تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم يستطرد الشيخ في تقسيم أسماء الله إلى متعدية ولازمة، وما يتضمنه كل نوع من الدلالة، ثم يستطرد مرة ثانية إلى الفرق بين دلالة التضمن والاستلزام وتطبيق ذلك على اسم (الخالق، والرحمن، والحي).

وفي مجال تصحيح الأخطاء العقدية يذكرُ الشيخ رحمه الله عند كلامه على آيات عموم القدرة في أكثر من موضع يذكر مقالة السيوطي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: [لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ] (المائدة: 120)، حين قال: «وخصَّ العقل ذاته فليس عليها بقادر» [7]، ثم يتعقبها ففي تفسيره لقوله تعالى: [قُلْ إِن تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ] (آل عمران: 29)، يقول الشيخ رحمه الله بعد ذكره مقالة السيوطي السابقة: «فإن هذه كلمة باطلة، هو أراد معنى والله أعلم لكن التعبير بهذا خطأ، نقول: إن الله تعالى قادرٌ على كل شيء يتعلقُ بفعله، أو بفعل عباده، كل شيء يفعله الله فهو بقدرته سبحانه وتعالى، كل شيء يفعله العبادُ فهو بقدرته، وهذا الاستثناء أو هذا التخصيص غير صحيح، بل العقل يشهد لله تعالى بكمال أو بعموم القدرة، وأنه على كل شيء قدير».

وفي مسألة التفاضل بين الملائكة وصالحي البشر، وهي مسألة أطال فيها بعضُ العلماء النَّفَسَ، وحُشدت لأجلها الأدلة يوردها الشيخ رحمه الله من فوائد قوله تعالى: [إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ] (آل عمران: 33)، يوردها بقوله: «من فوائد الآية الكريمة ما ذكره بعض أهل العلم من أن الصالحين من البشر أفضل من الملائكة، ثم يقول: وعندي أن البحث في هذه المسألة من فضول العلم؛ لأنه أي فائدة لنا إذا قلنا: إن فلاناً أفضل من جبريل، أو جبريل أفضل من فلان .. ؟»، وبعد إشارته لشيء من أدلة الفريقين، يقول: «وجمع شيخ الإسلام رحمه الله بين هذين القولين، فقال: إن الملائكة أفضل باعتبار البداية، وصالحي البشر أفضل باعتبار النهاية».

ثم ينهي الشيخ رحمه الله عرضه للمسألة بقوله: «ومع ذلك فإني أرى أن الإمساك عن هذا أوْلى ...

وأمَّا أيهم أفضل فهذا أمر لم نكلف به».

والحق أن الجانب العقدي في تفسير الشيخ سواء ما يتعلق منه بتوحيد الربوبية أو الألوهية أو الأسماء والصفات، أو غيرها من مباحث العقيدة يستحق أن يفرد بدراسة استقرائية وافية يُبرز من خلالها منهج الشيخ في ذلك.

سابعاً: كثرة القواعد العلمية التي يذكرها ويذكر تطبيقها في الآية، وهي قواعد متنوعة من لغوية ونحوية وأصولية وغيرها، ومنها: * الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.

* الأصل أن الوصف متحقق في الموصوف حتى يتبين خروجه عن ذلك.

* من تأمل الشريعة وجد أنها تعتني بالمعنى أكثر من الاعتناء باللفظ.

* لا ينبغي الإطلاق في موضع يخشى فيه من التعميم.

* العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

* عند التنازع نرد المسألة إلى كتاب الله وسنة رسوله.

* العام لا يدل على جميع أفراده دلالة قطعية، بل دلالته ظنية.

ولو جُمعت هذه القواعد العلمية العامة مع تطبيقاتها، لشكلت كتاباًَ نافعاً لطلبة العلم.

وبعد، فما ذُكر في هذه المقالة غيضٌ من فيض، وقليل من كثير، وعسى الله أن يُقيض من يقوم بدراسة منهج الشيخ في عموم العلوم التي برع فيها، فيُبرز فيها ما يفيد طلبة العلم من تراث الشيخ المبارك.

ولا نملك في الختام إلا أن ندعو له بالمغفرة والرحمة، ونسأل الله أن يبلغه الفردوس الأعلى جزاء ما قدم، إنه سميع قدير، وبالإجابة جدير.


(*) محاضر في قسم القرآن وعلومه، جامعة الإمام، فرع القصيم، ومن خواص تلاميذ الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
(1) يخرج بهذا ما كتبه الشيخ رحمه الله من تأليف في التفسير.
(2) من ذلك شرحه للآيات في كتاب التوحيد، والواسطية، ومقدمة التفسير وغيرها.
(3) انظر إعرابه لقوله تعالى: [إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ [(آل عمران: 4).
(4) تيسير الكريم الرحمن، ص 696، تحقيق: اللويحق.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير