ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[13 - 05 - 07, 07:50 ص]ـ
و من (رفع اليدين)
• قوله رحمه الله في (ص: 87): و " كان يرفع يديه تارة مع التكبير، و تارة بعد التكبير، و تارة قبله ".اهـ
و هذه الفقرة فيها وقفات:
الأولى:
تسويته بين هذه الهيئات يوهم أنها على مرتبة واحدة، و يخل بالخطة التي انتهجها في كتابه، حيث يبدأ بالأصح و الأثبت و الأكثر فيجعله هو الأصل، ثم يثني بما دونه كما صنع في رفع اليدين فقال: و " كان يجعلهما حذو منكبيه، و ربما كان يرفعهما حتى يحاذي بهما فروع أذنيه "، و كذلك فعل في مسائل أخرى.
الوقفة الثانية:
في طريقة تخريج تلك الفقرة حيث قسمها إلى ثلاث جمل، و أشار في الحاشية إلى الأولى و الثانية معًا و قال: " البخاري و النسائي "، بينما أفرد الجملة الثالثة على حدة و قال تحتها: " البخاري و أبوداود ". و الحقيقة أن الجملة الثانية - أعني الرفع بعد التكبير - ليست من رواية البخاري و لا من رواية النسائي، و لكنها من أفراد مسلم.
الوقفة الثالثة:
في النظر فيما قاله الشيخ رحمه الله و تحقيق القول في مسألة رفع اليدين و توقيته. و قد ورد ذلك في بعض الأحاديث التي تحتاج إلى جمع و تحقيق، و هذا بيانه:
حديث ابن عمر رضي الله عنهما:
و مداره على ابن شهاب؛ رواه عنه جماعة من أصحابه بلفظين؛ أحدهما مجمل و الآخر مبيَّن.
فأما الذين رووا اللفظ المجمل و هو مثل قوله: " كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة " و نحوه، فهم:
مالك (البخاري 702) و (أحمد 5279)
و شعيب (البخاري 705) و (أبو داود 876)
و سفيان بن عيينة (مسلم 390/ 21) و (أبو داود 721) و (أحمد 4540)
و معمر (أحمد 5081 و 6345)
و أما الذين بيّنوا وقت الرفع و عيّنوه قبل التكبير فهم:
ابن جريج (مسلم 390/ 22)
و يونس (مسلم 390/ 23)
و عقيل (مسلم 390/ 23)
و الزبيدي (أبو داود 722)
و ابن أخي ابن شهاب (أحمد 6175)
و أما يونس فرواه عنه عبد الله بن المبارك و سلمة بن سليمان.
فأمّا عبد الله بن المبارك فاختلف عليه فيه، فرواه عنه محمد بن مقاتل (البخاري 703) مجملا. بينما رواه عنه سويد بن نصر (النسائي 877) مبيَّنًا.
و أمّا سلمة فرواية واحدة مبيّنة، كما في (مسلم 390/ 23)
و قواعد العلم تقتضي حمل المجمل على المبيّن، خاصة و أنّ الحديث مخرجه واحد. و عليه فإنّ حديث ابن عمر رضي الله عنهما لا يدل إلا على الرفع قبل التكبير.
حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه:
و مداره على عبد الحميد بن جعفر، رواه عنه:
يحيى بن سعيد (ابن حبان 1865) و (ابن ماجة 862) بلفظ:
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة استقبل القبلة ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ثم قال: الله أكبر ".
و عبد الملك بن الصباح (ابن خزيمة 677) بلفظ:
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يحاذي منكبيه ثم كبر."
و أبو أسامة من طريقين:
أحدهما عن علي بن محمد الطنافسي (ابن ماجه 803) بلفظ:
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة استقبل القبلة ورفع يديه وقال: الله أكبر ".
و الآخر عن عمرو بن عبد الله الأودي (ابن حبان 1870) بلفظ:
" استقبل ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ثم قال: الله أكبر".
و أبو عاصم و رواه عنه جماعة و هم:
أحمد (أبو داود 730)، و الدارمي (1356)، و أبو بكرة (الطحاوي 1239)، و محمد بن سنان (البيهقي 2/ 24) كل هؤلاء بلفظ:
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ثم يكبر".
و شذّ محمد بن بشار فرواه عن عاصم بتقديم التكبير على الرفع.
و أمّا محمد بن يحيى الأزدي فله روايتان أحدهما مجملة (ابن حبان 1876) و الأخرى مبيّتة كرواية الجماعة عن عاصم (ابن الجارود 192)
و خلاصة القول، فإنّ الرواة عن عبد الحميد بن جعفر الذي عليه مدار حديث أبي حميد الساعدي اتفقوا على تقديم رفع اليدين على التكبير، إلا رواية عن هشيم عند (ابن أبي شيبة 2438) بلفظ:" قال: فرأيته إذا كبر عند فاتحة الصلاة رفع يديه ". و هذا لفظ محتمل ينبغي حمله على اللفظ المبيّن كما تقتضي القواعد العلمية.
¥