تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهذا الأقرب أنه كلام نظري، بل لعل الشافعي لم يعمل به هو، فقد روى لابن جريج في مواضع من كتبه بعضه محتجاً به بالعنعنة، ولم يذكر الشافعي أن ابن جريج سمع هذا الخبر ممن حدث عنه، ينظر 498و 890 و 903 من (الرسالة)، وأبو الزبير أيضاً، ينظر 498 و 889، والأمثلة على هذا كثيرة لمن أراد أن يتتبعها.

·وقال أبو حاتم ابن حبان في مقدمة صحيحه كما في (الإحسان) 1/ 161 نحوا مما قال الشافعي، ويجاب عليه كما أجيب عن قول الشافعي.

وعمل الحفاظ على خلاف هذا كما تقدم.

ولذلك قال يحيى بن معين عندما سأله يعقوب بن شيبة عن المدلس أيكون حجة فيما روى، أو حتى يقول: حدثنا وأخبرنا، فقال: لا يكون حجة فيما دلس. اهـ من (الكفاية) ص 362، يعني إذا دل الدليل على أنه دلس في هذا الخبر لا يحتج به، وليس حتى يصرح بالتحديث.

ولذلك قال يعقوب بن سفيان في (المعرفة) 2/ 637: (وحديث سفيان وأبي إسحاق والأعمش ما لم يعلم أنه مدلس يقوم مقام الحجة) اهـ.

ب- ثم ينظر: هل ثبت لهذا الراوي لقاء وسماع عمن حدّث عنه أو لا؟

لأنه لا بد في اتصال الخبر من ثبوت ذلك سواء كان هذا الراوي موصوفاً بالإرسال والتدليس أم لا، وهذا ما ذهب إليه جمهور الحفاظ ممن تقدم.

-قال ابن رجب في (شرح العلل) ص 272:

(وأما جمهور المتقدمين فعلى ما قاله ابن المديني والبخاري، وهو القول الذي أنكره مسلم على من قاله) اهـ.

لأن الأصل هو الانقطاع فلا بد من ثبوت اللقاء والسماع حتى يحكم للخبر بالاتصال، فإذا ثبت ذلك فنحن على هذا الأصل حتى يدل دليل على خلافه من كونه مثلاً لم يسمع هذا الراوي من شيخه إلا القليل ونحو ذلك كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

وإرسال الأخبار من قبل الرواة كثير، ولذلك وصف بهذا جمع كبير من الرواة خاصة في الطبقات العليا من الإسناد كطبقة التابعين فكثيراً ما يرسلون عن الصحابة، أو في رواية الأبناء عن آبائهم مثل رواية أبي عبيدة عن أبيه ابن مسعود فإنه لم يسمع منه، ورواية محمد بن إسماعيل بن عياش عن أبيه، وعمرو بن شعيب عن أبيه، وأبيه عن جده عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، ومخرمة بن بكير عن أبيه.

ولذلك لا بد من ثبوت اللقاء بين الراوي ومن حدث عنه، وقد تساهل في هذا كثير من المتأخرين حتى صححوا أسانيد لا شك في انقطاعها، ومن أغرب ما مرّ علي في ذلك ما رواه ابن حبان في صحيحه (199) من طريق محمد بن إبراهيم عن سعيد بن الصلت عن سهيل بن بيضاء قال: (بينما نحن في سفر مع الرسول ... )، وسهيل مات في عهد الرسول كما جاء هذا في صحيح مسلم، وسعيد بن الصلت تابعي وقد ترجم له ابن أبي حاتم في (الجرح (4/ 34 ونقل عن أبيه أن رواية سعيد عن سهيل مرسلة.

فكيف يروي رجل من التابعين عن صحابي مات في عهد الرسول e ؟ وتنظر (الإصابة) فقد بين ذلك ابن حجر في ترجمة (سهيل بن بيضاء).

ومن ذلك:

ما رواه ابن حبان أيضاً (745) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن مسعود .. فذكر حديثا، وهذا الخبر انقطاعه واضح لأن أبا سلمة لم يسمع من أبيه عبد الرحمن بن عوف، وقد توفي وهو صغير وكانت وفاة عبد الرحمن وابن مسعود سنة 32 على المشهور، فإذا كان لم يسمع من أبيه الذي هو في بيته، فعدم سماعه من ابن مسعود من باب أولى.

والذي دعا ابن حبان إلى تصحيح هذه الأخبار هو عدم أخذه بهذا الشرط ولذلك قال ابن رجب في (شرح العلل) ص 271:

(وكثير من العلماء المتأخرين على ما قاله مسلم رحمه الله من أن إمكان اللُّقى كاف في الاتصال من الثقة غير المدلس وهو ظاهر كلام ابن حبان وغيره ... ) ا. هـ

أما إذا نص الحفاظ على أن هذا الراوي لم يسمع من شيخه إلا القليل كأن يكون سمع منه حديثا أو حديثين أو نحو ذلك فحينئذٍ يكون الأصل في روايته الانقطاع إلا ما صرح فيه بالسماع أو نص الحفاظ على أنه سمع هذا الخبر بعينه عمن رواه عنه ونحو ذلك.

ومثال على هذا رواية الحسن عن سمرة، ثبت في صحيح البخاري سماعه من سمرة لحديث العقيقة وقد روى نحوا من 164حديثا بالمكرر كما في الطبراني في الكبير (7/ 6800 –6964.)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير