الدليل الرابع: عن فاطمة بنت قيس أنها أخبرته أنها كانت عند أبي حفص بن المغيرة وأن أبا حفص بن المغيرة طلقها آخر ثلاث تطليقات فزعمت أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتته في خروجها من بيتها فأمرها أن تنتقل إلى ابن أم مكتوم الأعمى فأبى مروان أن يصدق حديث فاطمة في خروج المطلقة من بيتها قال عروة وأنكرت عائشة رضي الله عنها على فاطمة بنت قيس الحديث أخرجه مسلم.
و عند أبي داود بسند حسنه الألباني رحمه الله عن هشام بن عروة عن أبيه قال دخلت على مروان فقلت له امرأة من أهلك طلقت فمررت عليها وهي تنتقل فقالت أمرتنا فاطمة بنت قيس وأخبرتنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن تنتقل فقال مروان هي أمرتهم بذلك قال عروة فقلت أما والله لقد عابت ذلك عائشة وقالت إن فاطمة كانت في مسكن وحش فخيف عليها فلذلك أرخص لها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الدليل الخامس: عن مجاهد، قال: دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد، فإذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، جالس إلى حجرة عائشة، وإذا ناس يصلون في المسجد صلاة الضحى، قال: فسألناه عن صلاتهم، فقال: بدعة " ثم قال له: " كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعا، إحداهن في رجب، فكرهنا أن نرد عليه " قال: وسمعنا استنان عائشة أم المؤمنين في الحجرة، فقال عروة يا أماه: يا أم المؤمنين ألا تسمعين ما يقول: أبو عبد الرحمن؟ قالت: ما يقول؟: قال: يقول: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمرات، إحداهن في رجب "، قالت: " يرحم الله أبا عبد الرحمن، ما اعتمر عمرة، إلا وهو شاهده، وما اعتمر في رجب قط ".
الدليل السادس: عن عائشة رضي الله عنها، قالت: " من حدثك أن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه، فقد كذب، وهو يقول ": لا تدركه الأبصار، " ومن حدثك أنه يعلم الغيب، فقد كذب، وهو يقول ": لا يعلم الغيب إلا الله " و عائشة رضي الله عنها قالت ما قالت لما نمى إلى سمعها أن بعضهم يقول أن النبي صلى الله عليه و سلم رأى ربه عز و جل.
هذا ما يحضرني من الأحاديث الآن و كلها تدل دلالة واضحة على أردناه
و الله أعلم.
ـ[يحيى القطان]ــــــــ[10 - 06 - 04, 04:54 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم:
الأخ محمد الأمين بارك الله فيه:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
طرحتَ بارك الله فيكم موضوعكم هذا للمباحثة، وأشكركم لذلك، غير أن كثيرًا من عباراته استوقفتني، وفي بعضها خلطٌ بين قواعد العلوم المختلفة خاصة الفقه والحديث، وأظنك بحاجة إلى مراجعته وإعادة صياغة عباراته ثانيةً.
وسامحني إن لم ترضَ كلامي، أو لم يَرق لك، وأعتذر سلفًا إن قَصُرَتْ عبارتي عن بيان قصدي، والله الموفق والمستعان.
وهذه بعض الملاحظات حول الموضوع:
أولاً: العنوان غير موافق للموضوع أصلاً.
فالموضوع الذي تتكلم فيه خاصٌّ بالنقاد، والعنوان خاص بالرواة.
وبونٌ كبير بين الراوي والناقد.
وأهمية الفقه بالنسبة للراوي معلومة، تجد البحث فيها في شروط الصحيح عند الشافعي رحمه الله في الرسالة، أو في مبحث الرواية بالمعنى من كتب المصطلح.
ومع هذا فأنت قد تركت الحديث عن الراوي رغم أنك عنونت موضوعك به، ثم بدأته بعبارة عن الراوي، وتركته بعد ذلك متجهًا للحديث عن الناقد، فينبغي التقييد، للفرق الكبير بين الإثنين.
ثانيًا: قولك: ((ثم إن المنكر عند الحنفي مثلاً، قد يكون مقبولاً عند المالكي مثلاً. لكن الأكثر تأثيراً هو كيفية التوفيق بين الأحاديث. فالبعض يقبل الصحيح والضعيف، ثم يحاول الجمع بينهما إما بدعوى النسخ (كالطحاوي) أو بالتأويل والتخصيص وغير ذلك. والبعض الآخر يأخذ بالأصح من الروايات، ويترك المشكل)) انتهى.
فيه جميع بين عدة قضايا لابد من الفصل بينها، وهي ((أن المنكر عند الحنفي قد يكون مقبولا عند المالكي مثلاً)) هذه مع ما قبله تُشْعِر بالكلام عن القضية من الوجهة الحديثية الإسنادية الاصطلاحية.
لكن ما بعدها هنا: ((لكن الأكثر تأثيرًا .... )) إلخ واضح في التحول إلى مناقشة القضية من الوجهة الفقهية الْمَتْنِيّة.
وبونٌ شاسع بين القواعد النقدية عند المحدثين والفقهاء في قبول المرويات، وفي نقد الأحاديث، فينبغي الفصل.
ثم قولك هذا يؤول إلى التشكيك في أحكام النقاد، إذ ربما كان المقبول عند المالكية مثلاً منكرًا عند غيرهم.
والقضية أن الفقهاء لا خبرة لهم بالنقد الحديثي، اللهم إلا فقهاء الحديث فهم أهل الدراية والخبرة، ولذا فالأصل أن تؤخذ الأحكام النقدية من النقدة، لا من غيرهم.
وبناء على هذا: لا يقال منكر عند المالكية أو عند غيرهم، ولكن يقال: هذا احتج به المالكية أو الشافعية أو غيرهم وهو منكر عند أهل الحديث.
هذا الذي ينبغي التعويل عليه في هذه المسألة.
ثالثًا: ثم إن كلامك يدل على أن الناقد يتأثر بمذهبه، وهذه نقطة خطيرة لمن تدبر، فهي رمي للنقاد بتصحيح ما يوافق مذهبهم أو خبرتهم.
وأعلم أنك لم تقصد ذلك، لكن كلامك يشي بهذا، فأرجو توضيح المقصد، وتحرير العبارات.
رابعًا: حديث عائشة المذكور يدخل في باب ((رد المرويات لخلاف رواتها لها)) لأنها لو صحتْ عنهم ما خالفوها، وهذه قضية أخرى مشهورة في الحديث والفقه، وقد ذكر الأخ عبد الرحمن بن طلاع بارك الله فيه هذا المعنى فلا حاجة لإعادته ثانيةً.
على أن في الموضوع أشياء بحاجة إلى إعادة صياغة للنظر فيها؛ والله الموفق والمستعان.
وأشكركم جميعًا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
¥