تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[قصة طريفة قرأتها في ”لسان العرب”]

ـ[عبدالله الشمراني]ــــــــ[01 - 08 - 03, 08:46 ص]ـ

هذه قصة طريفة قرأتها في ”لسان العرب” (4/ 241 ـ 242) للشيخ: محمد بن مكرم بن منظور ت (711هـ) رَحِمَهُ اللَّهُ، في مادة: [خَصَرَ]. فأحببت نقلها لإخواني في ”الملتقى”:

خَاصَر الرَّجُلُ صَاحِبَهُ إِذَا أَخَذَ بِيَدِهِ فِي الْمَشِي. وَالْمُخَاصَرَةُ: أَخْذُ الرَّجُلِ بِيَدِ الرَّجُلِ. قَالَ [أبو دَهْبَلٍ الجُمَحِي]:

ثم خاصَرْتُها إلى القُبَّةِ الخَضْـ رَاءِ تَمْشِي في مَرْمَرٍ مَسْنُونِ

أي: أخذتُ بِيَدِها تَمْشِي في مَرْمَرٍ، أي: على مَرْمَرٍ مَسْنُونِ. أي: مُمَلَّس. وروى ثعلب بسنده إلى إبراهيم بن أبي عبدالله، قال: خرج أبو دَهْبَلٍ الجُمَحِي يُريدُ الغزوَ، وكانَ رجُلاً صالحًا جميلاً، فَلَمَّا كانَ بِـ ”جَيْرُونَ” جَاءَتُه امرَأةٌ، فَأَعْطَتُهُ كِتَابًا فَقَالتْ: اِقْرَأ لِيَ هَذا الكِتابَ. فَقَرَأهُ لها، ثُمَّ ذَهَبَتْ فَدَخَلَتْ قَصْرًا، ثُمَّ خَرَجَتْ إِليْه فَقَالَتْ: لَوْ تَبَلَّغْتَ مَعِيَ إِلَى هَذَا الْقَصَر، فَقَرَأْتَ هَذَا الْكِتَابَ عَلَى اِمْرَأةٍ فِيهِ؛ كَانَ لَكَ فِيَ ذَلِكَ حَسَنَةٌ إنْ شَاءَ اللهُ تعَالَى، فِإنَّه أَتَاهَا مِنْ غَائِبٍ يَعْنِيهَا أَمْرُه. فَبَلَغَ مَعَهَا الْقَصَرَ فَلَمَّا دَخَلَهُ إِذَا فِيهِ جَوَارٍ كَثِيرَة، فَأَغْلَقْنَ عَلَيْهِ الْقَصَرَ، وَإِذَا اِمْرَأةٌ وَضِيئَةٌ، فَدَعَتْهٌ إِلَى نَفْسِهَا فَأَبَى، فَحُبِسَ، وَضُيِّقَ عَلَيْهِ، حَتَّى كَادَ يَمُوت، ثُمَّ دَعَتْهُ إِلَى نَفْسِهَا، فَقَالَ: أَمَّا الْحَرَامَ فَوَاللهِ لاَ يَكُونُ ذَلِكَ، وَلَكِن أَتَزَوَّجُكِ. فَتَزَوَّجَتْهُ، وَأَقَامَ مَعَهَا زَمَانًا طَوِيلاً لاَ يَخْرُجُ مِنَ الْقَصْرِ، حَتَّى يُئِسَ مِنْهُ، وَتَزَوَّجَ بَنُوهُ وَبَنَاتُهُ، وَاقْتَسَمُوا مَالَهُ، وَأَقَامَتْ زَوْجَتُهُ تَبْكِي عَلَيْهِ حَتَّى عَمَشَتْ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا دَهْبَل قَالَ لامْرَأَتِهِ: إِنَّكِ قَدْ أَثِمْتِ فِيَّ وَفِي وَلَدِي وَأَهْلِي، فَأْذَنِي لِي فِي الْمَصِيرِ إِلَيْهِم، وَأَعُودُ إِلَيْكِ. فَأَخَذَتْ عَلَيْهِ الْعُهُودَ أَنْ لاَ يُقِيمِ إِلاَّ سَنَةً، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا وَقَدْ أَعْطَتُهُ مَالاً كَثِيرًا، حَتَّى قَدِمَ عَلَى أَهْلِهِ، فَرَأَى حَالَ زَوْجَتِهِ، وَمَا صَارَتْ إِلَيْهِ مِنْ الضُّرِّ، فَقَالَ لأَوْلاَدِهِ: أَنْتُم قَدْ وَرَثْتُمُونِي وَأَنَا حَيٌّ، وَهُو حَظَّكُم، وَاللهِ لاَ يَشْرِك زَوْجَتِي فِيمَا قَدِمْتُ بِهِ مِنْكُم أَحَدٌ، فَتَسَلَّمَتْ جَمِيعَ مَا أَتَى بِهِ، ثُمَّ إِنَّه اشْتَاقَ إِلَى زَوْجَتِهِ الشَّامِيَّة، وَأَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَيْهَا، فَبَلَغَهُ مَوْتُهَا، فَأَقَامَ، وَقَالَ:

صاحِ! حَيَّا الإِلَهُ حَيًّا ودُورًا عند أَصْلِ القَنَاةِ مِنْ جَيْروُنِ

طَالَ لَيْلِي وَبِتُّ كالمَجْنُونِ وَاعْتَرَتْنِي الهُمُومُ بالماطِرُونِ

عن يَسارِي إذا دَخَلْتُ مِن البا بِ وإن كنتُ خَارجًا عن يميني

فَلِتِلْكَ اغْتَرَبْتُ بالشَّامِ حتَّى ظَنَّ أهلي مُرْجَمَاتِ الظُّنُونِ

وهْيَ زَهْراءُ مِثْلُ لُؤلُؤةِ الغَـ وَّاصِ مِيزَتْ من جَوْهَرٍ مَكْنُونِ

وإذا ما نَسَبْتَها لم تَجِدْهَا في سَنَاءٍ من المَكَارِمِ دونِ

تَجْعَلُ المِسْكَ وَاليَلَنْجُوجَ والنَّـ ـدَّ صِلاءً لها على الكانونِ

ثم خاصَرْتُها إلى القُبَّةِ الخَضْـ رَاءِ تَمْشِي في مَرْمَرٍ مَسْنُونِ

قُبَّةٌ من مَرَاجِلٍ ضَرَبَتْهَا عندَ حَدِّ الشِّتَاءِ في قَيْطُونِ

ثم فَارَقْتُها عَلى خَيْرِ ما كا نَ قَرِينٌ مُفَارِقًا لِقَرِينِ

فَبَكَتْ خَشْيَةَ التَّفَرُّقِ للبَيْـ نِ بُكَاءَ الحَزِين إِثْرَ الحَزِينِ

انتهى النقل من ”اللسان”، وأتمنى أن تكون قد أعجبتكم، كما أعجبتني.

ـ[أبو حازم المسالم]ــــــــ[01 - 08 - 03, 03:59 م]ـ

رائعة .. جزاك الله خيرا.

ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[02 - 08 - 03, 12:57 م]ـ

نعم .. قصة جيدة، وتشبه قصص ألف ليلة وليلة، ولكن: روى ثعلب

بسنده كافية في التوقف في صحة الخبر، فوق أن فيه أشياء غير

معقولة ولا عادية ..

ـ[أبو خالد السلمي.]ــــــــ[03 - 08 - 03, 07:49 م]ـ

جزى الله شيخنا الفاضل عبد الله الشمراني خيراً على إيراده هذه القصة اللطيفة المؤثرة المشتملة على عبر عظيمة.

وتعقيبا على استدراك شيخنا رضا صمدي أقول: إن عادة أهل العلم في مقام الوعظ والإرشاد _ ولكل مقام مقال _ أنهم يوردون أمثال هذه القصص _ بشرط خلوها من المخالفات الشرعية أو التنبيه عليها إن وجدت _ ولا يتوقفون كثيرا عند صحتها أو ضعفها، فيكفي في هذا المقام أن يقال روى ثعلب بسنده أو أورد ابن منظور في اللسان قصة كيت وكيت، لأن الغرض ليس الاستدلال بها على إثبات عقيدة أو حكم فقهي وإنما مجرد مُلَح يستأنس بها في الحث على مكارم الأخلاق الثابتة في الكتاب والسنة الصحيحة، فمثل هذه القصة يمكن أن يستأنس بحكايتها في مجلس وعظ لبيان فضل الاستعفاف عن الحرام في قوله (فَدَعَتْهٌ إِلَى نَفْسِهَا فَأَبَى، فَحُبِسَ، وَضُيِّقَ عَلَيْهِ، حَتَّى كَادَ يَمُوت، ثُمَّ دَعَتْهُ إِلَى نَفْسِهَا، فَقَالَ: أَمَّا الْحَرَامَ فَوَاللهِ لاَ يَكُونُ ذَلِكَ، وَلَكِن أَتَزَوَّجُكِ)، وأن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، وأن الله تعالى يرزق من يشاء بغير حساب، والحث على الوفاء بين الزوجين الذي يتضح من قوله (وَأَقَامَتْ زَوْجَتُهُ تَبْكِي عَلَيْهِ حَتَّى عَمَشَتْ) وكذلك في رثائه هو لزوجته الشامية وتأثره بفقدها، وغير ذلك من العبر.

ووجهة نظري أنها من جهة إمكان وقوعها عقلا فهي ممكنة ليس فيها ما يستحيل وقوعه، والله تعالى أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير