أخبرنا عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري قال أنا عبد الخالق بن الحسن المعدل قال ثنا محمد بن سليمان بن الحارث قال ثنا مسلم بن إبراهيم الأزدي قال ثنا شعبة بن الحجاج عن مسعر بن كدام عن وبرة بن عبد الرحمن عن همام بن الحارث عن عبد الله بن مسعود قال ان من السنة الغسل يوم الجمعة
قال أكثر أهل العلم يجب أن يحمل قول الصحابي أمرنا بكذا على أنه أمر الله ورسوله
وقال فريق منهم يجب الوقف في ذلك لأنه لا يؤمن ان يعني بذلك أمر الأئمة والعلماء كما انه يعني بذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
والقول الأول أولى بالصواب
والدليل عليه ان الصحابي إذا قال أمرنا بكذا فانما يقصد الاحتجاج لاثبات شرع وتحليل وتحريم وحكم يجب كونه مشروعا
وقد ثبت انه لايجب بأمر الأئمة والعلماء تحليل ولا تحريم إذا لم يكن ذلك أمرا عن الله ورسوله وثبت ان التقليد لهم غير صحيح
وإذا كان كذلك لم يجز ان يقول الصحابي أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا ليخبر بإثبات شرع ولزوم حكم في الدين وهو يريد أمر غير الرسول ومن لا يجب طاعته ولا يثبت شرع بقوله وانه متى أراد أمر من هذه حاله وجب تقييده له بما يدل على انه لم يرد أمر من يثبت بامره شرع
وهذه الدلالة بعينها توجب حمل قوله من السنة كذا على انها سنة الرسول الله صلى الله عليه وسلم
فان قيل هل تفصلون بين قول الصحابي ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وبين قوله بعد وفاته
قيل لا لأنا لا نعرف أحدا فصل بين ذلك
فأما إذا قال ذلك من بعد الصحابة فلا يمتنع ان يعني بذلك أمر الأئمة بذلك الشيء وأمرهم حجة يجب اتباعها ويحرم مخالفتها وإن كان قد قالوه رأيا واجتهادا ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء فاجماع الأئمة على التحليل والتحريم يثبت به الحكم كأمر النبي صلى الله عليه وسلم
وقد يفصل بين القائل لذلك من الصحابة وبين القائل له ممن بعدهم بأن القائل من الصحابة وقد جعل له بحق معاصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلقيه عنه والسماع منه ومن بعده فليس كذلك فيحتمل أن يريد به أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحتمل ان يريد به أمر غيره من أئمة الدين
وأيضا فإنه إذا حمل قول القائل أمرنا بكذا على انه أمر من الأئمة بذلك الشيء فإنه قد تضمن ذلك كون النبي صلى الله عليه وسلم آمرا به لأنه قد ثبت أنه قد أمر بفعل ما اجتمعت الأمة على الأمر به ونهى عما نهت عنه وانما يمنع من حمل ظاهر الرواية على أنه أمر من لا يثبت بأمره ونهيه حكم من شرع ولا يجب به العمل وليس هذه حال أمر الأئمة بالشيء
وقال ابن الملقن في المقنع ج: 1 ص: 125
قول الصحابي أمرنا بكذا ونهينا عن كذا أو من السنة كذا أو أمر بلال أن يشفع الأذان وما أشبهه كله مرفوع وقيل لا
ولا فرق بين أن يقول ذلك في حياة رسول الله وبعده قلت وإن كان يحتمل إذا قاله بعده أن يكون الآمر أعرف بينهم أعرغأرأرعفوالناهي من أدركه من الخلفاء لكن احتمال إرادته رسول الله أظهر
وقد قال الشافعي في الأم في باب ما عدد كفن الميت بعد ذكر ابن عباس والضحاك ما نصه وابن عباس والضحاك بن قيس رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يقولان السنة إلا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
لكن نقل ابن داود من أصحابنا في شرحه للمختصر في كتاب الجنايات في باب أسنان الإبل عن الشافعي أنه كان يرى في القديم أن ذلك مرفوع إذا صدر من الصحابي أو التابعي ثم رجع عنه لأنهم قد يطلقون ويريدون به سنة البلد
لكن لما ذكر الشافعي عن سفيان عن أبي الزناد قال سئل سعيد بن المسيب عن الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته قال يفرق بينهما قال أبو الزناد قلت سنة فقال سعيد سنة
قال أعني الشافعي والذي يشبه قول سعيد سنة أن يكون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وحكى القاضي أبو الطيب وجهين لأصحابنا فيما إذا قال التابعي من السنة كذا أصحهما وأشهرهما أنه موقوف على بعض الصحابة
وثانيهما أنه مرفوع مرسل
وقال الغزالي إذا قال التابعي أمرنا بكذا يحتمل أن يريد أمر الشارع أو أمر كل الأمة فيكون حجة ويحتمل أن يريد بعض الصحابة لكنه لا يليق بالعالم أن يطلق ذلك إلا وهو يريد من تجب طاعته وفيه إشارة إلى أن فيه خلافا في أنه موقوف أو مرفوع مرسل
¥