تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم روى بسنده إلى الدوري أنه قال: "سمعت يحيى بن معين يقول: سمعت الأصمعي يقول: سمع مني مالك بن أنس () فلما صح سماع يحيى هذا من الأصمعي واسمه عبد الملك بن قُرَيب، وانتهت إليه رواية مالك عن عبد الملك ابن قُرَير ظنه الأصمعي فقضى على مالك بالخطأ وألزمه الوهم. ولو أمعن يحيى النظر لعلم أن الأصمعي، لا يروي عن محمد بن سيرين، وعبد الملك بن قُرير الذي روى عنه مالك هو: العبدي أخو عبد العزيز بن قُرير من أهل البصرة، ولا أعلم روى عن عبد الملك غير مالك، وأما عبد العزيز فروى عنه سفيان الثوري وعَطّاف بن خالد وهو يروي عن الأحنف بن قيس وعن محمد ابن سيرين أيضاً " ().

ثالثاً: التثبت من النقل الصحيح عن ابن معين:

قد يقع الوهم في أسماء متشابهة فينقل الرواة عن ابن معين التوثيق وهو في الحقيقة قال فيهم التضعيف، أو ينفي قوله؛ فمثلاً:

الراوي الأول: المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عيّاش، ابن أبي ربيعة المخزومي، أبو هاشم أو هشام المدني ().

الراوي الثاني: المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، أبو هاشم أو هشام المدني أخو أبي بكر ().

الراوي الثالث: المغيرة بن عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد بن حزام الحزامي المدني ().

قال الحافظ ابن حجر في ترجمة الأول: "قال عباس الدوري عن ابن معين: ثقة. وقال الآجري: قلت لأبي داود: إن عباساً حكى عن ابن معين أنه ضعف مغيرة بن عبد الرحمن الحزامي ووثق المخزومي. فقال: غلط عباس. قال أبو داود: المخزومي ضعيف" ().

وروى الدوري عن ابن معين أنه قال في الراوي الأول: "ثقة" (). وقال الآجري عن أبي داود: "ضعيف. قال: فقلت له: إن عباساً حكى عن يحيى أنه ضَعَّفَ الحزامي ووثق المخزومي. فقال: غلط عباس" ().

وروى ابن أبي حاتم قال: "قرئ على العباس بن محمد عن ابن معين أنه قال: مغيرة بن عبد الرحمن المخزومي ثقة" ().

وقال ابن محرز: "سألت يحيى عن المغيرة بن عبد الرحمن المدني المخزومي

فقال: ليس به بأس، ليس بصاحب أبي الزناد " ().

وعقَّبَ المزيّ في ترجمة الثاني بعد ذكره لرواية ابن أبي حاتم بقوله: "هكذا ذكره ابن أبي حاتم في هذه الترجمة وتبعه على ذلك أبو القاسم (ابن عساكر)، ووهما في ذلك، إنما الذي وثقهُ عبّاس الدوري عن يحيى بن معين: المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي. وقد ذكرنا ذلك في ترجمته، وذكرنا إنكار أبي داود على عباس الدوري ذلك، وأنه نسبه إلى الغلط ويؤيد ذلك قول معاوية بن صالح: لم يعرفه يحيى بن معين. والله أعلم" ().

ومن الأمثلة الأخرى على ذلك:

الراوي الأول: محمد بن ثابت بن أسلم البناني البصري ().

الراوي الثاني: محمد بن ثابت العبدي أبو عبد الله البصري ().

قال ابن معين - في رواية معاوية بن صالح - في الراوي الأول: "ليس

بشيء" ()، وكذا في رواية الدوري ().

وفي رواية أخرى عنه: "هو صالح الحديث" ().

وفي رواية ابن أبي خيثمة: "ليس بقوي، كان عفان يقول: محمد بن ثابت البناني رجل صدوق في نفسه ولكنه ضعيف الحديث" (). وعقَّبَ الحافظ ابن حجر على ذلك بقوله: "كذا ذكره ابن أبي حاتم والذي في تاريخ ابن أبي خيثمة هذه القصة عن محمد بن ثابت العبدي والله أعلم" ().

وقال ابن معين في العبدي (الراوي الثاني) في رواية الدوري: "ليس

بشيء" ()، وفي رواية الدارمي: "ليس به بأس" ()، وفي رواية ابن طهمان: "ضعيف" ()، وفي رواية ابن محرز: "ليس بذاك القوي" ()، وفي رواية معاوية ابن صالح: "ليس به بأس، ينكر عليه حديث ابن عمر في التيمم" (). وقال عباس الدوري عن ابن معين: "محمد بن ثابت الذي يحدث عن نافع عن ابن عمر عن النبي ? في التيمم بصري، وهو ضعيف. قلت ليحيى: أليس قلت مرة: ليس به بأس؟ قال: ما قلت هذا قط" ().

رابعاً: ألا يصدر قوله على سبيل المزاح:

الإمام ابن معين من النقاد الذين يَتَّسِمون بالورع ومخافة الله، إضافةً إلى العلم، حتى إن الخطيب وصفه بقوله: "كان إماما ربّانيا عالماً حافظا ثَبتاً متقناً" (). ولا يقول قوله في الراوي إلا بعد التثبت والتحرِّي، حتى إن هارون ابن بشير الرازي يصف حاله ونقده للرواة وشدة تحريه وتثبته بقوله: "رأيت يحيى بن معين استقبل القبلة رافعاً يديه يقول: اللهم إن كنتُ تكلمتُ في رجل وليس هو عندي كذاباً فلا تغفر لي" (). لذلك قال أبو حاتم الرازي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير