" هذا عند أبي حنيفة و محمد رحمهما الله، و هو قول عامة علمائنا و صححه في (الهداية) كما في البحر. و قال في (البرهان): و أبو يوسف يرى الرفع مع التكبير. و قال الكمال: روي عن أبي يوسف قولا و حكي عن الطحاوي فعلا و اختاره شيخ الإسلام و صاحب التحفة و قاضي خان. و في (الخلاصة): هو المختار. و القول الثالث: وقته بعد التكبير فيكبر أولا ثم يرفع يديه , و ذكر وجهه في (البحر). لكن يضعفه ما قاله الزيلعي: و لو كبر و لم يرفع يديه حتى فرغ من التكبير لم يأت به لفوات محله , و إن ذكره في اثناء التكبير رفع ; لأنه لم يفت محله ".اهـ
قلت: و كذلك قال النووي رحمه الله في (المجموع): فإن أتم التكبير لم يرفع بعده , نص عليه في (الأم) و اتفقوا عليه.اهـ
و أمّا الشاهد الذي أشار إليه الشيخ الألباني رحمه الله و هو حديث أنس رضي الله عنه – من رواية حميد -:" قال: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا افتتح الصلاة كبر ثم رفع يديه حتى يحاذي إبهاميه أذنيه ثم يقول سبحانك اللهم و بحمدك و تبارك اسمك و تعالى جدك و لاإله غيرك "
فهذا لا ينبغي أن يعول عليه لأن فيه: الحسين بن علي بن الأسود، قال المروزي: سئل عنه أحمد بن حنبل فقال: لا أعرفه. و قال أبو حاتم: صدوق، و قال ابن عدي: يسرق الحديث و أحاديثه لا يتابع عليها، و قال الأزدي: ضعيف جدا يتكلمون في حديثه، و ذكره ابن حبان في " الثقات " و قال: ربما أخطأ.اهـ
وقال ابن أبي حاتم في " علله ": سمعت أبي وذكر حديثا رواه محمد بن الصلت عن أبي خالد الأحمر عن حميد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم في افتتاح الصلاة "سبحانك اللهم وبحمدك وأنه كان يرفع يديه إلى حذو أذنيه " فقال: هذا حديث كذب لا أصل له ومحمد بن الصلت لا بأس به كتبت عنه. اهـ من (نصب الراية 1/ 254).
قلت: و قد ورد الحديث من طريق آخر عن حميد بإسناد صحيح عند الطبراني في كتاب " الدعاء " (506)، و عن (عائذ) عنده كذلك في " الأوسط " (3039) و " الدعاء " (505) بإسناد صحيح، و ليس فيهما ذكر لرفع اليدين.
و خلاصة القول في هذه المسألة: أن السنة الصحيحة الصريحة الثابتة بالنص المحكم؛ رفع اليدين أولا ثم التكبير، هذا هو الأصل، و لا بأس بالرفع مع التكبير لأحاديث محتملة و ليست بصريحة. و أما التكبير قبل الرفع فلم يثبت و لم يقل به أحد من السلف، كما بيّنت و الله تعالى أعلم.
فائدة: في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى تكونا حذو منكبيه ثم كبر وهما كذلك ... " أخرجه أبو داود (722) و صححه النووي في (المجموع) و الألباني وغيرهما.
فائدة أخرى: قال الشيخ العثيمين رحمه الله في " الشرح الممتع ": وبعضُ الناس يقول: الله أكبر، ثم يرسل يديه، ثم يرفعهما ويقبضهما، و هذا ليس له أصل، بل مِن حين أن ينزلهما مِن الرَّفْعِ يقبض الكُوعَ. اهـ
ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[13 - 05 - 07, 01:33 م]ـ
و من (وضع اليمنى على اليسرى و الأمر به – وضعهما على الصدر)
• قوله رحمه الله (ص: 88): و " كان يضع اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد "، " وأمر بذلك أصحابه "، و " كان - أحيانا - يقبض باليمنى على السيرى".
و ذكر في التعليق رقم (3) تخريجًا للفقرة الثالثة ثم قال:" و في هذا الحديث دليل على أن من السنة القبض، و في الحديث الأول الوضع، فكلّ سنة.اهـ
قلت: ههنا كلام ينبغي أن يُتوقف عنده و يحرر.
أولا: قوله " و أمر بذلك أصحابه " يوهم أنه – صلى الله عليه و سلم – أمرهم بما في الفقرة الأولى، أي الوضع على الرسغ و الساعد، هذا ما يفهم من ظاهر كلامه، و الحال أن الحديث الذي عناه الشيخ رحمه الله إنما هو الأمر بوضع الكف على الذراع.
ثانيًا: انتزاع حكمين من لفظين مخرجهما واحد ليس على قواعد المحدثين و علماء الأصول. ذلك أن السنتين اللتين ذكرهما الشيخ رحمه الله، أعني الوضع و القبض، إنما هما سنة واحدة، لأن حديثهما واحد، و مداره على (عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر رضي الله عنه) رواه عنه جماعة بلفظ:
" ... أخذ شماله بيمينه ". و هذا يفيد القبض، و هم:
¥