هذا، و أحال الشيخ الألباني رحمه الله في آخر تعليقه على " الفتح " بطريقة توهم - أو على الأقل أوهمتني - أنّ فيه ما يؤيّده فيما ذهب إليه من التبديع. و لكنني حينما رجعتُ إلى الموضع المذكور لم أجد أكثر من حكاية الحافظ لقصة أول زيادة لدرجات المنبر، و فيه قوله (2/ 399): " ولم يزل المنبر على حاله ثلاث درجات حتى زاده مروان في خلافة معاوية ست درجات من أسفله ... إلى أن قال: ... وقال – يعني مروان -: إنما زدت فيه حين كثر الناس ".اهـ
و لم يعقب الحافظ على ما ذكر بشيء، بل سكت كالمقر له.
ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[12 - 05 - 07, 02:15 م]ـ
و من (السترة و وجوبها)
• قوله رحمه الله (ص: 82): و " كان صلى الله عليه و سلم يقف قريبا من السترة فكان بينه و بين الجدار ثلاثة أذرع "
و " بين موضع سجوده و الجدار ممر شاة ".اهـ
قلت: لقد تصرف الشيخ رحمه الله في لفظي الحديثين تصرفاً أخل بالمعنى.
فالحديث الأول أخرجه أحمد و البخاري و غيرهما عن نافع:
" أن عبد الله كان إذا دخل الكعبة مشى قِبل وجهه حين يدخل و جعل الباب قِبل ظهره فمشى حتى يكون بينه و بين الجدار الذي قبل وجهه قريبا من ثلاثة أذرع صلى يتوخى المكان الذي أخبره به بلال أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه. قال: و ليس على أحدنا بأس إن صلى في أي نواحي البيت شاء ".
و معلوم أن هذه الصلاة إنما وقعت مرة واحدة، و تصديرها بـ (كان) التي تفيد تكرار الفعل مخالف لظاهر الحديث.
فالحديث من وقائع الأحوال التي لا تفيد العموم، و صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم في ذلك المكان ليس باعتبار المسافة بينه و بين الجدار و لكن لاعتبار آخر، و لذلك قال في آخر الحديث: " و ليس على أحدنا بأس إن صلى في أي نواحي البيت شاء ".
و الحديث الثاني هو حديث سهل رضي الله عنه، و نصه:
" كان بين مصلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و بين الجدار ممر الشاة ".
و قول الشيخ رحمه الله " موضع سجوده " مقحم، ليس من الحديث، قد يكون أخذه من كلام لابن رسلان ذكره الحافظ في " الفتح " و الشوكاني في " النيل ". و هذا التأويل ليس بشيء، لأنه مخالف للحديث؛ فقد رواه أبو داود في " سننه " (696) بلفظ: " و كان بين مقام النبي صلى الله عليه و سلم و بين القبلة ممر عنز ".
و قد صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم على المنبر كما ذكر الشيخ رحمه الله، و " كان جدار المسجد عند المنبر ما كادت الشاة تجوزها ". أخرجه البخاري في باب (قدر كم ينبغي أن تكون بين المصلي و السترة).
قال الحافظ (1/ 575): أن البخاري أشار بهذه الترجمة إلى حديث سهل بن سعد الذي تقدم في (باب الصلاة على المنبر والخشب) فإن فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - قام على المنبر حين عُمل فصلى عليه، فاقتضى ذلك أن ذكر المنبر يؤخذ منه موضع قيام المصلي.اهـ
قال ابن القيم رحمه الله في " الزاد " (1/ 295): وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا صلى إلى الجدار جعل بينه و بينه قدر ممر الشاة ولم يكن يتباعد منه بل أمر بالقرب من السترة. اهـ
ـ[علي خان الكردي]ــــــــ[12 - 05 - 07, 02:37 م]ـ
جزاك الله خيراً ونفع بك فوائد جليلة
واصل وصلك الله
ــــ
ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[12 - 05 - 07, 03:23 م]ـ
و من (ما يقطع الصلاة)
• قوله رحمه الله (ص: 85 تعليق: 1): المرأة الحائض في الحديث أي البالغة. قال: و المراد بالقطع هنا: البطلان. و أمّا حديث " لا يقطع الصلاة شيء " فهو حديث ضعيف كما حققته في " تمام المنة " (ص 306) و غيره.اهـ
قلت:
هذه الفقرة تستلزم وقفات:
الأولى منها: قوله أن " الحائض " في الحديث يراد بها " البالغة "
: قال الصنعاني في " سبل السلام ": و تقييد المرأة بالحائض يقتضي - مع صحة الحديث - حمل المطلق على المقيد، فلا تقطع إلا الحائض، كما أنه أطلق الكلب عن وصفه بالأسود في بعض الأحاديث؛ و قيد في بعضها به، فحملوا المطلق على المقيد و قالوا: لا يقطع إلا الأسود، فتعين في المرأة الحائض، حمل المطلق على المقيد.اهـ
¥