تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: مدار هذا الحديث على جعفر بن سليمان عن علي بن علي الرفاعي عن أبي المتوكل عن أبي سعيد. و العلة ليست في (علي) وحده كما ذكر الترمذي، و لكنها كذلك فيمن روى عنه كما ذكر أبو داود؛ فجعفر ليس بذاك الذي يحتمل تفرده بأصل، و أمّا شيخه علي بن علي الرفاعي، فقال ابن حبان في " كتاب المتروكين " (2/ 112): كان ممن يخطء كثيرا على قلة روايته وينفرد عن الأثبات بما لا يشبه حديث الثقات لا يعجبني الاحتجاج به إذا انفرد؛ روى عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة من الليل كبر ثم يقول: سبحانك اللهم ... " و ذكر الحديث.اهـ

قلت: و ثمة علة أخرى و هي اضطراب المتن؛ فقد ورد بألفاظ مختلفة اختلافًا بيّنًا، و هذا بيانها:

- " سبحانك ... ثم لا إله إلا الله (ثلاثًا)، و الله أكبر كبيرًا (ثلاثًا) ثم التعوذ ". و هو اللفظ الذي اقتصر عليه الشيخ الألباني رحمه الله.

و هذا رواه عبد السلام بن مطهر عن جعفر، أخرجه أبو داود (775) و الطحاوي (1073)

- " سبحانك ... ثم هلل ثلاثا؛ لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله. ثم كبر ثلاثا؛ الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر. ثم التعوذ ".

و هذا رواه زكريا بن عدي عن جعفر، أخرجه البيهقي (2179)، و محمد بن موسى الحرشي أخرجه ابن خزيمة (467)، و سيار بن حاتم، مع تقديم التكبير على التهليل، أخرجه تمام في " فوائده " (117)

- " سبحانك ... ثم يهلل ثلاثًا و يكبر ثلاثًا " رواه هكذا مجملا عبد الرزاق عن جعفر، أخرجه في " مصنفه " (2554).

- " سبحانك ... و لا إله غيرك " فحسب، دون تهليل و لا تكبير و لا استعاذة.

و هذا رواه عن جعفر:

الحسن بن الربيع: أخرجه أحمد (11675) و الطبراني في " الدعاء " (502)،

و زيد بن الحباب: أخرجه النسائي (900)،

و عبد الرزاق: أخرجه النسائي أيضًا (899) و الطبراني في " الدعاء " (501)،

و زكريا بن عدي: مع زيادة الإستعاذة، أخرجه الدارمي (1239)،

و عبد السلام بن مطهر: من طريق محمد بن يحيى، أخرجه الطبراني في " الدعاء " له (501)

- " سبحانك ... و لا إله غيرك (ثلاثًا) ثم التعوذ ". رواه عن جعفر: إسحاق بن أبي إسرائيل، أخرجه أبو يعلى (1108) و الدارقطني (4)

- " سبحانك ... ثم التهليل ثلاثًا ثم التعوذ ثم الله أكبر ثلاثًا " رواه محمد بن الحسن بن أنس عن جعفر، أخرجه أحمد (11491).

و لعلك تدرك بعد هذا لِمَ لَمْ يعبأ الإمام أحمد بالحديث.

ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[15 - 05 - 07, 02:46 ص]ـ

جزاك الله خيراً يا شيخ عبدالوهاب، ونفع بما قلت .. فوائد قيمة.

ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[15 - 05 - 07, 05:17 ص]ـ

حديث أنس بهذا اللفظ يختلف عن الحديث الذي احتججت به سابقاً فإن هذا الحديث السابق فيه التصريح أنهم كانوا قاعدين من مرض

وهذا يخالف ما تذهب إليه من أن المريض يكتب له الأجر كاملاً لعدم قدرته

والحديث عام في النفل والفريضة وقد احتججت على أن صلاتهم كانت نفلاً بخبر ابن عمرو وقد تبين لك ضعفه

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

لكي نفهم المسألة و نستوعبها، نأتيها بالتدرج:

روى البخاري في صحيحه (1117) من حديث عمران بن حصين أنه قال: " كانت بي بواسير فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: صل قائما. فإن لم تستطع فقاعدا. فإن لم تستطع فعلى جنب "

هذا فيه نص على العاجز عن القيام صلاته تامة؛ لأنه أداها كما أُمر.

و فيه أن القيام ركن للقادر عليه. و هذا بظاهره يشمل الفرض و النفل.

لكن النافلة استُثنيتْ بدليل:

صلاة النبي صلى الله عليه و سلم على راحلته.

و بإقراره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلاة الصحابة كما في حديث أنس رضي الله عنه.

قد تقول من أين لك أن تعرف أن الصلاة التي كانوا يصلون كانت نافلة؟

فالجواب: ظاهر الحديث و هو قوله " خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم على ناس و هم يصلون قعودا ". طبعا خرج - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من حجرته إلى المسجد لأن حجراته كانت شوارع للمسجد. فوجد أناسا يصلون. فهل يعقل أن يقال: أنهم كانوا يصلون فرضا؟ و هم لا يقومون إلا إذا خرج إليهم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - و رأوه.

فالحديث كالنص على أن الصلاة التي وجد رسول ُ الله الناس يصلونها نافلة.

و قد تقرر آنفا أن التنفل من جلوس مباح بعذر و بغير عذر.

و كأن النبي صلى الله عليه و سلم لما رأى كثرة مَن يصلي جالسا، أراد أن يرغبهم في الأجر فقال: " إن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم! "

فإن قلتَ: إنما قال رسول الله صلى الله علبيه و سلم ذلك لمن كانوا يصلون قعودًا من مرض، فكيف تكون صلاة القاعد منهم على النصف من صلاة القائم؟؟؟ و الحال أنك تقول أن المعذور صلاته كاملة سواء كانت فرضًا أو نفلا؟؟؟

فالجواب سهل لمن فتح الله بصيرته على كلام نبيه صلى الله عليه و سلم. ذلك أن قوله: " وهم يصلون قعودا من مرض " ليس من كلام النبي صلى الله عليه و سلم، و إنما هو من كلام أنس ليبين عذر القوم الذين كانوا يصلون قعودا. و النبي صلى الله عليه و سلم لم يستفسر عن حالهم لأن القيام ليس بحتم في النافلة.

و بهذا تلتئم النصوص و يصدق بعضها بعضا و الحمد لله رب العالمين!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير