وقال أحمد في خالد بن عمير: لا أحد روى عنه غير الأسود بن شيبان ولكنه حسن الحديث. وقال مرة: حديثه عندي صحيح (2).
وقال في عبيد الله بن موهب التيمي: أحاديث مناكير ولا يعرف هو ولا أبوه (3).
وقال ابن أبي حاتم: أحمد بن المنذر بن الجارود القزاز ... سألت أبي عنه فقال: لا أعرفه وعرضت عليه حديث فقال: حديث صحيح (4).
وقال عن أحمد بن إبراهيم: أبو صالح الخراساني شيخ مجهول والحديث الذي رواه صحيح (5).
وقال في مغيرة بن أمي البصري المنقري: لا أعلم روى عنه غير ابنه عبد العزيز وأرى حديثه مستقيماً (6)
وقال أبو حاتم عبد الوهاب بن الحسن: أحاديث مناكير ولا أعرفه (7).
وقال أبو داود السجستاني في يحيى بن عباد السعدي: لا أعرفه وحديثه منكر (8).
وإني ممثل بمثالين يتضح بهما ـ إن شاء الله ـ قبول حديث المجهول ورده:
المثال الأول: حديث أبي فزارة عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن بوضوء، فقلت: يا رسول الله ما معي إلا نبيذ في إداوة، فقال: ((ثمرة طيبة وماء طهور)) (9).
قال أبو عيسى الترمذي: وإنما روى هذا الحديث عن أبي زيد عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو زيد رجل مجهول عند أهل الحديث، لا تعرف له رواية غير هذا الحديث (10).
وقال البخاري: أبو زيد رجل مجهول، لا يعرف بصحبة عبد الله، وروى علقمة عن عبد الله أنه قال: لم أكن ليلة الجن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن عدي: وهذا الحديث مداره على أبي فزارة عن أبي زيد عن ابن مسعود، وأبو فزارة مشهور، وأبو زيد مجهول، ولا يصح هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو خلاف القرآن (1).
وقال ابن حبان: أبو زيد يروي عن ابن مسعود ما لم يتابع عليه، ليس يدري من هو، لا يعرف أبوه ولا بلده. والإنسان إن كان بهذا النعت ثم لم يرو إلا خبراً واحداً خالف فيه الكتاب والسنة والإجماع والقياس والنظر والرأي يستحق مجانبته فيها ولا يحتج به (2).
والحاصل إن ردّ هذا الحديث من وجوه:
الأول: تفرد أبي زيد عن ابن مسعود وليس من أصحابه. وابن مسعود له أصحاب كثر لازموه فما بالهم قد غفلوا عن هذا الحديث؟!
وعندما تفرد خشف بن مالك عن عبد الله بن مسعود، قال الدار قطني: وأهل العلم بالحديث لا يحتجون بخبر ينفرد بروايته رجل مجهول غير معروف، وإنما يثبت العلم عندهم بالخبر إذا كان راويه عدلاً مشهوراً، أو رجلاً ارتفع اسم الجهالة عنه (3).
الثاني: مخالفة هذا الخبر لظاهر القرآن، قال تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً) فلم تذكر الآية النبيذ.
الثالث: مخالفته لما هو ثابت عن ابن مسعود رضي الله عنه من أنه لم يشهد ليلة الجن مع النبي صلى الله عليه وسلم.
الرابع: أن هذه القصة رويت من طرق، ولم تذكر النبيذ، فهذه الزيادة مردودة منكرة.
الخامس: أن أبا زيد لا يعرف له سماع من ابن مسعود، وذلك لأن الغالب في المجهولين إلا تعرف سنة ولادتهم ووفاتهم، فلم تتحقق معاصرته لعبد الله ابن مسعود.
ووجه واحد من هذه الأوجه كاف في رد الحديث.
المثال الثاني: حديث البحر: ((هو الطهور ماؤه الحل ميتته)). رواه سعيد بن سلمة من آل ابن الأزرق أن المغيرة بن أبي بردة أخبره أنه سمع أبا هريرة ... الحديث مرفوعاً (4).
وسعيد بن سلمة والمغيرة بن أبي بردة فيهما جهالة، وقال ابن المديني: المغيرة بن أبي بردة رجل من بني عبد الدار سمع من أبي هريرة، ولم يسمع به إلا في هذا الحديث (5).
قلت: إن العلماء تتابعوا على تصحيح هذا الحديث (1)؛ وذلك لأنه موافق لظاهر القرآن وليس فيه تفرد منكر، ولذلك وثق هذين الروايتين النسائي رحمه الله.
وحديث حميدة بنت رفاعة عن كبشة بنت كعب بن مالك، وكانت عند عبد الله بن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الهرة: ((إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات)) (2).
وحميدة وكبشة فيهما جهالة، ولما كان الحديث موافقاً لأصول الشريعة وليس مخالفاً للأحاديث الصحيحة ولم يكن طويلاً ـ لأن الحديث الطويل يحتاج إلى حافظ ولا يمكن الوثوق بحفظهما، ولم يرويا إلا قليلاً من الأحاديث ـ صححه العلماء، وقال عنه الترمذي: حسن صحيح.
http://www.ahlalhdeeth.com/library/hadeeth/index.html
وقد قال الشيخ عبدالله السعد حفظه الله في تقديمه لكتاب اللحياني السابق
- اهتمامه ببعض قضايا المصطلح المهمة التي ينبني عليه تصحيح الخبر أو تضعيف، كمسألة الجهالة فقد فصّل ـ وفقه الله تعالى ـ فيها وبين مذهب المتقدمين في الجهالة، ثم ذكر أسباب الجهالة، ثم بين أن الجهالة قد تقترن بالتوثيق أو بالتجريح أحياناً، وهذه الفائدة قد تخفى على الكثير، بل ويستشكلها الكثير، وقد ذكر مثالاً لخبر في إسناده من ليس بمشهور، ومع ذلك صححه كبار الحفاظ، ومثالاً آخر لخبر رده الحفاظ بسبب الجهالة مع توجيه ذلك.
¥