تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا على المشهور عند الحنابلة، وهو مذهب الجمهور.

واختلف العلماء في القسم الثاني، فأثبت الجمهورُ وجودَ قسمٍ للماء طاهرٍ في نفسه ولكنه لا يصلح للتطهير، واستدلوا بما يلي:

1) حديث أبي هريرة t أن رجلاً جاء إلى رسول الله r فقال: يا رسول الله إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء , فإن توضأنا به عطشنا, أفنتوضأ به؟ قال: (هو الطهور ماؤه، الحِل ميتته) الخمسة، وصححه نجوم أهل الحديث.

قالوا: بما أنه من المعلوم أن ماء البحر ليس بنجس , فالصحابة مترددون بين كونه يطهِّر (طهوراً) أو لا يطهّر (طاهراً) .. وهو المثبَت. فدل ذلك على أنه قد استقر في أذهانهم وجود ماء طاهر غير طهور.

2) حديث النهي عن الاغتسال في الماء الراكد, وحديث النهي عن غمس اليد في الإناء قبل غسلها ثلاثاً عند الاستيقاظ من نوم الليل.

ووجه الاستدلال: أن هذه المياه مع كونها ليست نجسة فقد ورد النهي عن التطهر منها, فكونه يوجد ماءٌ ليس بنجس ولا يمكن التطهر منه فهو الطاهر إذاً.

3) من النظر: أن الماء لا يخلو إما أن يجوز الوضوء به أو لا، فإن جاز فهو الطهور، وإن لم يَجُز فلا يخلو إما أن يجوز شربه واستعماله أو لا، فإن جاز فهو الطاهر، وإلا فهو النجس.

- وهناك رواية عن أحمد, واختارها شيخ الإسلام أن الماء قسمان: طهور, ونجس. وقال: إثبات قسم طاهر غير مطهر لا أصل له في الكتاب والسنة.

وردوا قول الجمهور: بأن حديث أبي سعيد t أثبت طهورية الماء وأنه لا ينجسه شيء, فالماء إذاً باقٍ على طهوريته لا يخرج منها إلا بإجماع, وهذا لا يكون إلا بتغيره بنجاسة. واستدلوا بما رواه أحمد والنسائي وابن ماجه من اغتسال النبي r من قصعة بها أثر العجين مع ميمونة رضي الله عنها.

وأما ما استدل به الجمهور من استقرار وجود قسم للماء طاهر غير مطهر في أذهان الصحابة فغير مسلَّم، وأحاديث النهي المذكورة لم تتعرض لذكر طهورية الماء ولا لنجاسته، وأما دليل النظر فإنه يعكِّر عليه أن الماء المغصوب مثلاً لا يجوز شربه ولا التطهر به مع أنه ماءٌ طهورٌ. والله تعالى أعلم.

س: ما هو الماء الطاهر عند الحنابلة؟

ج: هو على نوعين:

أحدهما: كل ماء طُبِخ فيه شيء طاهر أو خالطه فغلب على اسمه، كالمرق والقهوة وماء الورد والزعفران.

والثاني: كل ماء -دون القلتين- استُعمِل في رفع حدث.

ومما استدلوا به على أن الماء المستعمل المنفصل عن أعضاء رافع الحَدَث طاهر غيرُ مطهِّر حديثُ أبي هريرة t قال: قال رسول الله r : ( لا يغتسلْ أحدكم في الماء الدائم وهو جُنُب) مسلم. ولولا أن رفع الجنابة يفيد سلب الماء طهوريته لم ينهَ عنه.

وعند أحمد رواية بأنه طهور لا يكره , واختارها شيخ الإسلام وغيره من أكابر الحنابلة [4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=579461#_ftn4).

قال المصنف: (وإذا شك في طهارةِ شيءٍ أو نجاسته بنى علي اليقين)

قال شيخ الإسلام في "شرح العمدة" (1/ 83): (فإن تيقن طهارته ثم شك هل تنجس أم لا بنى على ما تيقنه من طهارته، وكذلك إذا تيقن النجاسة، وكذلك البدن والثوب والأرض وجميع الأعيان، وهذه قاعدة مهمة في الشرع وهي استصحاب الحال المعلومة واطراح الشك).

قال المصنف: (وإن خفي موضع النجاسة من الثوب غسل ما يتيقن به غسلها) وإزالتها؛ فإن تيقن مثلاً أن النجاسة قد أصابت أحدَ كُمَّي الثوب، ولم يتبين له أيهما المتنجس؛ فإن عليه غسلهما كليهما ليحصل له اليقين أن النجاسة قد أزيلت.

قال: (وإن اشتبه ماء طهور بنجس ولم يجد غيرهما تيمم وتركهما) لأنه اشتبه المباح بالمحظور فيما لا تبيحه الضرورة، وهذا إنما يكون إذا لم يتمكن من تطهير النجس بالطهور.

(وإن اشتبه طهور بطاهر توضأ من كل واحد منهما) , إن شاء توضأ من كل واحد منهما وضوءاً كاملاً، وإن شاء غسل كل عضو بأخذ غرفة من هذا وغرفة من هذا؛ ليحصل اليقين أنه قد توضأ بالطهور.

قال: (وإن اشتبهت ثياب طاهرة بنجسة صلى في كل ثوب بعدد النجس وزاد صلاة) فإن كان له أربعة أثواب أحدها نجس، لكنه لم يستطع تمييزه؛ فإنه يصلي في ثوبين منها ليحصل له اليقين أنه صلى في ثوب طاهر صلاة. هذا هو المذهب، والصوابُ: أن يتحرى. والله أعلم.

[/ URL] ( 1 ) ونقصد بقولنا (حكمًا): أنه حصل له تغير، لكنه لم يسلبه طهوريته. مثل: الماء الذي تغير بمخالِطٍ طاهر يشق صون الماء عنه كطحلب.

( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=579461#_ftnref1) ( 2 ) ويسمى هذا المفهوم: مفهوم المخالفة، وهو حُجَّة إلا إذا كان السياق يأباه، وقد احتج به الجمهور إلا في أحوال معدودة فلتُراجَع.

(3) وفرّق الحنابلة -في رواية بالمذهب- بين بول الآدمي وعذرته المائعة وبين سائر النجاسات؛ معتبرين ما وقعت فيه عذرة الآدمي أو بوله من المياه نجساً سواء كان قليلاً أو كثيراً إلا إذا كان يشق نزحه فلا ينجس إلا بالتغير. مستدلين بحديث أبي هريرة t أن النبي e قال: (لا يبولنَّ أحدُكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه) متفق عليه، وهو خاص في البول، ومثله العذرة، لكنه يشمل القليل والكثير .. وحملوا خبر القُلَّتين على بقية النجاسات. ولكنَّ المعتمَد في المذهب ما أثبتناه أعلاه. انظر الإنصاف (1/ 60)، وكشاف القناع (1/ 40).

[ URL="http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=579461#_ftnref4"] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=579461#_ftnref3) ( 4 ) وهو الأظهر؛ لأن ما غلب على اسمه مخالِطٌ، وهو النوع الأول، قد انتقل عن مسمى الماء إلى غيره فلا يكون حينئذ من أقسام المياه، وأما حديث أبي هريرة فالنهي فيه لئلا يقذِّرَ الماءَ الدائم، والأصل بقاء ما كان على ما كان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير