ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[14 - 05 - 07, 02:05 م]ـ
• قوله رحمه الله تحت الفقرة (2): و كان يقوله في الفرض و النفل، يعني: " وجهت وجهي ... "
و قال في الهامش: فمن خص الحديث بالنفل فقد وهم.اهـ
قلت: قد بيّن الشيخ رحمه الله في " تمام المنة " (ص 175) وجه ذلك فقال:
واما قول الحافظ ابن حجر في " بلوغ المرام " بعد أن ساق رواية مسلم المطلقة وهي المذكورة عند المؤلف: " وفي رواية له أن ذلك في صلاة الليل " وتبعه على ذلك الشوكاني فقال في " نيل الأوطار " (2/ 161): " وأما مسلم فقيده بصلاة الليل وزاد لفظ: من جوف الليل "
قلت (الألباني رحمه الله): وهذا وهم كله فليس عند مسلم (2/ 185 - 186) القيد المذكور ولا الزيادة المذكورة وإنما هي في حديث ابن عباس الذي ساقه قبل هذا الحديث بحديث بلفظ: " كان يقول إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل: اللهم لك الحمد. . " وهو النوع السابع في الكتاب فكان الشوكاني انتقل بصره إليه حين الكتابة فوقع في الخطأ.
وأما الحافظ فلعل سبب وهمه أن مسلما رحمه الله أورد الحديث في زمرة أحاديث قيام الليل ويبدو أن مثل هذا الوهم قديم فقد أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية في آخر كلامه على هذا الحديث من " الكلم الطيب (ص 58 - بتحقيقي) فإنه قال: " ويقال: إن هذا كان في قيام الليل "
وقد علقت عليه ثمة بإيجاز منبها على رواية الترمذي هذه و غيره وعلى وهم الحافظ و الصنعاني و الشوكاني.
ولقد أغرق هذا في الخطأ في كتابه الآخر " السيل الجرار " (1/ 224) فقال في حديث مسلم: " إنه مقيد في " صحيح مسلم " بصلاة الليل وإن أطلقه غيره فحمل المطلق على المقيد متعين " فكأنه كتب هذا من ذاكرته ولم يراجع " النيل " فإنه قال فيه: " وأخرجه أيضا ابن حبان وزاد: " وإذا قام إلى الصلاة المكتوبة " وكذلك رواه الشافعي وقيده أيضا بالمكتوبة وكذا غيرهما وأما مسلم فقيده بصلاة الليل. . " الخ ما سبق نقله عنه آنفا
والخلاصة أن الحديث مقيد بالصلاة المكتوبة عند غير مسلم ممن سبق ذكره فتكون روايته مقيدة بالمكتوبة لا بصلاة الليل كما قال الشوكاني. وإذا كان ذلك مشروعا في الفريضة ففي النافلة من باب أولى كما لا يخفى على أولي النهى.انتهى ما نقلته عن الشيخ الألباني رحمه الله
قلت: هذا الحديث ممّا أشكل عليّ و شغلتني طويلا، فمن جهة؛ نجد الرواية مصرحة بالتقييد بالمكتوبة، و من جهة أخرى؛ نجد أئمة السلف مطبقين على كون ذلك في صلاة الليل.
ففي (الفروع 2/ 111) لابن مفلح، قال الإمام أحمد: " إنما هي عندي في التطوع ".
و قال أبوداود الطيالسي بعد رواية الحديث في " مسنده " (1/ 22): " هذا في صلاة الليل ".
و قال البزار (2/ 168): " و إنما احتمله الناس على صلاة الليل ".
و قال ابن القيم رحمه الله في " الزاد " (1/ 194): المحفوظ أن هذا الاستفتاح إنما كان يقوله في قيام الليل.اهـ
و بعد طول بحث و تأمل، تبيّن لي أن الحديث إنما هو حديثان:
حديث فيه رفع اليدين و لفظه:
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه حذو منكبيه، و يصنعه إذا قضى قراءته، و أراد أن يركع و إذا رفع رأسه من الركوع فعل مثل ذلك، و لا يرفع يديه في شيء من صلاته و هو قاعد، و إذا قام من السجدتين كبر و رفع يديه كذلك ".
و هذا يرويه (عبد الله بن الفضل) عن (الأعرج) و لا يرويه (الماجشون).
و حديث التوجه و لفظه:
" كان إذا قام إلى الصلاة قال: وجهت وجهي ... إلى آخره ".
و هذا يرويه (عبد الله بن الفضل) و (الماجشون) عن (الأعرج). فحدث أن خلط بعض الرواة بين الحديثين فوقع الخطأ و الإشكال.
فحديث " رفع اليدين " رواه (موسى بن عقبة) عن (عبد الله بن الفضل) ...
و رواه عن موسى: (ابن أبي الزناد) ...
و رواه عن ابن أبي الزناد: (سليمان بن داود)، و (إسماعيل بن أبي أويس)، و (عبد الله بن وهب).
فأما سليمان فرواه عنه جماعة و هم:
أحمد: في " مسنده " (717)،
و العباس بن عبد العظيم: في " سنن ابن ماجه " (864)
و أحمد بن منصور: في " سنن الدارقطني " (1)
و محمد بن رافع، و محمد بن يحيى: في " صحيح ابن خزيمة " (584)
و محمد بن ربح: في " سنن البيهقي " (2137)
¥