ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[14 - 05 - 07, 01:47 ص]ـ
و من (أدعية الإستفتاح)
• قوله رحمه الله (ص: 91): ثم كان صلى الله عليه وسلم يستفتح القراءة بأدعية كثيرة متنوعة يحمد الله تعالى فيها ويمجده ويثني عليه وقد أمر بذلك (المسيء صلاته) فقال له: " لا تتم صلاة لأحد من الناس حتى يكبر ويحمد الله جل وعز ويثني عليه ويقرأ بما تيسر من القرآن. . . "
قلت: كون النبيّ صلى الله عليه و سلم أمر (المسيء صلاته) بدعاء الإستفتاح يحتاج إلى نظر. ذلك أن حديث (المسيء صلاته) مداره على (علي بن يحيى بن خلاد) رواه عنه جماعة بألفاظ مختلفة، ترجع إلى ثلاثة؛
اللفظ الأول: مجمل و فيه إيقاع القراءة بعد التكبير.
و اللفظ الثاني: مبيّن للقراءة و هي الفاتحة و ما تيسر من القرآن.
و اللفظ الثالث: فيه الحمد و الثناء بعد التكبير مع قراءة ما تيسر من القرآن. و هذا ينبغي أن يفسر بما قبله، لأن الحديث مخرجه واحد، و كما تقتضي القواعد و الأصول. و عليه، فإن الحمد الذي في اللفظ الثالث إنما يراد به الفاتحة و ليس دعاء الإستفتاح.
و هذا تفصيل ما ذكرت:
الحديث رواه عن (علي بن يحيى بن خلاد):
داود بن قيس. و محمد بن عجلان. و محمد بن إسحاق. و محمد بن عمرو. و عبد الله بن عون. و إسحاق بن عبد الله. و ابنه يحيى بن علي.
فأما (داود بن قيس) فلم يختلف عليه فيه، و لفظه:
" ... ثم استقبل القبلة فكبر ثم اقرأ ... "،
رواه عنه عبد الرزاق: في " المصنف " (3739)،
و عبد الله بن المبارك: في " سنن النسائي " (1314)،
و عبد الله بن الحارث: في " القراءة خلف الإمام " للبيهقي (4).
و أما (محمد بن عجلان) فرواه عنه:
يحيى بن سعيد: في " مسند أحمد " (19019)، و " مسند أبي يعلى " (6623)، و " التمهيد " لابن عبد البر (9/ 183).
و الليث بن سعد و بكر بن مضر: في " الأربعين " للنسوي (24)،
و أبو خالد الأحمر: في " المصنف " لابن أبي شيبة (2958)،
كلهم بلفظ: " .. فاستقبل القبلة ثم كبر ثم اقرأ .. " كلفظ داود السابق.
و أمّا (محمد بن عمرو) فرواه عنه:
يزيد بن هارون: في " مسند أحمد " (19017) و " ابن حبان " (1787)،
و خالد بن عبد الله: في " سنن أبي داود " (859) كلاهما بلفظ:
" .. فكبّر ثم اقرأ بأم القرآن ثم اقرأ بما شئت .. "
و قصره عباد بن العوام في " مصنف ابن أبي شيبة " (2526) بلفظ:
" فكبر و اقرأ بما شئت ".
و اللفظ الأول أتم، و هو يبيّن ما أجمل في لفظي (داود) و (ابن عجلان).
و أما (عبد الله بن عون) فرواه عنه:
شريك: في " المعجم الكبير للطبراني " (4530) بلفظ:
" .. فكبر ثم اقرأ بما شاء الله أن تقرأ .. " و الكلام في شريك مشهور.
و أما (محمد بن إسحاق) فرواه عنه:
إسماعيل بن علية: كما في " سنن أبي داود: (860) و " معجم الطبراني الكبير " (4528) و لفظه:
" .. فكبر الله ثم اقرأ ما تيسر عليك من القرآن .. ".
و هذا يحمل على ما زيد على الفاتحة جمعًا بينه و بين لفظ (محمد بن عمرو).
و أمّا (إسحاق بن عبد الله) فرواه عنه: همام و حماد.
أما (همام) فرواه عنه:
عبد الله بن يزيد المقريء: في " سنن النسائي " (1136)، و البيهقي (722)،
و هدبة عند " البزار " (3727)،
و الحجاج بن المنهال: من وجوه عند " ابن الجارود "، و " أبي داود " (858)، و " المعجم الكبير " (4525)، و الحاكم في " المستدرك " (881) ثلاثتهم بلفظ:
" .. ثم يكبر الله عزوجل ويحمده (و يمجده) ثم يقرأ من القرآن ما أذن له فيه وتيسر .. "
و لأبي الوليد الطيالسي عن إسحاق لفظان؛ أحدهما كلفظ الجماعة، رواه عنه الإمام الحافظ الدارمي (1329).
و الآخر بلفظ: " ... ثم يكبر الله ويثني عليه ثم يقرأ أم القرآن وما أذن له فيه وتيسر .. " رواه عنه (يوسف بن موسى) قال الحافظ في (التقريب): صدوق. و هذا يعني أنه غير ضابط، فروايته منكرة جدّا. و هذه الرواية عند الدلرقطني في " سننه " (4).
و أما (حماد) فرواه عنه:
موسى بن إسماعيل: عند " أبي داود " (857)،
و عفان: عند الحاكم في " المستدرك " (882)،
و حجاج: عند الطبراني في " الكبير " (4526) و غيرهم بلفظ:
" ثم يكبر ويحمد الله عزوجل ويثني عليه ويقرأ بما تيسر من القرآن .. ".
و هو اللفظ الذي اقتصر عليه الشيخ الألباني رحمه الله.
و أخيرًا رواية (يحيى بن علي) عن أبيه (علي بن يحيى بن خلاد) عند أبي داود (861)، و الترمذي (302)، و الطبراني (4527) و غيرهم بلفظ:
" .. ثم كبر فإن كان معك قرآن فاقرأ به وإلا فاحمد الله عزوجل وكبره وهلله .. "
و هذا اللفظ انفرد به (يحيى) و هو – كما قال الحافظ – مقبول، أي ينظر في روايته إن كان له متابع، و إلا فلا يُحتَج به. و قد اضطرب الشيخ الألباني رحمه الله في الحكم على هذه الرواية فصححها مرة كما في " صحيح أبي داود " (767) و غيره، و ضعفها مرة كما في " الثمر المستطاب " (ص 204) حيث قال عن (يحيى): وهو غير موثق بل هو مجهول فقد ذكره الذهبي في (الميزان) وساق له هذا الحديث ثم قال:
" قال ابن القطان: لا يعرف إلا بهذا الخبر روى عنه إسماعيل بن جعفر وما علمت فيه ضعفا. قلت: لكن فيه جهالة ".
هذا كلام الذهبي، فالرجل إذن مجهول لا يعرف، فمثله لا يثبت حديثه. و قول الترمذي بعد أن ساقه: (حديث حسن) إنما يعني به أصل الحديث لا كل ما ورد فيه من الألفاظ.اهـ
لطيفة:
قول الشيخ الألباني رحمه: " و قد أمر بذلك المسيء صلاته "، يلزمه القول بوجوب الإستفتاح، لأنه يرى أن ما في حديث " المسيء صلاته " كله فرض.
¥