تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[13 - 09 - 07, 09:11 م]ـ

الحمد لله.

أما قول مالك "لو كان ثقة لرأيته في كتبي" فلم يلتفت إليه أحد. قال الساجي: ويُقال إن سعداً (يقصد قاضي المدينة الثقة الثبت الإمام سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف) وعَظَ مالكاً فوجد عليه، فلم يروِ عنه. حدثني أحمد بن محمد سمعت أحمد بن حنبل يقول: «سعدٌ ثقة». فقيل له: «إن مالكاً لا يحدِّث عنه». فقال: «من يلتفت إلى هذا؟!! سعد ثقة، رجل صالح». حدثنا أحمد بن محمد سمعت المعيطي يقول لابن معين: «كان مالك يتكلم في سعد سيّد من سادات قريش، و يروي عن ثور و داود بن الحصين خارجيين خبيثين!»

قال الإما الذهبي في سيره: ( ... فهذا القول يعطيك بأنه لا يروي إلا عمَّن هو عنده ثقة. ولا يلزم من ذلك أنه يروي عن كل الثقات، ثم لا يلزم مما قال أن كل من روَى عنه، وهو عنده ثقة، أن يكون ثقة عند باقي الحفاظ، فقد يخفي عليه من حال شيخه ما يظهر لغيره، إلا أنه بكل حال كثير التحري في نقد الرجال).

وقال الإمام الباجي في كتابه التعديل والتجريح بعد أن أورد شيئا من كلام الأئمة في توثيق سعد بن إبراهيم - رحمه الله -: ( ... قال ابن البرقي سألت يحيى بن معين عن قول الناس في سعد بن إبراهيم: إنه كان يرى القدر وتركه مالك، فقال: لم يكن يرى القدر، وإنما ترك مالك الرواية عنه لأنه تكلم في نسب مالك، فكان لا يروي عنه وهو ثبت لا شك فيه.

وقال ابن حنبل لم يلق أحدا من الصحابة غير ابن عمر، قال أبو حاتم الرازي قال علي بن المديني: كان سعد بن إبراهيم لا يحدث بالمدينة فلذلك لم يكتب عنه أهل المدينة، ومالك لم يكتب عنه، وإنما سمع شعبة وسفيان منه بواسط، وسمع منه ابن عيينة بمكة شيئا يسيرا، وقال عبدالرحمن بن أبي حاتم روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري وأيوب.

وفي الجملة إن قول يحيى بن معين: إن مالكا ترك حديثه لطعنه في نسبه على ظاهره ولو تركه مالك لذلك مع رضا أهل المدينة به لحدث عنه سائر أهل المدينة، وقد ترك جميعهم الرواية عنه في قول جماعة أهل الحفظ من أيمة أهل الحديث، وما تقدم ذكره من أن يحيى بن سعيد الأنصاري روى عنه فيسيرا جدا، مثل ما يأخذ الصاحب عن الصاحب لأنه نظيره في السن، ولعله روى عنه حديثا عرف صحته وسلامته، أو لعله أخذ عنه قبل طعنه في نسب مالك، ثم سافر إلى العراق وحدث هناك ولم يعلم ما أحدث بعده، ورأي الجمهور أولى به، والظاهر أن أهل المدينة إنما اتفقوا على ترك الأخذ عنه إما لأنه قد طعن في نسب مالك طعنا استحق به عندهم الترك، وقد ترك شعبة الرواية عن أبي الزبير المكي ولا خلاف أنه أحفظ من سعد بن إبراهيم وأكثر حديثا، وجرحه بأن قال رأيته وزن فأرجح، وطعن سعد في نسب مالك أعظم إثما، مع ما يختص به من وجوب الحد الذي يمنع قبول الشهادة، ويحتمل أن يكونوا اتفقوا على ترك الأخذ عنه لما لم يرضوا حديثه فعندي أنه ليس بالحافظ.

وقد أغرب بما لا يحتمله عندي حاله مع قلة حديثه ولعل ذلك كان من قلة حفظه وإن كان البخاري قد أخرج عنه حديثه عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم: " كان يقرأ في الجمعة في صلاة الفجر الم تنزيل السجدة و هل أتى على الإنسان " و هذا الحديث مما انفرد به، ولم يتابع عليه من طريق صحيح، مع ترك الناس العمل به، ولا سيما أهل المدينة، ولو كان مما يحتج به لتلقي بالعمل به من جميع أهل المدينة أو بعضهم إذ هو من حديثها، ولكان عند أبي الزناد أو غيره من أصحاب الأعرج ممن هو أروى عن الأعرج منه.

وقول ابن معين وابن حنبل فيه ثقة يحتمل أن يريدا به أنه من أهل الثقة في نفسه مريد للخير ولا يقصد التحريف ولا يستجيزه ولا يعلم له فرية توجب رد حديثه غير قلة علمه بالحديث أو لطعنه في نسب مالك، وقد ذكر مالك أنه أدرك بالمدينة جماعة ممن يؤتمن على عظيم المال لم يأخذ عن أحد منهم لأنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن، يريد العلم بنقل الرواية،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير