ـ[عبد الرحمن خالد]ــــــــ[14 - 05 - 07, 02:45 م]ـ
و من (صلاة المريض جالساً)
• قوله رحمه الله (ص 78) عقب حديث عمران " من صلى قائمًا فهو أفضل ... ": و المراد به المريض؛ فقد قال أنس رضي الله عنه:
" خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناس وهم يصلون قعودا من مرض فقال: إن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم ".اهـ
قلت: حمل حديث عمران على المريض مخالف لظاهره و لقول عامة الأئمة من السلف و الخلف، و تفسيره بحديث أنس بعيد و لا يسعفه كما سأبيّنه. و قد ذكر الترمذي رحمه الله في " سننه " (2/ 208) أنّ سفيان قال في الحديث: " هذا للصحيح ولمن ليس له عذر (يعني في النوافل). فأما من كان له عذر من مرض أو غيره فصلى جالسا: فله مثل أجر القائم. قال: و قد روي في بعض هذا الحديث مثل قول سفيان الثوري.اهـ قال الحافظ في " الفتح " (2/ 585): يشير إلى ما أخرجه البخاري في الجهاد من حديث أبي موسى رفعه: " إذا مرض العبد أو سافر كتب له صالح ما كان يعمل و هو صحيح مقيم ". و لهذا الحديث شواهد كثيرة.اهـ
و كذلك قال النووي رحمه الله في " شرح مسلم " (6/ 14):
و هذا الحديث محمول على صلاة النفل قاعدا مع القدرة على القيام فهذا له نصف، و أما إذا صلى النفل قاعدا لعجزه عن القيام فلا ينقص ثوابه بل يكون كثوابه قائما. و أما الفرض فإن الصلاة قاعدا مع قدرته على القيام لم يصح فلا يكون فيه ثواب بل يأثم به.اهـ
هذا، و قال الشيخ الألباني رحمه الله في الحاشية معلقا على الحديث بعد تخريجه:
قال الخطابي:" المراد بحديث عمران المريض المفترض الذي يمكنه أن يتحامل فيقوم مع مشقة فجعل أجر القاعد على النصف من أجر القائم ترغيبا له في القيام مع جواز قعوده ". ثم نقل قول الحافظ في (الفتح): " و هو حمل متجه ".اهـ
قلت: اقتطاع مثل تلك الجملة من كلام الحافظ و بترها عما بعدها، لا يبيّن الصورة الكاملة للوجه الذي قرره الحافظ رحمه الله. بل و يوهم ما لم يقصده. و إليك ما قاله الحافظ (2/ 585):
" و هو حمل متجه ... فمن صلى فرضا قاعداً و كان يشق عليه القيام أجزأه و كان هو و من صلى قائما سواء كما دل عليه حديث أنس و عائشة، فلو تحامل هذا المعذور و تكلف القيام – و لو شق عليه - كان أفضل لمزيد أجر تكلف القيام فلا يمتنع أن يكون أجره على ذلك نظير أجره على أصل الصلاة فيصح أن أجر القاعد على النصف من أجر القائم. و من صلى النفل قاعدا مع القدرة على القيام أجزأه وكان أجره على النصف من أجر القائم بغير إشكال ".اهـ
فالحافظ يقول بقول الجمهور في أن المعذور إذا صلى قاعدًا فله الأجر كاملاً و ليس نصف الصلاة، و هذا مخالف لظاهر تأويل الخطابي و لما فسر به الألباني رحمه الله الحديث.
و لذلك قال الشوكاني رحمه الله كما في " النيل " (3/ 99) تعليقًا على تأويل الخطابي: " وهو محمل ضعيف لأن المريض المفترض الذي أتى بما يجب عليه من القعود و الاضطجاع يكتب له جميع الأجر لا نصفه.
قال ابن بطال: لا خلاف بين العلماء أنه لا يقال لمن لا يقدر على الشيء لك نصف أجر القادر عليه بل الآثار الثابتة عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أن من منعه الله و حبسه عن عمله بمرض أو غيره يكتب له أجر عمله و هو صحيح ".اهـ
قلت: حتى حديث أنس رضي الله عنه فإنّ الإستدلال به لا يتم لأنه وارد في المتنفل القادر، بدليل سياقه في بعض رواياته، ففي مصنف عبد الرزاق (4121) و مسندي أحمد (12418) و أبي يعلى (3583) عن أنس رضي الله عنه قال:
" قدم النبي صلى الله عليه و سلم المدينة و هى محمة فحم الناس فدخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد و الناس قعود يصلون فقال النبي صلى الله عليه و سلم: (صلاة القاعد نصف صلاة القائم)، فتجشم الناس الصلاة قياما ".
و هذا رجاله رجال الشيخين و هو يدل على أمرين؛ أحدهما أن الصلاة التي كانوا يصلون كانت نافلة، و قد بيّنه حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، و هو في الموطأ، قال:
" لما قدمنا المدينة نالنا وباء من وعكها شديد، فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم على الناس و هم يصلون في سبحتهم قعودا فقال: (صلاة القاعد على نصف صلاة القائم) ".
و عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:
" قدمنا المدينة فنالنا وباء من وعك المدينة شديد و كان الناس يكثرون أن يصلوا في سبحتهم جلوسا. فخرج النبي صلى الله عليه و سلم عليهم عند الهاجرة و هم يصلون في سبحتهم جلوسا، فقال: " صلاة الجالس نصف صلاة القائم ". قال: و طفق الناس حينئذ يتجشمون القيام ".
رواه عبد الرزاق (4120) بسند رجاله رجال الشيخين.
قلت: و قيام الناس بعد سماعهم كلام رسول الله صلى الله عليه و سلم دليل على قدرتهم على ذلك و لو مع المشقة، و كان في وسع القوم - و الحال أنهم في نافلة - أن يصلوا قاعدين، و لكن رغبتهم في الثواب دفعهم إلى ما صنعوا. رضي الله عنهم و أرضاهم أجمعين.
جزاك الله خيرا على هذا البحث القيم الجميل, وكثر الله من أمثالك:
مجموع فتاوى ابن تيمية:
كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: {صَلَاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ وَصَلَاةُ الْمُضْطَجِعِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَاعِدِ} وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَعْذُورُ كَمَا فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ خَرَجَ وَقَدْ أَصَابَهُمْ وَعْكٌ وَهُمْ يُصَلُّونَ قُعُودًا فَقَالَ ذَلِكَ
وهل هناك فرق بين الذي يشق عليه القيام ولكنه يقدر عليه ولكن بمشقة وألم, وبين الذي لا يستطيع مطلقا القيام؟؟؟ ماحكم هذين القسمين على ضوء بحثنا؟
واظن الشيخ الالباني يقصد القسم الاول من يستطيع ولكن يشق عليه, فاذا كان يقصد هذا هل يغير من البحث شيئا؟؟
¥