و عليه، فإنّ حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه لا يدل إلا على سنية الرفع قبل التكبير، لا شيء سواه. و الله أعلم
حديث وائل بن حجر رضي الله عنه:
و له طريقان:
عاصم بن كليب عن أبيه.
و عبد الجبار بن وائل عن أبيه مباشرة، و عن أخيه علقمة، و عنه مقرونًا بمولى لهم، و عن أمه، و عن بعض أهله.
فأما عاصم فرواه عنه جماعة بألفاظ، منهم:
عبد الواحد (أحمد 18870)، و زائدة (النسائي 889)، و شعبة (أحمد 18875) بلفظ:
" فاستقبل القبلة فكبر ورفع يديه حتى كانتا حذو منكبيه ".
و بشر بن المفضل (أبو داود 726) بلفظ:
" فكبّر فرفع يديه ... "
و (النسائي 1265) بلفظ:
" فاستقبل القبلة فرفع يديه ... "
و زهير (أحمد 18896) بلفظ:
" فقام فرفع يديه ... " و هذا كالذي قبله.
و سفيان الثوري (أحمد 18878 و 18891) بلفظ:
" رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كبر فرفع يديه حين كبر - يعنى استفتح الصلاة ورفع يديه حين كبر- ... "
قلت: قوله " يعني استفتح ... إلخ مدرج.
و أما عبد الجبار بن وائل فرواه:
عن أبيه بلا واسطة (أبو داود 724) بلفظ " ... فرفع يديه ... ثم كبر "
و عن علقمة و مولى لهم (مسلم 401/ 54) بلفظ " أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة، كبر (وصف همام حيال أذنيه) ثم التحف بثوبه ... " و هذا اللفظ كالذي قبله.
و عن علقمة وحده، و مداره على عبد الوارث بألفاظ:
عند أبي داود (723) بلفظ:
" فكان إذا كبر رفع يديه "
و عند ابن خزيمة (905) بلفظ:
" رفع يديه ثم كبر "
و عند ابن حبان (1862) بلفظ:
" رفع يديه و كبر "
قلت: و الألفاظ الثلاثة ليس بينها تعارض و تحمل على اللفظ الثاني لأنه مبيّن.
و عبد الجبار عن أهل بيته: عند (أحمد 18872) و (أبي داود 725) بلفظ:
" أنه رأى النبيّ صلى الله عليه و سلم يرفع يديه مع التكبيرة ".
و هذا لا يخالف ما قررته آنفًا بدليل رواية عبد الرحمن بن اليحصبي عن وائل رضي الله عنه عند أحمد (18868 و 18873)، و الطبراني (104) بلفظ:
" و يرفع يديه عند التكبيرة ".
حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه:
و له طريقان:
أحدهما: خالد بن عبد الله عن خالد الحذاء عن أبي قلابة،
و الثاني: قتادة عن نصر بن عاصم.
فأمّا خالد فرواه عنه يحيى بن يحيى (مسلم 391/ 24) بلفظ:" ... إذا صلى كبر ثم رفع يديه ... "، و رواه عنه إسحاق الواسطي (البخاري 704) بلفظ " إذا صلى كبّر و رفع ... "
و أمّا قتادة فرواه عنه شعبة بألفاظ، منها:
" رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا كبر " عند (أبو داود 745)
و " كان إذا صلى رفع يديه حين يكبر حيال أذنيه "، (النسائي 880)
و " كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذي أذنيه "، (الدارمي 1251) و (ابن حبان 1863)، و معناها واحد،
و بنحوه رواه هشام عند (أحمد 20554)، و (ابن ماجه 859)،،،
و أبو عوانة (مسلم 391/ 25).
فكل هؤلاء الرواة لم يذكر أحد منهم أنه كبّر قبل الرفع كما سبق في رواية مسلم، ممّا يبيّن أن تلك الرواية شاذّة معلة، و ما يزيد في ضعفها أنّ تلك الصفة لم يقل بها أحد من السلف، بل هي غير معروفة، حتى قال العراقي في (طرح التثريب):" لا أعلم أحدًا قال به ".اهـ و كذلك قال الحافظ في (الفتح 2/ 218): " لم أر من قال بتقديم التكبير على الرفع ".
لكن الشيخ الألباني رحمه الله تعقبه في (تمام المنة ص173) فقال: بلى هو قول في مذهب الحنفية. و بعد صحة الحديث فلا عذر لأحد في التوقف عن العمل به و لا سيما و للحديث شاهد من رواية أنس عند الدارقطني (ص 113) فالحق العمل بهذه الهيئات الثلاثة تارة بهذه و تارة بهذه و تارة بهذه لأنه أتم في إتباعه عليه السلام.اهـ
و الجواب: أن هذا الإيراد ضعيف، لأن الذين عناهم الحافظ بقوله هم السلف من الصحابة و التابعين، فكيف يعترض عليه بقول ضعيف لبعض متأخري الحنفية؟ و المعتمد الأصح عند الحنفية " التكبير بعد رفع اليدين " قال في (درر الأحكام) من كتبهم:
¥