ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[15 - 05 - 07, 05:36 م]ـ
و من (نسخ القراءة وراء الإمام في الجهرية)
• قوله رحمه الله (ص: 98 - 99): وكان قد أجاز للمؤتمين أن يقرؤوا بها وراء الإمام في الصلاة الجهرية حيث كان (في صلاة الفجر فقرأ فثقلت عليه القراءة فلما فرغ قال:
" لعلكم تقرؤون خلف إمامكم " قلنا نعم هذا يا رسول الله قال:
(لا تفعلوا إلا [أن يقرأ أحدكم] بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها) ".اهـ
قلت: الحديث ضعيف، رواه الحفاظ من أهل الشام عن مكحول عن عبادة مرسلاً. و مراسيل مكحول ضعيفة.
و أصل الحديث عن " مكحول عن نافع بن محمود عن عبادة "، فأسقط مكحول نافعاً لجهالته، و مكحول مدلس و قد رواه بالعنعنة في كل الطرق، و هو و إن كان ثقة إلا أن فيه ضعفاً. و رواه أيضاً عن محمود بن الربيع عن عبادة، و هذه الطرق كلها عند أبي داود. و خالفه الزهري، فرواه عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ:" لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ". أخرجه البخاري ومسلم، و قال الترمذي: هذا أصح
قال ابن عبد البر في " التمهيد " (11/ 46): ومثل هذا الاضطراب لا يثبت فيه عند أهل العلم بالحديث شيء وليس في هذا الباب مالا مطعن فيه من جهة الإسناد غير حديث الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة وهو محتمل للتأويل. اهـ
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " المجموع " (23/ 268):
وهذا الحديث معلل عند أئمة الحديث بأمور كثيرة، ضعفه أحمد وغيره من الأئمة، و قد بسط الكلام على ضعفه في غير هذا الموضع، و بين أن الحديث الصحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا صلاة إلا بأم القرآن " فهذا هو الذي أخرجاه في الصحيحين، و رواه الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة، و أما هذا الحديث فغلط فيه بعض الشاميين، و أصله أن عبادة كان يؤم ببيت المقدس، فقال هذا الكلام، فاشتبه عليهم المرفوع بالموقوف على عبادة. اهـ
• قوله رحمه الله: ثم نهاهم عن القراءة كلها في الجهرية و ذلك حينما " انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة (و في رواية: أنها صلاة الصبح) فقال:
" هل قرأ معي منكم أحد آنفا؟ " فقال رجل: نعم أنا يا رسول الله فقال: إني أقول:" ما لي أنازع ". [قال أبو هريرة:] فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما جهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقراءة - حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم [وقرؤوا في أنفسهم سرا فيما لا يجهر فيه الإمام] ".اهـ
قلت: ترتيب الشيخ رحمه الله المسألة بهذه الطريقة لا يخلو من نظر. ذلك أن قوله صلى الله عليه و سلم: " هل قرأ معي منكم أحد؟ " فيه دليل على أنه لم يكن سبق منه أمر بقراءة الفاتحة، لا على وجه الإيجاب و لا على وجه الإجازة، و إلا لما سألهم إن كانوا يقرأون وراءه أم لا.
و قوله: " قال أبو هريرة: فانتهى الناس عن القراءة ... إلخ ". ليس من رواية أبي هريرة، بل هو مدرج من كلام الزهري.
نص على ذلك أبو داود (1/ 278) و قال: و سمعت محمد بن يحيي بن فارس قال: قوله " فانتهى الناس " من كلام الزهري.
و الترمذي و قال (2/ 118): و روى بعض أصحاب الزهري هذا الحديث و ذكروا هذا الحرف، قال: قال الزهري: " فانتهى الناس عن القراءة حين سمعوا ذلك من رسول الله صلي الله عليه وسلم ".
و الحافظ ابن حجر في " التلخيص " (1/ 231) و قال: قوله " فانتهي الناس، إلى آخره " مدرج في الخبر من كلام الزهري، وبينه الخطيب و اتفق عليه البخاري في التاريخ و أبو داود و يعقوب بن سفيان و الذهلي و الخطابي و غيرهم. اهـ
قلت: حديث أبي هريرة هذا، فيه الزجر الشديد عن قراءة شيء من القرآن أثناء قراءة الإمام، سواء كانت قراءة المأموم جهراً أو مخافتة في النفس. أما الجهر فلأنها تؤدي إلى منازعة الإمام و التهويش عليه، و هذا يشمل الفاتحة لأن العلة متناولة لها. و أما السر فلأنها تمنع من الإنصات الذي أمر الله تعالى و أمر به النبي صلى الله عليه و سلم و جعله من تمام الإئتمام.
• قوله رحمه الله (ص: 100): كما جعل الإستماع له مغنياً عن القراءة وراءه فقال:
" من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة "، هذا في الجهرية. اهـ
¥