قلت: الدليل؛ أن التشهد الأول لا يُشرع في الفريضة في أقل و لا أكثر من ركعتين، و هذا التشهد قد وقع بعد ثماني ركعات، و ليس له نظير في الفريضة، فلا يلحق به للفارق بينهما.
و الخلاصة: أن حديث عائشة رضي الله عنها لا يسعف من استدل به على شرعية الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم في التشهد الأول للوجوه التي سبق ذكرها، و الله تعالى أعلم.
و أما قوله رحمه الله: وسن ذلك لأمته حيث أمرهم بالصلاة عليه بعد السلام عليه، فبيّنه في الحاشية بقوله:
قالوا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك - أي في التشهد - فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد ... الحديث. فلم يخصّ تشهدا دون تشهد، ففيه دليل على مشروعية الصلاة عليه في التشهد الأول أيضا، و هو مذهب الإمام الشافعي كما نصّ عليه في كتابه (الأم) ... و قد جاءت أحاديث كثيرة في الصلاة عليه - صلى الله عليه و سلم - في التشهد و ليس فيها أيضا التخصيص المشار إليه، بل هي عامة تشمل كل تشهد. كما أن القول بكراهة الزيادة في الصلاة عليه في التشهد الأول على (اللهم صل على محمد) مما لا أصل له في سنة و لا برهان عليه بل نرى أنّ مَن فعل ذلك لم ينفذ أمر النبي صلى الله عليه و سلم المتقدم ... إلخ.اهـ
قلت: قوله أثناء الحديث " أي في التشهد " هذا التفسير منه - رحمه الله - أو ممن نقل عنه، و ليس في أحاديث صفة الصلاة شيء من ذلك، و هي كلها عامة إلا ما رُوي من طريق ابن إسحاق من حديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه زيادة " إذا نحن صلينا في صلاتنا "، و هذه الزيادة معلولة بتفرد ابن إسحاق، و هي متعلقة بأحاديث الأحكام. و ابن إسحاق ليس بحجة فيما ينفرد به في الأحكام.
قال عبدالله بن أحمد بن حنبل قيل لأبي: يحتج به - يعني ابن اسحاق –؟ قال:لم يكن يحتج به في السنن.
و قيل لأحمد: إذا انفرد ابن اسحاق بحديث تقبله؟ قال: لا، والله إني رأيته يحدث عن جماعة بالحديث الواحد و لا يفصل كلام ذا من كلام ذا.اهـ من السير (7/ 46)
و قال أحمد: " و أما ابن اسحاق فيكتب عنه هذه الأحاديث – يعني المغازي و نحوها - فإذا جاء الحلال و الحرام أردنا قوماً هكذا - قال أحمد ابن حنبل- بيده و ضم يديه و أقام الإبهامين ".اهـ من تاريخ ابن معين (2/ 504 - 55)
و قال الذهبي في السير (7/ 41): و أما في أحاديث الأحكام فينحط حديثه فيها عن رتبة الصحة إلى رتبة الحسن إلا فيما شذ فيه، فإنه يعد منكراً.اهـ و ما نقلته من كلام أحمد و غيره استفدته من أخي الشيخ عبد الرحمن بن عمر الفقيه الغامدي بارك الله في علمه.
و اعلم أنّ أحاديث التشهد كثيرة و كلها اقتصرت على التشهد الأول إلى قوله: " و أشهد أن محمدا عبده و رسوله "، و قد سبق بيان ذلك. فتذكره.
• قوله رحمه الله تحت حديث فيه الجمع بين (إبراهيم و آل إبراهيم): فها قد جئناك به صحيحاً، و هذا في الحقيقة من فوائد هذا الكتاب إلخ.اهـ
قلت: قد سبق إلى ذلك الحافظ ابن رجب رحمه الله في كتابه " القواعد " حيث قال في (القاعدة الثانية عشرة: قد ثبت في صحيح البخاري الجمع بينهما من حديث كعب بن عجرة، و أخرجه النسائي من حديث كعب أيضا و من حديث أبي طلحة.اهـ
ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[18 - 05 - 07, 02:16 ص]ـ
و من (القيام إلى الركعة الثالثة ثم الرّابعة)
• قوله رحمه الله (ص: 177): ثم كان صلى الله عليه وسلم ينهض إلى الركعة الثالثة مكبراً وأمر به (المسيء صلاته) في قوله: " ثم اصنع ذلك في كل ركعة و سجدة " كما تقدم.
و " كان صلى الله عليه وسلم إذا قام من القعدة كبر ثم قام "
و " كان صلى الله عليه وسلم يرفع يديه " مع هذا التكبير أحيانا. اهـ
قلت: قوله " ينهض مكبراً "؛ يعني مقارنة التكبير للنهوض، و هذا لا ينسجم مع قوله بعدُ: " كبر ثم قام " التي تعني أنه أتم التكبير قاعداً ثم قام.
و الحديث الذي احتج به على التكبير أولاً ثم القيام رواه أبو يعلى في مسنده (6029): حدثنا كامل بن طلحة حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة: عن أبي هريرة
" أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان إذا أراد أن يسجد كبر ثم يسجد و إذا قام من القعدة كبر ثم قام ".
¥