تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والصواب: أن المعنى اشترطي لهم أي: وافقيهم على هذا الشرط، وإنما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بموافقتهم على الشرط؛ ليبين أنه وإن شرط فهو باطل، حتى يبين بطلانه بعد أن شرط، ويكون هذا أبلغ، ونظيره أنه أمر المسيء في صلاته أن يصلي مع أنه لا يطمئن، لكن أراد أن يبين أن الصلاة الباطلة لا تجزئ ولو فعلها الإنسان، هذا هو الصواب. "

قال ابن القيم مرجحا هذا القول:

" وقالت طائفة إنما أذن لها في الاشتراط ليكون وسيلة إلى ظهور بطلان هذا الشرط وعلم الخاص والعام به وتقرر حكمه صلى الله عليه وسلم وكان القوم قد علموا حكمه صلى الله عليه وسلم في ذلك فلم يقنعوا دون أن يكون الولاء لهم فعاقبهم بأن أذن لعائشة في الاشتراط ثم خطب الناس فأذن فيهم ببطلان هذا الشرط وتضمن حكما من [ص 152] فساد هذا الحكم وهو كون الولاء لغير المعتق. وأما بطلانه إذا شرط فإنما استفيد من تصريح النبي صلى الله عليه وسلم ببطلانه بعد اشتراطه ولعل القوم اعتقدوا أن اشتراطه يفيد الوفاء به وإن كان خلاف مقتضى العقد المطلق فأبطله النبي صلى الله عليه وسلم وإن شرط كما أبطله بدون الشرط. فإن قيل فإذا فات مقصود المشترط ببطلان الشرط فإنه إما أن يسلط على الفسخ أو يعطى من الأرش بقدر ما فات من غرضه والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقض بواحد من الأمرين. قيل هذا إنما يثبت إذا كان المشترط جاهلا بفساد الشرط. فأما إذا علم بطلانه ومخالفته لحكم الله كان عاصيا آثما بإقدامه على اشتراطه فلا فسخ له ولا أرش وهذا أظهر الأمرين في موالي بريرة والله أعلم ".

فصل: كلام ابن تيمية في فصل خاص عقده لشرح قوله صلى الله عليه وسلم (واشترطي لهم الولاء) وقد رجح هذا القول الأخير, نقلته بحذف بعض الاستطرادات اختصارا:

وقال شيخ الإسلام تقي الدين رحمه الله تعالى فصل: في {قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: ابتاعيها واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق} .. وقد أجاب طائفة بجواب ثالث ذكره أحمد وغيره. وهو أن القوم كانوا قد علموا أن هذا الشرط منهي عنه فأقدموا على ذلك بعد نهي النبي صلى الله عليه وسلم فكان وجود اشتراطهم كعدمه وبين لعائشة أن اشتراطك لهم الولاء لا يضرك فليس هو أمرا بالشرط؛ لكن إذنا للمشتري في اشتراطه إذا أبى البائع أن يبيع إلا به وإخبارا للمشتري أن هذا لا يضره ويجوز للإنسان أن يدخل في مثل ذلك. فهو إذن في الشراء مع اشتراط البائع ذلك وإذن في الدخول معهم في اشتراطه لعدم الضرر في ذلك ونفس الحديث صريح في أن مثل هذا الشرط الفاسد لا يفسد العقد. وهذا هو الصواب. وهو قول ابن أبي ليلى وغيره وهو مذهب أحمد في أظهر الروايتين عنه. وإنما استشكل الحديث من ظن أن الشرط الفاسد يفسد العقد وليس كذلك؛ لكن إن كان المشترط يعلم أنه شرط محرم لا يحل اشتراطه فوجود اشتراطه كعدمه؛ مثل هؤلاء القوم. فيصح اشتراء المشتري ويملك المشتري وبلغو هذا الشرط الذي قد علم البائع أنه محرم لا يجوز الوفاء به. وأما أولئك القوم فإن كانوا قد علموا بالنهي قبل استفتاء عائشة فلا شبهة. لكن ليس في الحديث ما يدل عليه؛ بل فيه {أن النبي صلى الله عليه وسلم قام عشية فقال: ما بال أقوام يشترطون يمينشروطا ليست في كتاب الله من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط} وهذا كان عقب استفتاء عائشة وقد علم أولئك بهذا بلا ريب وكان عقد عائشة معهم بعد هذا الإعلام من الرسول صلى الله عليه وسلم فإما أن يكونوا تابوا عن هذا الشرط أو أقدموا عليه مع العلم بالتحريم. وحينئذ فلا يضر اشتراطه. هذا هو الذي يدل عليه الحديث وسياقه. ولا إشكال فيه ولله الحمد والمنة. وأما إن كان المشترط لمثل هذا الشرط الباطل جاهلا بالتحريم ظانا أنه شرط لازم، فهذا لا يكون البيع في حقه لازما ولا يكون أيضا باطلا. وهذا ظاهر مذهب أحمد؛ بل له الفسخ إذا لم يعلم أن هذا الشرط لا يجب الوفاء به؛ فإنه إنما رضي بزوال ملكه بهذا الشرط فإذا لم يحصل له فملكه له إن شاء وإن شاء أن ينفذ البيع أنفذه كما لو ظهر بالمبيع عيب وكالشروط الصحيحة إذا لم يوف له بها إذا باع بشرط رهن أو ضمين فلم يأت به فله الفسخ وله الإمضاء. والقول بأن البيع باطل في مثل هذا ضعيف مخالف للأصول؛ بل هو غير لازم يتسلط فيه المشتري على الفسخ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير