عن بال الإنسان، وعدم تذكره لما مضى من الوقت الضائع من عمره، وتركه ذلك إهمالاً وإعراضاً، وعدم التفكير في الإستفادة من وقته الحاضر أو المستقبل، وقد حذر الله سبحانه من الغفلة في قوله تعالى: ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا 28 {الكهف: 28}.
ومن الغفلة أن يقضي الإنسان عمره مشغولاً بالدنيا، غافلاً عن آخرته، فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله {قال: "أعذر الله إلى أمريء أخر أجله حتى بلغ ستين سنة" (33)، وكان من دعاء أبي بكر رضي الله عنه: "اللهم لاتدعنا في غمرة، ولا تأخذنا على غرة، ولا تجعلنا من الغافلين" (34)، "فالغافل يهدر وقته دون ما فائدة تذكر، ولا يتحسر على هذا الوقت الضائع في الدنيا" (35).
2 - الكسل، والكسل والغفلة توأمان يتولد منهما العجز إلا أن الفرق بينهما أن الكسول يبصر المطلوب ولكنه يؤثر الراحة على العمل، ويبرر كسله بالتسويف والإرجاء، ومهما يكن فالنتيجة هي ضياع الوقت، وقد ذم الله الكسالى في قوله تعالى: ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى" ولا ينفقون إلا وهم كارهون 54 {التوبة: 54}، وقوله تعالى: وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى" يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا 142 {النساء: 142}.
وكان الرسول {يتعوذ من العجز والكسل كما ورد في عدة أحاديث منها: عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله {كان يدعو بهؤلاء الدعوات: "اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والمأثم والمغرم" (36)، وذكر أنس رضي الله عنه أنه سمع رسول الله {كثيراً يقول: "اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والهرم، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، وأعوذ بك من عذاب القبر" (37).
3 - التسويف، وهو التأخير والتأجيل لعدم القدرة على سرعة الإنجاز لأي سبب من الأسباب، إما لأن الوقت غير مناسب، أو لوجود عائق يمنع ذلك؛ فهذا التسويف محمود. أما في حالة التسويف مع القدرة على الإنجاز؛ فهذا التسويف مذموم ومضيعة للوقت؛ ولذا أمر الرسول {بالمبادرة إلى استثمار الوقت وعدم التسويف، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله {قال: "بادروا بالأعمال سبعاً: هل تنتظرون إلاّ فقراً منسياً، أو غنى مطغياً، أو مرضاً مفسداً، أو هرماً مفنداً، أو موتاً مجهزاً، أو الدجال فشر غائب منتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر" (38).
4 - اتباع الهوى، وهو ميل النفس إلى ماتشتهيه وتحبه، وغلبة ذلك على القلب، ثم تسير النفس وراء هذا الهوى وتعشقه من غير تحكيم العقل، أو الرجوع إلى الشرع، أو تقدير للعاقبة. فصاحب الهوى بعبوديته لشهواته وميوله لها لايستطيع أن يستفيد من وقته أو من حياته. وصدق الله سبحانه وتعالى إذ يقول: أفرأيت من \تخذ إلهه هواه وأضله الله على" علم وختم على" سمعه وقلبه وجعل على" بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون 23 {الجاثية: 23}.
وعن شداد بن أوس رضي الله عنه أن رسول الله {قال: "الكيّس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها، وتمنى على الله" (39).
5 - طول الأمل، وهذا مرض يضم في ثناياه الغفلة، والكسل والتسويف، ويميل بصاحبه إلى حب الدنيا، والاشتغال بها، والإعراض عن الآخرة.
ولكن إذا كان الأمل هو المفطور عليه الإنسان كحب الحياة، أو جلب منفعة، كأمل في عمارة الأرض، أو بناء مسكن لأسرته، أو الوصول إلى أعلى المناصب؛ فهذا الأمل محمود ولكن بشرط أن لايحول بين الإنسان وطاعة الله تعالى فقد قال الله تعالى: وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا 77 {القصص: 77}.
وقد روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه أنه قال: "أعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، وأعمل لآخرتك كأنك تموت غداً" (40).
أما طول الأمل المذموم فهو ماشغل عن طاعة الله تعالى، وضيع الوقت والعمل، وهذا خليط من الغفلة والتسويف، قال الله تعالى في هذا النوع من الأمل: ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون 3 {الحجر: 3}.
أضف إلى ذلك من أسباب ضياع الوقت: الفراغ القلبي، والنفسي، أي: ضعف الإيمان، ومصاحبة البطالين.
وكم من الأوقات يقضيها البعض أمام الشاشات، وفي المقاهي، وسماع المحرمات، وغيرها. تذهب من أعمارهم لايجنون منها إلا الندم!
الخلاصة:
¥