تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وجاء هذا الحديث من طرق أخرى: ينظر البزار1624 كشف الأستار، والمستدرك 1/ 481 ومجمع الزوائد 1/ 112 و 5/ 242 - 243 وتاريخ الإسلام في وفيات سنة 31هـ ص 366 – 368 لكن لا تخلو من كلام. فمثله مع ثبوت اللعن من الرسول صلى الله عليه وسلم له يُشك في إسلامه فضلاً عن صحبته، قال ابن الأثير في أسد الغابة 2/ 34: وقد روي في لعنه ونفيه (2) أحاديث كثيرة لا حاجة إلى ذكرها إلا أن الأمر المقطوع به أن النبي صلى الله عليه وسلم مع حلمه وإغضائه على ما يكرهه ما فعل ذلك الأمر إلا لأمر عظيم. اهـ.

قلت: ويؤيد ما قاله ابن الأثير أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يلعن أحداً من المنافقين بعينه – فيما أعلم – ولم ينف أحداً بعينه خارج المدينة إلا المخنثين عندما أمر بإخراجهم خارج المدينة فالله أعلم. ولذلك قال أبو محمد بن حزم في الأحكام 6/ 83: وكان بها (3) أيضاً من لا يرضى حاله كهيت المخنّث الذي أمر عليه السلام بنفيه، والحكم الطريد وغيرهما، فليس هؤلاء ممن يقع عليهم اسم الصحابة.

وقد ذكر الهيثمي حديث لعنه تحت باب: منه في المنافقين كما في مجمع الزوائد 1/ 9 ولم يذكره البخاري في التاريخ الكبير مع الصحابة فيمن اسمه الحكم بل لم يذكره مطلقاً تحت هذا الاسم وعندما ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 3/ 120 لم ينص على أن له صحبة كما يفعل ذلك كثيراً فيمن كانت له صحبة وإنما نقل عن أبيه: أنه أسلم يوم الفتح وقدم على النبي صلى الله عليه وسلم فطرده من المدينة فنزل الطائف حتى قبض في خلافة عثمان. اهـ.

ونص آخرون على صحبته وهذا فيه نظر كما تقدم، ومن يستدل بهذا على أن الصحابة ليسوا كلهم عدول لا شك أنه مخطئ في هذا الخطأ البيّن.

* وأما الرجل الذي كذب على النبي صلى الله عليه وسلم وزعم أنه كساه حلّة فالجواب عنه أن خبره لا يصح، وعلى فرض صحته وهو لا يصح أن هذا الرجل الذي فعل ذلك لم يثبت إسلامه فضلاً عن صحبته.

قال أبو العباس بن تيمية في الصارم المسلول ص 171: وللناس في هذا الحديث قولان:

أحدهما: الأخذ بظاهره في قتل من تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن هؤلاء من قال يكفر بذلك قاله جماعة منهم أبو محمد الجويني. ووجه هذه القول أن الكذب عليه كذب على الله ولهذا قال: " إن كذباً علّي ليس ككذب على أحدكم " ومعلوم أن من كذب على الله بأن زعم أنه رسول الله أو نبيه أو أخبر عن الله خبراً كذب فيه كمسيلمة والعنسي ونحوهما من المتنبئين فإنه كافر حلال الدم، فكذلك من تعمد الكذب على رسوله وبيَّن ذلك أن الكذب بمنزلة التكذيب له ولهذا جمع الله بينهما بقوله تعالى: ? ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بالحق لمّا جاءه? [العنكبوت: 68].

بل ربما كان الكاذب عليه أعظم إثماً من المكذِّب له ولهذا بدأ الله به. فالكاذب على الرسول صلى الله عليه وسلم كالمكذب له.

وأيضاً فإن تعمّد الكذب عليه استهزاء به واستخفاف لأنه يزعم أنه أمر بأشياء ليست مما أمر به بل وقد لا يجوز الأمر بها وهذه نسبة له إلى السَّفه، أو أنه يخبر بأشياء باطلة وهذه نسبة له إلى الكذب وهو كفر صريح.

وأيضاً فإنه لو زعم زاعم أن الله فرض صوم شهر آخر غير رمضان عالماً بكذب نفسه كفر بالاتفاق، فمن زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب شيئاً لم يوجبه أو حرّم شيئاً لم يحرمه فقد كذب على الله كما كذب عليه الأول وزاد عليه بأن صرح بأن الرسول قال ذلك.

فإذ كذب الرجل عليه متعمداً أو أخبر عنه بما لم يكن فذلك الذي أخبر عنه نقص بالنسبة إليه إذ لو كان كمالاً لوجد منه ومن انتقص الرسول فقد كفر.

واعلم أن هذا القول في غاية القوة كما تراه لكن يتوجه أن يفرّق بين الذي يكذب عليه مشافهة وبين الذي يكذب عليه بواسطة مثل أن يقول: حدثني فلان بن فلان عنه بكذا. فهذا إنما كذب على ذلك الرجل ونسب إليه الحديث.

فأما إن قال: هذا الحديث صحيح أو ثبت عنه أنه قال ذلك عالماً بأنه كذب، فهذا كذب عليه وعجّل عقوبته ليكون ذلك عاصماً من أن يدخل في العدول من ليس منهم من المنافقين ونحوهم.

وأما من روى حديثاً يعلم أنه كذب فهذا حرام كما صح عنه أنه قال: " من روى عني حديثاً يعلم أنه كذب فهو أحد الكاذبين" لكنه لا يكفر إلا أن ينضم إلى روايته ما يوجب الكفر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير