وأما شرعاً: فالكفر ضد الإيمان وهذا تعريفه بالضد، وأما تعريفه بالحد والحقيقة فهو اسم جنس يقع على أقوال وأفعال واعتقادات تضاد الإيمان وهذا تعريف أهل السنة والجماعة.
أرجو ممن عنده إضافة أو فرقاًَ بين الشرك والكفر أن يفيدنا به وجزاكم الله خيراًَ.
ـ[الطارق بخير]ــــــــ[21 - 08 - 03, 12:50 ص]ـ
قال الأخ عبد العزيز الريس:
"اختلف العلماء في الشرك والكفر هل هما بمعنى واحد أم بينهما فرق؟ على قولين:
الأول: أن كل شرك كفر، وليس كل كفر شركا، قال ابن حزم في الفصل (3/ 222): " هو قول أبي حنيفة وغيره"اهـ.،
وهو ظاهر قول ابن تيمية في الرد على البكري (ص148) إذ قال:
"ولهذ يقال: كل مشرك مكذب برسول الله -صلى الله عليه وسلم- منتقص به، وليس كل من كذب الرسول أو تنقصه يكون مشركا، فصار قوله متضمنا لنتقص الرسول مع الشرك عند منازعيه"
إلى أن قال: "والناس متنازعون في أهل الكتاب هل يدخلون في المشركين أم لا؟ والتحقيق أن أصل دينهم ليس فيه شرك لكن ابتدعوا نوعا من الشرك، ولهذا قال تعالى: "لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين" فجعل المشركين غير أهل الكتاب" اهـ.
وانظر حاشية ابن قاسم على ثلاثة الأصول (ص35)، ولهؤلاء دليلان كما أفاده ابن حزم:
أ) أن في اللغة بينهما فرقا، فمن ثم يكون في الشرع، إذا الشرع نزل بلغة العرب.
ب) بقوله تعالى: "لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين"، وجه الدلالة: أنه عطف أهل الكتاب على المشركين، والعطف يقتضي المغايرة.
ت) ويمكن أن يستدل لهم بقول ابن عمر كما روى البخاري رقم (5285) قال ابن عمر في النصرانية: "لا أعلم شركا أعظم من أن تقول ربها عيسى".
وجه الدلالة أن ابن عمر -رضي الله عنه- أورد هذا الكلام ليثبت أن النصرانية صارت مشركة بدل كونها كافرة من أهل الكتاب، فمن ثم لا يتزوج بها، ولولا أنه يرى الفرق لما احتاج لإثبات ذلك.
ث) أن من أشرك بالله فقد كفر بالأوامر التي جاءت بتوحيد الله، فمن هنا صار كل مشرك كافرا، ثم أيضا يكون الكفر أعلم من الشرك، وذلك في مثل من لا يعبد إلا هواه وحده، أو غيره من المعبودات الباطلة، أو حتى من يدعي أنه لا يعبد أحدا، فهؤلاء لم يشركوا إذ لم يعبدوا إلا واحدا ألا وهي معبوداتهم الباطلة، ولم يتحقق الشرك فيهم، إذا لم يعبدوا الله حتى يكون هناك تسوية، فهنا حصل الكفر دون الشرك.
الثاني: أنهم اسمان لمسمى واحد، فهما سواء، وعزا ابن حزم هذا القول للشافعي، وغيره، وصره (3/ 22)، وسمعت محدث الديار محمدا ناصر الدين الألباني ينتصر لهذا القول، واستدلوا بما يلي:
أ) قال تعالى: "قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا" ثم قال: "يا ليتني لم أشرك بربي أحدا".
وجه الدلالة: أن هذه الأشياء المذكورة على قول المفرقين كلها كفر، ومع ذلك أطلق عليها شركا.
ب) قال تعالى: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء".
وجه الدلالة: أن القول بالفرق بينهما يلزم منه أن الكفر يغفر.
ت) قال تعالى: " أرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم"
وجه الدلالة: أنه كفر لما تخذا إلهه هواه، وهو شرك.
ث) الأحاديث التي فيها: "فقد كفر أو أشرك".
والراجح من القولين القول الأول، إذ هو الأصل؛ لاختلاف المعنيين لغة، ولكون أدلة القول الثاني يمكن الإجابة عليها، ويتضح ذلك بما يلي:
- أما الإجابة على الدليل الأول أن يقال: بأن صاحب الجنة وقع في الشرك كما وقع في الكفر، وذلك بأن قال: "ما أظن أن تبيد هذه أبدا" فوصف الجنة بالدوام شرك أكبر، لأن الدوام للآفراد خاص بالله سبحانه، فإذا وصف به غيره صار شركا أكبر؛ لأنه ساوى غير الله بالله في الدوام، وهو خاص به تعالى، فمن هذا يعلم أن قوله: "يا ليتني لم أشرك بربي أحدا" لم يطلق على أمر كفري، بل أمر شركي -كما سبق-، فبهذا يسقط الاستدلال به.
- أما الإجابة على الدليل الثاني أنا لا نسلم بأن الكفر دون الشرك فهو إن لم يكن مساويا له أو أعظم منه فلن يكون دونه،
يوضح ذلك: أن المشرك يثبت للرب ربوبيته ويعبده لكن بإشراك غيره معه، ومن كان كذلك على القول الأول فهو كافر أيضا،
إنما بتصور الكفر منفصلا عندهم فيمن جحد وجودج الرب سبحانه، وهذا لا شك أنه أعظم من الشرك.
- أما الإجابة على الدليل الثالث: أن هذه الآية لا دلالة فيها إذ هذا الذي اتخذ إلهه هواه لا يخلو من حالتين:
إما أنه ينكر الرب سبحانه ويعبد هواه وحده، فهذا لا يكون إلا كافرا، وإما أنه يعبد الله وهواه وهذا يكون مشركا، والآية على كلا الحالتين لم تحك لنا حاله هل هو مشرك أو كافر حتى يصح الاستدلال به.
- أما الإجابة على الدليل الرابع من وجهين:
أ) أن الراوي لم يضبط أي اللفظين نطق به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فمن ثم تكون الرواية مروية على الشك، فلا يصح الاستدلال بها إلا بعد ضبط أي الروايتين أرجح.
ب) وإن كانت الرواية مروية على غير وجه الشك فيقال: إن هذه الصور كترك الصلاة مما اجتمع فيه الشرك والكفر، وذلك أن الشرك جاء من عبادة الله والهوى معه، والكفر جاء من جهة ترك أمر الله في هذه الصورة إذ كل شرك كفر."
من مذكرة لعبدالعزيز الريس في التوحيد، ص (9 - 11).
¥