ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[22 - 10 - 03, 06:24 م]ـ
قال الألباني في تمام المنة
القاعدة الخامسة
عدم الاعتماد على توثيق ابن حبان قد علمت مما سبق آنفا أن المجهول بقسميه لا يقبل حديثه عند جمهور العلماء، وقد شذ عنهم ابن حبان فقبل حديثه، واحتج به وأورده في " صحيحه "،
قال الحافظ ابن حجر في " لسان الميزان ": " قال ابن حبان: من كان منكر الحديث على قلته لا يجوز تعديله إلا بعد السبر، ولو كان ممن يروي المناكير، ووافق الثقات في الأخبار، لكان عدلا مقبول الرواية، إذ الناس أقوالهم على الصلاح والعدالة حتى يتبين منهم ما يوجب القدح [فيجرح بما ظهر منه من الجرح]، هذا حكم المشاهير منالرواة، فأما المجاهيل الذين لم يرو عنهم إلا الضعفاء فهم متروكون على الأحوال كلها ". "
الضعفاء " (2/ 192 - 193) والزيادة من ترجمة عائذ الله المجاشعي.
ثم قال الحافظ: " قلت: وهذا الذي ذهب إليه ابن حبان من أن الرجل إذا انتفت جهالة عينه كان على العدالة حتى يتبين جرحه مذهب عجيب، والجمهور على خلافه، وهذا مسلك ابن حبان في " كتاب الثقات " الذي ألفه، فإنه يذكر خلقا نص عليهم أبو حاتم وغيره على أنهم مجهولون، وكان عند ابن حبان أن جهالة العين ترتفع برواية واحد مشهور، وهو مذهب شيخه ابن خزيمة، ولكن جهالة حاله باقية عند غيره ".
هذا كله كلام الحافظ.
ومن عجيب أمر ابن حبان أنه يورد في الكتاب المذكور بناء على هذه القاعدة المرجوحة جماعة يصرح في ترجمتهم بأنه " لا يعرفهم ولا آباءهم "! فقال في الطبقة الثالثة: " سهل، يروي عن شداد بن الهاد، روى عنه أبو يعفور، ولست أعرفه، ولا أدري من أبوه ".
ومن شاء الزيادة في الأمثلة فليراجع " الصارم المنكي " (ص 92 - 93)، وقد قال بعد أن ساقها: " وقد ذكر ابن حبان في هذا الكتاب خلقا كثيرا من هذا النمط، وطريقته فيه أنه كر من لم يعرفه بجرح وإن كان مجهولا لم يعرف حاله، وينبغي أن ينتبه لهذا ويعرف أن توثيق ابن حبان للرجل بمجرد ذكره في هذا الكتاب من أدنى درجات التوثيق ".
ولهذا نجد المحققين من المحدثين كالذهبي والعسقلاني وغيرهما لا يوثقون من تفرد بتوثيقه ابن حبان، وستأتي أمثلة كثيرة على ذلك عند الكلام على الأحاديث الضعيفة التي وثق المؤلف - أو من نقل عنه - رجالها، مع أن فيها من تفرد ابن حبان بتوثيقهم من المجهولين. ومما ينبغي التنبه له أن قول ابن عبد الهادي:. "
وإن كان مجهولا لم يعرف حاله " ليس دقيقا: لأنه يعطي بمفهوم المخالفة أن طريقة ابن حبان في " ثقاته " أن لا يذكر فيه من كان مجهول العين! وليس كذلك، بدليل قوله المتقدم في " سهل ": " لست أعرفه، ولا أدري من أبوه ".
ومثله ما يأتي قريبا.
وكذلك قول الحافظ: " برواية واحد مشهور " يوهم أن ابن حجان لا يوثق إلا من روى عنه واحد مشهور: لأنه إن كان يعني مشهورا بالقثة كما هو الظاهر، فهو مخالف للواقع في كثير من ثقاته، وإن كان يعني غير ذلك فهو مما لا قيمة له، لأنه إما ضعيف أو مجهول، ولكل منهما رواة في " كتاب الثقات " وإليك بعض الأمثلة من طبقة التابعين عنده:
1 - إبراهيم بن عبد الرحمن العذري. قال (4/ 10): " يروي المراسيل، روى عنه معان بن رفاعة ".
ثم ذكر له بإسناده عنه مرسلا: " يرث هذا العلم من كل خلف عدوله. . . ". الحديث.
قلت: ومعان هذا قال الحافظ نفسه فيه: " لتن الحديث ".
وقال الذهبي: " ليس بعمدة، ولا سيما أتى بواحد لا يدرى من هو! ". يعني إبراهيم هذا، فهو مجهول العين، وأشار ابن حبان إلى هذا فقال في ترجمة معان من " الضعفاء " (3/ 36): " منكر الحديث، يروي مراسيل كثيرة، ويحدث عن أقوام مجاهيل، لا يشبه حديثه حديث الأثبات ".
2 - إبراهيم بن إسماعيل. قال (4/ 14 - 15): " يروي عن أبي هريرة، روى عنه الحجاج بن يسار ".
قلت: الحجاج هذا - ويقال فيه: ابن عبيد - قال الحافظ فيه: فقال: " مجهول ".
وكذا قال قبله أبو حاتم وغيره كما في " ميزان " الذهبي، وبين وجه ذلك فقال: " روى عنه ليث بن أبي سليم وحده "! وليث هذا ضعيف مختلط كما هو معروف حتى عند ابن حبان (2/ 231).
¥