تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

سادساً: كثرة الطرق قد لا تفيد الحديث شيئاً، هذه قاعدة أساسية عند المتقدم، فبعد دراسته لها يتبين له أنها أخطأ،أو مناكير،وهذه عنده لا يشد بعضها بعضاً،في حين أن المتأخر أضرب عن هذا صفحاً،فمتى توافر عنده إسنادان أو ثلاثة،أو وجد شاهداً رأى أنها اعتضدت ورفعت الحديث إلى درجت القبول.

سابعاً: المتن قد يكشف علة فنية في الإسناد، أو يساعد على تأكيد علة ظاهرة.

هذه قاعدة مهمة يسير عليها الناقد في العصر الأول، فالمتون يعرض بعضها على بعض،وتتخذ وسيلة عند تصادمها على كشف علة في الإسناد خفية، أو ضمها إلى علة قائمة أصلاً في الإسناد فيزداد

الحديث ضعفاً.

في حين يرفع المتأخر شعاراً ينادي فيه بدراسة الأسانيد بمعزل عن المتون، فالمتون يمكن التعامل معها

بعد النظر في الإسناد، وليس قبل، ولهذا كثر عندهم التعرض للجمع بين الأحاديث، وربما التكلف في

ذلك،فتتردد عندهم عبارات: تعدد القصة، الحادثة مختلفة، هذا حديث وذاك حديث، هذا ناسخ للأول ...... الخ.

هذه أبرز المعالم للمنهج الذي يسير عليه المتقدم، ويخالفه فيها المتأخر،وهناك غيرها أيضاً.

ولا بد من الإشارة إلى أن هذه المخالفات ليست مجموعة في كل شخص ممن تأخر،فإن بين المتأخرين بعض الاختلاف في هذه القواعد أيضاً، لكنها موجودة في مجموعهم،وهي السبب الرئيس

للاختلاف في تصحيح الأحاديث وتضعيفها.

هكذا يقرره بعض طلبة العلم،من المنتسيبين لهذا العلم الشريف.

ولا شك أن لكل جواب من الجوابين على السؤال المطروح أنصاره وأعوانه،ويسرناً جداً المشاركة في هذا الموضوع المهم رغبة في الوصول إلى الحقيقة ما أمكن،مع رجائنا بالتزام الأدب العلمي في الحوار والمناقشة.

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

قال الشيخ المحدث حاتم الشريف: أما البيان الشافي فهو حري بمصنف كامل، وهو ما قمت به بفضل الله ومنته، من نحو ثلاث سنوات 0 وإنما أخرت طباعته ونشره استكمالا لبعض الجوانب غير الأساسية المتعلقة بالموضوع، فعسى أن ييسر الله تعالى نشره قريبا (بإذنه عز وجل) 0

لكني سوف أذكر بعض الأمور التي تجلى وجه الحق في هذه المسألة:

أولاً: لايتردد أحد ممن له علاقة بعلم الحديث أن أئمة النقد في القرن الثالث والرابع، من أمثال ابن معين وابن المديني وأحمد والبخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وأبي حاتم وأبي زرعة وابن خزيمة والعقيلي وابن أبي حاتم وابن عدي وابن حبان والدارقطني وأمثالهم = أنهم أعلم (بمراتب كثيرة) من المتأخرين من أمثال الذهبي وابن حجر والسخاوي والسيوطي فمن جاء بعدهم إلى المعاصرين 0

ثانياً: لايشك أحد ممن له علاقة بعلم الحديث وبعلمائه وتراجمهم وأخبارهم أن أئمة الحديث ممن سبق ذكر أعيانهم أسلم الناس قلبا (وفكرا) من العلوم الدخيلة على العلوم الإسلامية التي أثرت فيها تأثيرا سيئا، كعلم المنطق ووليده علم الكلام، وأنهم في هذا الأمر ليسوا كعامة المتأخرين ممن تأثروا بتلك العلوم: بطريق مباشر أو غير مباشر (كما بينت ذلك في المنهج المقترح) 0

ثالثاً: لايخفى على أحد أن علم الحديث كان خلال القرون الأولى حيا بين أهله؛ لأنهم هم الذين سايروا مراحل نموه وتطوره، وواجهوا الأخطار التي أحدقت به بما يدفعها، وهم الذين وضعوا قواعده وأتموا بناءه، حتى اكتمل 0 وأنه بعد ذلك ابتدأ في التناقص، حتى وصل الى درجة الغربة (كما صرح بذلك ابن الصلاح ت 643ه) 0ولذلك غمضت على المتأخرين كثير من معالمه، وخفيت عليهم معاني بعض مصطلحاته، وصاروا يصرحون في مواطن كثيرة (بلسان الحال والمقال) أنهم مفتقرون الى الإستقراء والدراسة لأقوال المتقدمين ومناهجهم لاستيضاح معالم علم الحديث ومعاني مصطلحاته التي كانت حية واضحة المعالم عند المتقدمين (كما سبق) 0

ولذلك كنت قد وصفت المتقدمين في كتابي (المنهج المقترح) ب (أهل الإصطلاح)، ووصفت المتأخرين بأنهم (ليسوا من أهل الإصطلاح)؛ لأنهم (أعني المتأخرين) مترجمون لمعاني مصطلحات المتقدمين،

ومستنبطون لمعالم علمهم: أصولا وفروعا، وليس لهم دور آخر سوى ذلك، إلا أن يحفظوا لنا الأوعية التي تركها المتقدمون (وهي الكتب) 0

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير