ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[16 - 05 - 07, 08:34 م]ـ
• قوله رحمه الله: و " يخافت فيها مخافتة، بعد التكبيرة الأولى ". و عزاه في الحاشية للنسائي و الطحاوي و قال: بسند صحيح.اهـ
قلت: هذه الجملة تابعة لفصل القراءة في صلاة الجنازة. و هي معطوفة على قوله:" السنة أن يقرأ فيها بفاتحة الكتاب و سورة ". و مثل هذا التركيب في نظري فيه إيهام؛ لأنه يوقع القارئ في أوهام و يلبس عليه الأمر. إذ أنّ ظاهر كلام الشيخ رحمه الله يُفهَم منه أن السنة؛ قراءة الفاتحة مع سورة مخافتة. و هذا ما ليس في الحديث الذي أشار إليه، و نصه هو:
" السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ في التكبيرة الأولى بأم القرآن مخافتة ثم يكبر ثلاثا والتسليم عند الآخرة ".
هذا لفظ النسائي (1989)، و لفظ الشافعي في " مسنده " (1644):
" السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سراً في نفسه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم و يخلص الدعاء للجنازة في التكبيرات لا يقرأ في شيء منهن، ثم يسلم سراً في نفسه ".
و الحديث رواه أيضاً ابن أبي شيبة (11379)، و عبد الرزاق (6428) و ابن الجارود (540) و الطبراني في " مسند الشاميين " (3000) و الطحاوي في " شرح معاني الآثار " (2639)
فالسنة إذاً قراءة الفاتحة، لا غير.
ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[16 - 05 - 07, 08:58 م]ـ
و من (الركوع)
• قوله رحمه الله (ص: 1287) تعليق رقم (5): و هذه السكتة قدرها ابن القيم و غيره بقدر ما يترادّ إليه نَفَسه.اهـ
قلت: الكلام الذي نقله عن ابن القيم رحمه الله – و أصله عن قتادة - يحتاج إلى دليل، و الظاهر من الحديث أن هذه السكتة تعبدية، يلزم من يقول بسنية السكتة الأولى أن يقول بسنية هذه أيضاً، لأن الحديث لم يفرق بينهما.
ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[16 - 05 - 07, 09:02 م]ـ
و من (الإعتدال من الكوع و ما يقول فيه)
• قوله رحمه الله (ص: 135): " كان صلى الله عليه وسلم يرفع صلبه من الركوع قائلا: سمع الله لمن حمده " ... وأمر بذلك كل مصل مؤتما أو غيره فقال: " صلوا كما رأيتموني أصلي ".
وكان يقول: " إنما جعل الإمام ليؤتم به. . وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: [اللهم] ربنا ولك الحمد، يسمع الله لكم فإن الله تبارك وتعالى قال على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: سمع الله لمن حمده ".
و كتب رحمه الله معلقاً على هذا الحديث فقال:
(تنبيه): هذا الحديث لا يدل على أنّ المؤتم لا يشارك الإمام في قوله:" سمع الله لمن حمده "، كما لا يدل على أن الإمام لا يشارك المؤتم في قوله:" ربنا لك الحمد ". إذ أن الحديث لم يُسَق لبيان ما يقوله الإمام و المؤتم في هذا الركن، بل لبيان أن تحميد المؤتم إنما يكون بعد تسميع الإمام. و يؤيد هذا أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول التحميد و هو إمام، و كذلك عموم قوله عليه السلام:" صلوا كما رأيتموني أصلي " يقتضي أن يقول المؤتم ما يقوله الإمام كالتسميع و غيره.اهـ
قلت: قد وقفتُ على رد للشيخ ابن جبرين حفظه الله على ما سبق فقال ما نصه:
إن هذا التعليق غير صحيح، فالحديث تعليم للأمة ما يقولون و ما يفعلون. و قد ورد عدة أحاديث مثله، كحديث أنس عند البخاري برقم (805) و فيه:" إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبّر فكبّروا ... و إذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا و لك الحمد ... " إلخ. فأمرهم بالتكبير كالإمام و لم يأمرهم بالتسميع بل بالتحميد، و قد ثبت قوله صلى الله عليه و سلم:" إذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا و لك الحمد " عن أبي هريرة و أبي موسى الأشعري في الصحيحين و غيرهما كما ذكرها في (جامع الأصول) برقم3881 بعدة روايات، و فيها أمرهم بالتكبير بعد تكبير الإمام و بالتحميد بعد تسميع الإمام.
و ذلك لأن التكبير من أفضل أنواع الذكر، فيأتي به المأموم سراً ليستحضر أن الله تعالى أكبر من كل شيء، بخلاف التسميع فإنه إخبار من الإمام لمن خلفه بسماع الله للحمد. فكأنه يقول: احمدوا ربكم فإنه يسمع حمدكم سماع قبول و إجابة. فهو في حق الإمام لإعلام مَن خلفه بالرفع من الركوع و تذكيرهم بفضل الحمد ليبادروا فيحمدوه.
و أما قوله:" فإن الله تعالى قال، و في لفظ: قضى على لسان نبيّه ... إلخ "، ففيه الإخبار عن الله تعالى بواسطة نبيّه أن يسمع لمن حمده، فهو كالأمر بالحمد الذي قضاه الله.
و أما حديث:" صلوا كما رأيتموني أصلي" ففيه الأمر بالمتابعة فيما يدرك بالبصر لا بالسمع، فلذلك عبّر بقوله:" كما رأيتموني"، و معلوم أن التسميع مما يسمع بالأذن، لا مما يرى بالعين. ثم هو أمر بالإتباع في الأفعال من حيث الجملة، و لو كان عاما لما يسمع لدخل في ذلك القراءة في الجهرية، و قد أجمعوا على أن المأمومين لا يقرأون السورة بعد الفاتحة في الجهرية و وقع خلاف في قراءة الفاتحة للمأموم ...
ثم نقل عن ابن قدامة قوله:
و لنا قول النبي صلى الله عليه و سلم:" إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا و لك الحمد ". و هذا يقتضي أن يكون قولهم:" ربنا و لك الحمد "عقيب قوله:" سمع الله لمن حمده " بغير فصل، لأن الفاء للتعقيب، و هذا ظاهر يجب تقديمه على القياس و على حديث بريدة، لأن هذا صحيح مختص بالمأموم و حديث بريدة في إسناده جابر الجعفي، و هو عام، و تقديم الصحيح الخاص أولى.اهـ
¥