وهذه الحالة الوسط، من خلال دراستي لعلوم الحديث، أحسبها أكثر الحالات تحققاً في مصطلحها.
إن المعنى اللغوي الأصلي لمصطلحات الحديث، الذي جعلته في هذه الخطوة قطب الرحى وخط الانطلاق، حقيق بأن يكون له هذه المكانة في فهم مصطلح الحديث، حقيق بأن يكون له هذه المكانة في فهم مصطلح الحديث، بأن نجعله حكماً في فرز الصفات الجامعة، لنعرف معنى المصطلح بعد ذلك عن طريق تحكيمه. وقد كنا بينا أهمية دراسة المعنى اللغوي للمصطلحات، وقوة علاقته بها القوة التي جعلت له هذه المكانة في دراسة مصطلح الحديث، في سابق بحثنا هذا، فانظرها إن شئت (1)
ومما ذكرته في سابق بحثي هناك، ومما عرفته من دراستي لمصطلح الحديث، أستطيع أن اضع قاعدةً عامة ً بهذا الخصوص، يمكن أن تجعلها مرشداً أولياً لك في فهم المصطلح، ووسيلةً سريعةً لتبليغك ذلك، فيما لو لم تستطع أو لم تجد الوقت للقيام بهذه الخطوات كلها. هذه القاعدة تقول: إن اقرب معنى للمصطلح، من المعاني المذكورة أو المظنونة له، إلى المعنى اللغوي الأصلي للفظ= هو أصوب تلك المعاني، أو أقربها للصواب في فهم المصطلح.
المهم أن هذه الخطوة يمكن أن تكون الخطوة الأخيرة قبل صياغة معنى المصطلح، فيما لو لم يتح لنا القيام بالخطوات التالية
الخطوة السادسة: التلقي التام والقبول المطلق لشرح أهل الاصطلاح لمصطلحهم، فيما لو وجدنا لهم في شرحه كلاماً. فكلهم أبناء بجدتها، وآباء عذرها، يتكلمون عن كلامهم، وترجمون لسانهم بلسانهم، فأنى يعترض عليهم؟! بل أنى ى يسلم لهم؟!!
فكل فهم يخالف فهم أهل الاصطلاح لاصطلاحهم مرفوض تمام الرفض، لأنه في وجهه السافر: مشاحة في الاصطلاح، وقد أبيناها جميعاً بحمد الله تعالى!
وكل فهم يخالف فهم أهل الاصطلاح لاصطلاحهم، فيه من الأخطار، ويترتب عليه من العواقب الوخيمة، ما قربنا فيه وبعدنا، بياناً لخطئه وخطله وخطره، في شرحنا لـ (فكرة تطوير المصطلحات) (1).
ونحن في خطواتنا السابقة كلها، الجادة الجاهدة في فهم المصطلح، إنما نستلهم معنى المصطلح من تطبيقات أهل الاصطلاح، إنما نستلهم معنى المصطلح من تطبيقات أهل الاصطلاح ومن جاري عملهم في علمهم، فكيف نفرط بعد ذلك في صريح مقالهم في شرح مصطلحهم؟!!!
بل حتى في مجال قواعد العلم، عليك بالمقياس التالي: إن وجدت قاعدةً من قواعد علوم الحديث المنصوص عليها في كتب علومه، تخالف تطبيقات أهل المصطلح، وتناقض صريح تصرفاتهم= فاعلم أن تلك القاعدة منسوفة من أساسها، مقتلعة من أصولها. لن ذاكر تلك القاعدة، إنما يذكرها على أنها مستنبطة من تطبيق الأئمة، فإذا وجدنا تطبيق الأئمة يناقضها، فقد قضي على استنباطه من قاعدة استنباطه!
والكارثة حقاً أن تجد القضية عكوسة، كالفطرة المنكوسة حيث نسمع ونقرأ لمن ينتقد مثلاً أحاديث في الصحيحين، لأنها معنعنات بعض مشاهير المدلسين!!! فنقول لهذا المسكين، أو العالم المخطىء: علام اعتمدت في انتقادك لعنعنة المدلس؟ أوليس على قواعد مبثوثةٍ في كتب علوم الحديث؟! ثم أو ليست تلك القواعد إنما استنبطت من تطبيقات أئمة الحديث ونقاده في قرونه السوالف؟! فإذا وجدنا أن تلك القواعد منتقضة، أو منتقض بعضها، بمثل صريح تصرف صاحبي الصحيح= فكيف تنتقد بالمنتقد؟! وتبني على قاعدةٍ منسوفة؟!!
إن هذه الخطوة: خطوة الاعتماد على شرح أهل الاصطلاح لاصطلاحهم، هي مقياس نجاح أو عدم نجاح الخطوة السابقة ولخطوات السابقة كلها. فإذا ما انتهينا في الخطوة السابقة من تحديد الصفات الجامعة المرتبطة بالمعنى اللغوي للمصطلح، على ما شرحناه آنفاً، فنحن في الحقيقة وضعنا ـ أو كدنا أن نضع ـ عناصر تعريف المصطلح. فإذا ما فزنا بعد ذلك بكلامٍ لأهل الاصطلاح في شرح ذلك المصطلح، نظرنا في كلامهم نظر
¥