تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مثاله: ما رواه شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن حجر أبي العنبس، عن علقمة بن وائل، عن أبيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّين) فقال: آمين، وخفض بها صوته).

وهذا الحديث فيه ثلاث علل نص عليها البخاري فيما نقله عنه الترمذي في الجامع عقب (248) فقال: (سمعت محمداً ـ يعني البخاري ـ يقول: حديث سفيان أصح من حديث شعبة في مواضع من هذا الحديث، فقال: عن حجر أبي العنبس، وإنما هو حجر بن عنبس، ويكنى أبا السكن، وزاد فيه: عن علقمة بن وائل، وليس فيه عن علقمة، وإنما هو حجر بن عنبس، عن وائل بن حجر، وقال: (وخفض بها صوته) وإنما هو (ومد بها صوته).

أقول: ومما يرجح رواية سفيان أنه قد توبع على ذلك تابعه العلاء بن صالح الأسدي، ومحمد بن سلمة، قال الترمذي: (وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث؟ فقال: حديث سفيان في هذا أصح، وقال: وروى العلاء بن صالح الأسدي، عن سلمة بن كهيل نحو رواية سفيان.).

وينقسم الحديث الصحيح إلى قسمين: صحيح لذاته، وصحيح لغيره، فالصحيح لذاته هو ما تقدم تعريفه، وقلنا لذاته؛ لأن صحته ناشئة من نفسه دون إضافة شيء.

أما الصحيح لغيره: فهو الحديث الحسن الذي ارتقى بمتابع أو شاهد.

أصح الأسانيد:

وقد تكلم العلماء في أصح الأسانيد فقيل: أصحها الزهري، عن سالم، عن أبيه.

وقيل: الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن قيس، عن عبد الله بن مسعود.

وقيل: مالك، عن نافع، عن ابن عمر.

وقيل: محمد بن سيرين، عن عبيدة، عن علي.

وهذه تنفع عند الاختلاف، فما قيل فيه: أصح الأسانيد يرجح على غيره، وكذا يعرف به صحة الحديث.

إذا حكم على الإسناد بالصحة:

وإذا قال المحدثون: صحيح الإسناد، أو إسناده صحيح، فهذا معناه: أن الحديث قد استكمل شروط الصحة الثلاثة الأولى، ولا يلزم منه أن يكون صحيحاً؛ إذ قد يكون شاذاً أو معلاً فلا يلزم من صحة الإسناد صحة المتن، ولا من ضعف الإسناد ضعف المتن.

وإذا قال المحدثون: أصح شيء في الباب فلا يعنون صحته، وإنما يعنون أنه أمثل شيء في الباب.

أول من صنف في الصحيح:

أما أول من صنف في الصحيح المجرد فهو الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة المولود سنة (194هـ)، والمتوفى سنة (256هـ)، وقد طلب العلم صغيراً وله أحد عشر عاماً، وكان من أوعية العلم، وكتابه أصح كتاب بعد كتاب الله عز وجل، واسم الكتاب " الجامع الصحيح المسند المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه ".

ويستفاد من قوله: (الجامع) أنه يجمع الأحكام، والفضائل، والأخبار عن الأمور الماضية، والآتية، والآداب، والرقائق، والتفسير.

ويستفاد من قوله: (الصحيح) أنه احترز عن إدخال الضعيف في كتابه، وقد صح عن الإمام البخاري

أنه قال: (ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح).

ومن قوله: (المسند) أن مقصوده الأصلي تخريج الأحاديث المتصل إسنادها بالصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول، أو فعل، أو تقرير، وأن ما وقع في الكتاب من غير ذلك فإنما وقع تبعاً وعرضاً لا أصلاً ومقصوداً، وذكر للاستشهاد والاستئناس ليكون الكتاب جامعاً لمعاني الإسلام.

ثن تبعه بجمع الصحيح تلميذه وخريجه أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري المتوفى سنة (261هـ)، وقد استفاد من شيخه البخاري، وفاق البخاري من حيث التبويب، والترتيب، والجمع، والتنسيق، وكتاب البخاري أجود من حيث الصحة على رأي الجمهور.

هل استوعب الصحيحان جميع الصحيح؟

لم يستوعب الصحيحان جميع الصحيح، ولم يريدا ذلك، فقد قال البخاري: (تركت من الصحاح لحال الطول)، وقال الإمام مسلم: (ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ها هنا).

ويوجد في كتب العلم تصحيح للإمام البخاري ومسلم لكثير من الأحاديث، وتوجد كتب أخرى التزم مصنفوها الصحة لكنهم وقعوا في بعض الأخطاء منهم ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وابن السكن، والضياء في المختارة.

المستخرجات (1): هذه المحاضرة ألقاها فضيلة الشيخ أبو الحارث حفظه الله في يوم الأحد 24 / جمادي الأولى / 1425، الموافق الأحد 11/ 7 / 2004 م.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير