تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أكل لحم الإبل ناقض للوضوء]

ـ[ابن الريان]ــــــــ[08 - 08 - 03, 10:51 ص]ـ

قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – في الشرح الممتع على زاد المستقنع (المجلد الأول):

< CENTER>

( أكل لحم الإبل ناقض للوضوء)

( ص247) والأدلة على ذلك:-

1 - حديث جابر رضي الله عنه: (سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم، قال: أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت) (ص248) فالنبي صلى الله عليه وسلم علَّق الوضوء بالمشيئة في لحم الغنم، فدل هذا على أن لحم الإبل لا مشيئة فيه ولا اختيار.

2 - حديث البراء رضي الله عنه، وفيه: (توضؤوا من لحوم الإبل)، والأصل في الأمر الوجوب.

فإن قيل:

حديث جابر رضي الله عنه: (كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار).

فالجواب:

(ص249) هذا عام، وما ورد في نقض الوضوء بلحم الإبل خاص، والعام يُحمَل على الخاص فيخرج منه الصور التي قام عليها دليل التخصيص، ولا يقال بالنسخ مع إمكان الجمع، لأن النسخ مع إمكان الجمع إبطال لأحد الدليلين وهو ليس بباطل.

والغرض من حديث جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء مما مست النار (ص250) وصح عنه الأمر بذلك، فقال جابر: (كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار).

والنبي صلى الله عليه وسلم إذا أمر بأمر وفعل خلافه دل فعله على أن الأمر ليس للوجوب.

ومال الشوكاني إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أمر بأمر وفعل خلافه صار الفعل خاصاً به، وبقي الأمر بالنسبة لكلامه على مدلوله للوجوب.

وهذا ضعيف، لأن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم تشمل قوله وفعله، فإذا عارض قوله فعله، فإن أمكن الجمع فلا خصوصية لأننا مأمورون بالاقتداء به قولاً وفعلاً، ولا يجوز أن نحمله على الخصوصية مع إمكان الجمع لأن معنى ذلك ترك العمل بشطر السنة وهو السنة الفعلية.

وإن قيل:

حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الوضوء مما خرج، لا مما دخل).

فالجواب:

أن حديث ابن عباس ضعيف، وإن صح موقوفاً فقد خولف.

وهل هناك فرق بين اللحم وبقية الأجزاء؟

(ص251) الصحيح: أنه لا فرق، والأدلة على ذلك:-

1 - أن اللحم في لغة الشرع يشمل جميع الأجزاء بدليل قوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير} فلحم الخنزير يشمل كل ما في جلده بل حتى الجلد، وإذا جعلنا التحريم من لحم الخنزير – وهو المنع – يشمل جميع الأجزاء، فكذلك نجعل الوضوء من لحم الجزور – وهو أمر – يشمل جميع الأجزاء، بمعنى: أنك إذا أكلت أي جزء من الإبل فإنه ينتقض وضوؤك.

2 - أن في الإبل أجزاء كثيرة قد تقارب اللحم، ولو كانت غير داخلة لبيَّن ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، لعلمه أن الناس يأكلون اللحم وغيره.

3 - أنه (ص252) ليس في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم حيوان تتبعض أجزاؤه حِلاً وحرمة، وطهارة ونجاسة، وسلباً وإيجاباً، وإذا كان كذلك فلتكن أجزاء الإبل كلها واحدة.

4 - أن النص يتناول بقية الأجزاء بالعموم المعنوي، إذ لا فرق بين اللحم وهذه الأجزاء، لأن الكل يتغذى بدم واحد وطعام واحد وشراب واحد.

5 - أنه إذا قلنا: بوجوب الوضوء وتوضأنا وصلينا فالصلاة صحيحة قولاً واحداً، وإن قلنا: بعدم الوجوب وصلينا بعد أكل شيء من هذه الأجزاء بلا وضوء فالصلاة فيها خلاف، فمن العلماء من قال بالبطلان.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه)، وقال صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك).

وهل يتوضأ من مرق لحم الإبل؟

(ص253) قيل: أنه غير واجب ولو ظهر طعم اللحم، لأنه لم يأكل لحماً.

وقيل: أنه يجب الوضوء لوجود طعم اللحم في المرق، كما لو طبخنا لحم خنزير فإن مرقه محرم، وهذا تعليل قوي جداً، والأحوط أن يتوضأ.

أما إذا كان اللحم في الطعام ولم يظهر فيه أثره ولم يتبيَّن فإنه لا يضر.

وهل يتوضأ من ألبان الإبل؟

الوضوء من ألبان الإبل مستحب وليس بواجب لوجهين:

الأول: أن الأحاديث الكثيرة الصحيحة الواردة في الوضوء من لحوم الإبل والوضوء من ألبانها أسانيدها حسنة، وبعضهم ضعفه.

الثاني: ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه في قصة العرنيين: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يلحقوا بإبل الصدقة، ويشربوا من أبوالها وألبانها) ولم يأمرهم أن يتوضؤا من ألبانها مع أن الحاجة داعية إلى ذلك، فدل على أن الوضوء منها مستحب.

(ص254) الحكمة من وجوب الوضوء من لحم الإبل:-

أولاً: أن الحكمة أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وكل ما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم من الأحكام فهو حكمة.

قال تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}.

وحديث عائشة رضي الله عنها لمَّا سئلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قالت: (كان يصيبنا ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة).

(ص255) ولأننا نؤمن – ولله الحمد – أن الله لا يأمر بشيء إلا والحكمة تقتضي فعله، ولا ينهى عن شيء إلا والحكمة تقتضي تركه.

ثانياً: أن بعض العلماء التمس حكمة فقال: إن لحم الإبل شديد التأثير على الأعصاب، فيهيجها، ولهذا الطب الحديث ينهى الإنسان العصبي من الإكثار من لحم الإبل، والوضوء يسكن الأعصاب ويبردها.

كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالوضوء عند الغضب لأجل تسكينه.

وسواء كانت هذه الحكمة أم لا فإن الحكمة هي أمر النبي صلى الله عليه وسلم، لكن إن علمنا الحكمة فهذا من الله وزيادة علم، وإن لم نعلم فعلينا التسليم والانقياد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير